شهدت قاعة الشعر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الأحد، ندوة لمناقشة الشاعر والإعلامي المغربي مصطفى غلمان، أدار الندوة وحاوره الكاتب هشام محمود.
الشاعر المغربي مصطفى غلمان وُلد في عام 1964 بمدينة مراكش، ليكون أحد أبرز الأصوات الشعرية والإعلامية في المغرب، وهو يحمل إجازتين في الأدب العربي والصحافة والإعلام، وقد حظي بمسيرة إعلامية متميزة، فقد تولى رئاسة أول نادي إعلامي في مراكش وكان له دور بارز في العديد من الهيئات والمنظمات العربية والدولية.
ندوات الشعر بمعرض الكتاب
على الصعيد الأدبي، أبدع غلمان في كتابة الشعر، فأصدر عدة دواوين تُعد من أبرز أعماله: "خاتمة لدبيب الوشي" (1998)، "ما جاء في الرؤية عند ازدحام الأثر" (2000)، "على شفا موت" (2002)، و"قاعدة البطريق" (2006)..
رؤية للشعر
في كلمته، قال الشاعر إن أسئلة الشعر وماهيته لا تنتهي أبدًا، فهي تشبه سماء متعاركة مليئة بالتعددية في القيم والأدب والفلسفة والمفاهيم، فالشاعر، من وجهة نظره، لا يمتلك موضوعات ثابتة، بل يتعامل مع كلمات هي أداة التعبير عن الأفكار والمشاعر.
يعتقد غلمان أنه من البديهي أن نؤكد أن اللغة هي قوة التجريد والخيال، وهي التي تساعدنا على تكوين مفاهيمنا عن العالم، دون أن يكون لها وجود مادي ثابت. إذا ما تطرقنا إلى الشعر الذي يتعامل مع الحقائق الأرضية فقط أو الذي يقيد لغتنا ويجعلها وسيلة للاستهلاك اللغوي فقط، فإننا أمام "شعر نافق"، حيث تصبح اللغة أداة بلا روح.
روافد الشعر
في تجربته الشعرية، يطرح غلمان تساؤلات عميقة عن الوجود والجمال والخيال، ويؤكد أن وجودنا يتجسد في الأقوال المستعارة من اللغة، التي تعد من خلالها مفرداتنا طريقًا للوصول إلى كل الأشياء التي نعيشها.
يشدد غلمان على أن الروافد التي شكلت تجربته الشعرية لم تكن اختيارًا عشوائيًا، بل كانت نتاجًا لقراءة معمقة وإدراك عميق لتأثير الأدب في تشكيل الذات الإبداعية. فبالنسبة له، القراءة هي المؤسس الكوني لكل تجربة إبداعية، سواء في الشعر أو الأدب أو حتى في مختلف المجالات العلمية والفكرية. ومن خلال هذه القراءة، نجد أن الإعلام، الذي يعمل على نقل الأخبار والمعلومات، يتداخل مع الشعر في إطار من التواصل المستمر بين الماضي والمستقبل.
يرى غلمان أن الإعلام لا يمكن فصله عن الشعر، فالإعلام يعتبر رافدًا رئيسيًا للإبلاغ والتبليغ في المجتمع. وهو يرى أن الشعر، بصفته أحد هذه الأدوات الثقافية، كان منذ العصور العربية القديمة أداة قوية للتواصل. فالشاعر العربي، الذي كان يشغل في السابق مكانة رأس السلطة في القبيلة، كان يتحمل مسئولية إبلاغ محيطه الاجتماعي والسياسي. ومن هذا المنطلق، يرى غلمان نفسه لا كمن اختار طريقًا مسبقًا، بل كقارئ للشعر الذي حفزه على تجسيد هذه الرؤية في أعماله الشعرية.
فيما يتعلق بوظيفة الشعر الجمالية في العصر الحالي، يشير غلمان إلى أن الاختلاف في شكل القصيدة لا يجب أن ينقص من قيمتها الجمالية. بل يرى أن الصورة هي محور الاهتمام في القصيدة الجديدة، فالقصيدة التي لا تثير أسئلة وتربك المتلقي لن تكون قادرة على التأثير في ذهنه. القصيدة الجيدة، من وجهة نظره، هي التي تطرح أسئلة وجودية وتستحضر التفاعلات الكبرى المتعلقة بالإنسان ومستقبله، كما أن الشعر يجب أن يتفاعل مع التحولات الكبرى في الواقع العربي وأزماته المختلفة. لذلك، يعتبر أن الشكل الجديد للقصيدة يظل مهمًا، لكنه يجب أن يكون في خدمة القضايا الكبرى التي تشغل العقل الجمعي.
ويرى غلمان أن الشعر العربي، الذي يعتبر ديوان العرب ومرآة حضارتهم، يحمل في طياته إمكانيات كبيرة. وفي هذا السياق، يعترف غلمان بأنه لا يمكن للماضي أن يتكرر، ولكن يمكن لهذه القامات الشعرية أن تجد لها مكانًا في العصر الحديث باستخدام إمكانيات نفسية وفكرية جديدة.
ويبين غلمان أن الشعر لا ينفصل عن الحياة الاجتماعية والسياسية، وأنه يجب أن يتجاوز مجرد كونه فنًا جميلًا إلى كونه أداة للتفاعل مع أسئلة الحياة الكبرى التي تهم الإنسان العربي في الحاضر والمستقبل.














0 تعليق