ماذا يحمل نتنياهو في جعبته لترامب غدًا؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الإثنين 03/فبراير/2025 - 03:32 م 2/3/2025 3:32:32 PM

وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس إلى واشنطن، ليكون أول مسئول أجنبي يلتقي به الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض، بعد إعادة إنتخابه رئيسًا للولايات المتحدة لفترة ثانية، فيما يعتبره البعض أخطر زيارة في هذا التوقيت، الذي يموج فيه الشرق الأوسط بصراعات، قد تودى به إلى حرب إقليمية.. سيلتقي نتنياهو ترامب غدًا الثلاثاء، حاملًا مقترحات، تحقق مصالح الدولة العبرية، ربما على حساب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وتتنافى مع ما دعا إليه ترامب، خلال حملته الانتخابية، من أنه ىسيطفئ نار الحرب في المنطقة، ويعمل على إرساء السلام بين دولها، خصوصًا في فلسطين ولبنان، وكبح جماح نتنياهو، الذي يتوق إلى تحقيق نصر مزعوم، ولو على حساب كل قواعد القانون الدولي، وحتى لو دفعت واشنطن فاتورة هذا النصر بالكامل، من علاقاتها الاستراتيجية في المنطة، وخصوصًا مصر والسعودية.. فما الذي يحمله نتنياهو إلى سيد البيت الأبيض غدًا؟.
في القناة الثانية عشر العبرية، يقول ياكي ديان، الذي شغل منصب رئيس موظفي وزيري الخارجية، سيلفان شالوم وتسيبي ليفني، ومستشارًا سياسيًا في واشنطن، وقنصلًا عامًا لإسرائيل في لوس أنجلوس.. أنه من الصعب أن نتذكر لقاءً أكثر دراماتيكية من الذي سيعقد في البيت الأبيض غدًا، والذي قد يجعل إسرائيل مرة أخرى (محطة إلزامية) في الطريق إلى واشنطن.. سيتعين على نتنياهو خلق تنسيق وثيق في العديد من المجالات، التي ستشكل المنطقة بأكملها لسنوات قادمة، ولكنها ستوفر أيضًا إجابات على أسئلة مطروحة الآن.. وعلى الرغم من الانسجام الظاهر بين نتنياهو وترامب، ستكون هناك خلافات ـ أو اتفاقيات ـ ويجب أن نستمع بعناية إلى احتياجات ترامب.
وباعتباري شخصًا أعد عشرات، وربما مئات، اللقاءات بين وزير الخارجية وزملائه، حتى خلال الفترات الدرامية يقول ديان ـ أستطيع أن أقول بثقة ما، إنني لا أتذكر لقاءً دراماتيكيًا كهذا بين رئيس الوزراء ورئيس أمريكي.. فهذا لقاء من شأنه أن يؤدي إلى ميلاد شرق أوسط مختلف، شرق أوسط جديد.. وسوف يحظى نتنياهو بكل التكريمات الممكنة، بدءًا من اللقاء الأول مع زعيم أجنبي في واشنطن، وحتى الضيافة في بيت الضيافة الرسمي (بلير هاوس).. وهذا أبعد ما يكون عن الاستقبال الذي حظي به من الرئيس السابق، جو بايدن.. ومرة أخرى، ستكون الصورة في العالم أن (الطريق إلى واشنطن يمر عبر القدس).. ومع ذلك، لن تحظى جميع القضايا التي تتم مناقشتها بالإجماع بين الطرفين.
بخصوص غزة.. من المقرر أن يشهد اجتماع الثلاثاء، افتتاح المفاوضات بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة الأسرى.. وتتكرر ثلاثة مواضيع، مرارًا وتكرارًا، بين ترامب ومبعوثيه، من ويتكوف إلى وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والز.. ومن المفيد للغاية الاستماع إليهم: إذ يبدو أن الأمريكيين عازمون على إتمام الصفقة بحلول عودة آخر رهينة إسرائيلية، وسوف يبذلون قصارى جهدهم لإتمامها.. وفي الأسبوع الماضي، رأينا العناق الذي قدمه المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف لبتسالئيل سموتريتش، الذي كان محل مقاطعة لفترة طويلة في واشنطن.. كل هذا من أجل إيصال الرسالة الأمريكية، بشأن مدى تقدير واشنطن لدعم وزير المالية في إتمام الصفقة.. والمعنى العملي المباشر، هو أن الحرب، في شكلها الحالي، قد انتهت.. ولكن ـ والحزن هنا عظيم جدًا. فمن الواضح للأمريكيين أن حماس لن تتمكن من البقاء في السلطة.. ويكرر مبعوثو ترامب هذه النقطة مرارًا وتكرارًا.
