جسر من الثقافة.. عمان ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب أحد أبرز المحافل الثقافية في الوطن العربي، فهو نافذة مشرعة على عالم الفكر والإبداع، وجسرٌ يربط بين الحضارات والشعوب، يحمل في طياته إرثًا عريقًا من التواصل الثقافي الذي يجسد روح مصر الحضارية.

وعلى مدى عقود، أصبح المعرض رمزًا للهوية الثقافية المصرية، ومهرجانًا للكتاب، حيث تنبض أروقته بحياة تتجدد كل عام، تجمع بين الكُتاب والمبدعين ودور النشر والجمهور في حوار مستدام بين الماضي والحاضر والمستقبل.

عمان ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب

في دورته السادسة والخمسين، يواصل المعرض مسيرته في الاحتفاء بالتنوع الثقافي من خلال اختيار سلطنة عمان ضيف شرف لهذه الدورة المميزة، وهو اختيار يعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية بين مصر وعمان، هذه الروابط ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عصور موغلة في القدم، حينما كانت الطرق البحرية بين البلدين شاهدة على تبادل الثقافات والمعرفة.

عمان، البلد الذي يختزل في مساحاته الشاسعة تاريخًا طويلًا من الحضارات، تمتد جذوره إلى آلاف السنين، حيث تشير المكتشفات الأثرية إلى حضارات تعود إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد. إنها أرضٌ ارتبطت بالحكمة والإبداع، وخرج منها علماء وأدباء نقشوا أسماءهم في ذاكرة الإنسانية، كالعالم الخليل بن أحمد الفراهيدي، واضع علم العروض، والطبيب والصيدلاني راشد بن عميرة، والفيزيائي ابن الذهبي، الذين أسهموا بإنجازاتهم في رفد الحضارة العربية والإسلامية.

عمان ليست فقط بلدًا للعلماء والمبدعين، بل هي أيضًا رمزٌ للتواصل الحضاري والانفتاح الثقافي، فمنذ القدم، حمل العمانيون شراعهم، الذي يمثل رمزًا وطنيًا، وأبحروا إلى أرجاء العالم، ناقلين ثقافتهم، ومتأثرين بما جلبوه من معارف وتجارب الشعوب الأخرى، لقد كانت عُمان، بموقعها الجغرافي المتميز، ملتقى طرق الحضارات، وجسرًا يربط بين الشرق والغرب، حيث استقبلت وأثرت وتأثرت، مما جعلها نموذجًا للتنوع والتسامح.

واليوم، بينما تسلط الأضواء على سلطنة عُمان في معرض القاهرة الدولي للكتاب، تتجلى ملامح هذا التراث العريق، من معالمها الأثرية التي تروي قصصًا عن أمجاد الماضي، إلى أزيائها التقليدية التي تعكس عراقة المجتمع العُماني وأصالته، تظهر السلطنة كلوحة نابضة بالحياة، تحمل في تفاصيلها جمال التنوع وعبق التاريخ.

إن الملابس العُمانية التقليدية، بألوانها الزاهية وتصاميمها الفريدة، لا تزال شاهدة على تماسك الهوية الثقافية للمجتمع العُماني، حيث يفتخر بها الرجال والنساء والأطفال، ويحرصون على ارتدائها في المناسبات المختلفة، كجزء أصيل من إرثهم.

نهضة عمان الثقافية

ولا يمكن الحديث عن سلطنة عمان دون الإشارة إلى نهضتها الثقافية المعاصرة، فقد أصبح هذا البلد اليوم نموذجًا يحتذى به في الحفاظ على التراث، مع السعي نحو مواكبة العصر. فمن خلال مبادراتها الثقافية المتنوعة، واحتضانها للفنون والأدب، تواصل عمان بناء جسور التواصل مع العالم، مؤكدة أن الثقافة هي القوة الناعمة التي تعزز مكانة الأمم.

اختيار سلطنة عُمان ضيف شرف هذه الدورة من معرض القاهرة الدولي للكتاب يحمل دلالات عميقة. فهو ليس فقط تقديرًا لإسهامات عُمان الحضارية، بل هو أيضًا احتفاء بقيم الانفتاح والحوار التي تجمع بين مصر وعُمان، وتمثل نموذجًا لما يمكن أن يحققه التعاون الثقافي بين الدول.

وفي هذا التكريم، دعوة للتعرف على إرث عُمان الزاخر، والنهل من ينابيعها الثقافية التي لا تنضب، ليبقى معرض القاهرة الدولي للكتاب دائمًا منارة للتنوع والإبداع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق