أفرجت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن ثلاثة محتجزين إسرائيليين في إطار المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، وذلك وسط إجراءات أمنية وتنظيمية مشددة مقارنة بالدفعات السابقة.
في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح 183 أسيراً فلسطينياً، بينما شهد معبر رفح خروج أول دفعة من المرضى والجرحى لتلقي العلاج في مصر لأول مرة منذ ثمانية أشهر.
وتأتي هذه التطورات في سياق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، وسط أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة.
نقطتين مختلفتين
ووفقا لشهود عيان ومصادر محلية، تمت عملية التسليم عبر نقطتين مختلفتين الأولى في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، والثانية قرب ميناء غزة على شارع الرشيد الساحلي.
وسلمت كتائب القسام المحتجز كيث شمونسل سيجل (60 عامًا)، الحامل للجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة. وظهر سيجل مرتديًا ملابس داكنة ويحمل مظروفين.
وقالت مصادر في حماس إنهما يحتويان على هدايا له ولزوجته، ولوح سيجل للحشود التي تجمعت لمشاهدة عملية التسليم قبل نقله إلى إسرائيل عبر ممثلي الصليب الأحمر.
وفي وقت سابق، نقل عناصر القسام المحتجزين الآخرين، عوفر كالدرون، الحامل للجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية، وياردن بيباس، إلى منصة أقيمت على أنقاض منزل مدمر، حيث وضعت صور لقادة الحركة، وفق شهود عيان، ثم تم تسليمهما فرادى إلى ممثلي الصليب الأحمر الدولي.
عملية الإفراج
وجرت عملية الإفراج وسط إجراءات تنظيمية أكثر انضباطا، مقارنة بالمشهد الذي حدث الخميس الماضي، عندما تجمع عدد كبير من المسلحين والمدنيين حول مواقع التسليم، ما أثار قلقا لدى الجانب الإسرائيلي.
وانتشر العشرات من المسلحين الفلسطينيين، الذين وصلوا بمعدات عسكرية وارتدوا أقنعة، في محيط نقاط التسليم، بينما شهدت العملية استعراضًا عسكريًا لعناصر القسام. قال مراقبون انه قد يستفز اسرائيل التي تسعى لإنهاء الحركة في قطاع غزة
وفي بيان لها، قالت حركة حماس إن الإفراج عن المحتجزين الثلاثة جاء مقابل إطلاق سراح دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين، ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق.
وأضاف البيان أن وضع صور القيادات العسكرية لكتائب القسام خلال عملية التسليم كان “رسالة عهد ووفاء”، مشيرا إلى أن الحركة وفرت الرعاية الطبية للمحتجز الإسرائيلي الحامل للجنسية الأمريكية رغم ما وصفته بـ”الظروف القاسية”.
واعتبرت الحركة أن الحالة الصحية الجيدة للأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم تعكس “التزامها بالقيم الأخلاقية”، مقارنةً بما وصفته بـ”انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين”. كما وصفت احتشاد الفلسطينيين لمشاهدة عملية التسليم بأنه “استفتاء على نهج المقاومة”.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي استلام المحتجزين الثلاثة، مشيرًا إلى أنهم عبروا الحدود برفقة ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث خضعوا لفحوصات طبية فور وصولهم إلى نقطة الاستيعاب الأولية.
وفي المقابل، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 183 أسيرًا فلسطينيًا ضمن الدفعة الرابعة من صفقة التبادل، وفق مصادر فلسطينية.
وقال عبد الله زغاري، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، إن الأسرى المفرج عنهم نُقلوا عبر الصليب الأحمر، حيث توجه 150 منهم إلى قطاع غزة، بينهم محكومون بالمؤبد وأحكام عالية، فيما نقل 32 آخرون إلى الضفة الغربية، بالإضافة إلى أسير يحمل الجنسية المصرية.
وأوضح زغاري أن أسرى الضفة أُفرج عنهم عبر سجن “عوفر” قرب رام الله، بينما غادر أسرى غزة من سجن “كتسيعوت” في النقب إلى معبر كرم أبو سالم.
وفي الضفة الغربية، استقبلت طواقم مختصة الأسرى وسط انتشار أمني فلسطيني مكثف، بينما أفادت هيئة شؤون الأسرى بأن سبعة من المفرج عنهم سيتم إبعادهم إلى الخارج.
وفي قطاع غزة حمل الأسرى المفرج عنهم على الاكتاف وسط فرحة في أوساط عائلتهم.
الفوج الأول من المرضى
وفي خطوة هي الأولى منذ ثمانية أشهر، غادر السبت الفوج الأول من المرضى والجرحى الفلسطينيين قطاع غزة عبر معبر رفح إلى الأراضي المصرية، لتلقي العلاج تحت إشراف منظمة الصحة العالمية، وفق مصادر فلسطينية.
وتجمع المرضى ومرافقوهم في مستشفيي الشفاء بمدينة غزة وناصر في خان يونس قبل نقلهم إلى المعبر بعد مراجعة أسمائهم، بينما نُقلت الحالات الحرجة عبر سيارات إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني، وفق مسؤول صحي فلسطيني.
وقال مدير عام المستشفيات في غزة، محمد زقوت، إن 50 مريضا وجريحا حصلوا على موافقة للسفر، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية تشرف على العملية.
وأضاف أن أكثر من 000ر6 جريح ومريض بحاجة إلى علاج طارئ خارج القطاع، بينما يقدر عدد من يحتاجون إلى رعاية طبية بالخارج بنحو 000ر12 شخص.
وانتقد زقوت طريقة مغادرة الجرحى مشيرا إلى ان الاحتياجات كبيرة وهناك خشية من اطالتها.
وفي هذا السياق، أفادت الإذاعة العبرية بأن الجيش الإسرائيلي انسحب الجمعة من معبر رفح وسلمه للقوات الدولية، مشيرة إلى أن إسرائيل وافقت على قائمة المرضى المغادرين للعلاج.
ويأتي ذلك في ظل أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الإمدادات الطبية وارتفاع أعداد الإصابات. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية، ريك بيبركورن، إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل جزئيًا، مشددًا على الحاجة العاجلة إلى دعم طبي إضافي.
وتوصلت حماس وإسرائيل، بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، إلى اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في 15 يناير، والذي يتضمن ثلاث مراحل.
وتنص المرحلة الأولى، التي تمتد على مدار 42 يومًا، على الإفراج عن 33 رهينة إسرائيلية مقابل إطلاق سراح 890ر1 أسيرًا فلسطينيًا، بالإضافة إلى تدابير أخرى، من بينها فتح المعابر والسماح بعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة.
وجاء الاتفاق بعد أشهر من المفاوضات المتعثرة، في ظل تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع.
0 تعليق