وسوف يتعين على نتنياهو، أن يضمن أن تكون أي عملية إعادة إعمار في غزة، مشروطة بعدم بقاء حماس في السلطة ونزع سلاحها، حتى لو كان ذلك ينطوي على (عمل عسكري مستهدف) آخر قبل إعادة الإعمار.. ويعتبر " النموذج الذي بدأ العمل به في معبر رفح، مع مسئولين في السلطة الفلسطينية ومسئولين أوروبيين وأمريكيين وإسرائيليين، مثالًا على ذلك.. ورغم أن هذا (تهديد غزة)، لأن نتنياهو وعد بأن السلطة الفلسطينية لن تحل محل حماس، فإن هذا هو ما يحدث عمليًا.. ويؤكد ترامب مرارًا رغبته في نقل بعض سكان غزة إلى دول عربية وإسلامية.. وكرر ذلك مرات عديدة، حتى سارع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، إلى إصدار بيان مشترك بعدم الموافقة عليه.. إلا أن ترامب لديه عدد لا بأس به من الوسائل للتأكد من حدوث ذلك.. ومن الأمثلة العديدة على ذلك، المساعدات الخارجية الضخمة التي تتلقاها مصر من الولايات المتحدة، والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد إسرائيل.. 1.3 مليار دولار، معظمها يذهب لبناء الجيش المصري.
وبالرغم من توقيع الرئيس ترامب على أمر رئاسي، يوقف كل المساعدات الأجنبية لمدة تسعين يومًا للمراجعة، إلا أن استثناء إسرائيل ومصر من ذلك، بعد دورها في التوسط في الاتفاق.. فإن ما يجب على مصر أن تفعله ـ كما يقول ياكي ديان ـ هو فتح أبوابها.. والضغوط كبيرة أيضًا على المملكة العربية السعودية.. إذ تسعى السعودية، في اتفاقها مع إسرائيل، إلى إحداث تغييرات في شكل الدولة الفلسطينية المستقبلية.. وسوف تضطر أيضًا إلى إجراء تغييرات تتجاوز السلام مع إسرائيل والاستثمار الضخم المخطط له في الولايات المتحدة، بعدما أعلنت السعودية بالفعل عن ستمائة مليار دولار، وأفترض ترامب أن المبلغ سيزيد إلى تريليون دولار.
هذا يؤدي إلى ما يريده ترامب بشدة، وهو توسيع (اتفاقيات إبراهام)، واتفاقية التطبيع بين السعودية وإسرائيل بالذات.. ومن المتوقع أن يضمن له هذا الفوز بجائزة نوبل للسلام، التي يرى أنه يستحقها منذ دورته السابقة.. وهذه هي المرحلة القادمة والتي سوف تتم بالتوازي مع إعادة إعمار غزة.. وسوف يتعين على نتنياهو أن يبتلع عددًا لا بأس به مما لا يستطيع بلعه في العادة، ولكن يتعين على المملكة العربية السعودية أيضًا أن تكون مرنة في إعادة بناء القطاع ونقل اللاجئين من غزة.. وبالرغم من أن الأمريكيين يرون أن الرياض تعمل بالفعل على تجارب يمكن (العيش فيها)، ولكن من المهم أن ندرج فكرة ترامب بشأن خروج غزة في الحسبان السعودي، وهو ـ في نظري ما لا يمكن أن تُقدم عليه السعودية، لأنه يشق الصف العربي، ويطعن دعم القضية الفلسطينية في مقتل!.
أما إيران.. فهذا هو التحدي الأعظم، وهو المكان الذي توجد فيه الفجوة، بين موقف الولايات المتحدة وإسرائيل: القضاء على البرنامج النووي الإيراني.. يصل نتنياهو إلى الاجتماع مع ترامب، في وقت وصلت فيه إيران إلى أدنى مستوياتها على صعيد النظام الإيراني، بدءًا من هزيمة (الوكيل) حزب الله في لبنان، وسقوط بشار الأسد في سوريا، تعرض جزء كبير من نظام دفاعها الجوي للتدمير، ووصولًا إلى هزيمة الحرس الثوري الإيراني.. بالإضافة إلى عدم شرعية النظام الإيراني حتى في أوروبا، بسبب دعمه النشط لروسيا.. ويمكن القول، إنه لم تكن هناك قط فرصة أفضل من هذه لشن هجوم مشترك على البرنامج النووي الإيراني.. لكن ترامب أعلن بالفعل، أنه جاء لإنهاء الحروب وليس لبدء حروب جديدة.. وسوف يوافق على تجهيز إسرائيل عسكريًا، وممارسة (أقصى قدر من الضغط) على طهران، وفرض عقوبات شديدة عليها، والعمل على فرضها، وحتى تشكيل تهديد عسكري موثوق.. لقد كان هذا مفقودًا للغاية خلال رئاسة بايدن، ولكن هنا أيضًا، فإن ترامب ليس لديه أي رغبة في الانضمام إلى هجوم مشترك على إيران.. وسيكون التحدي الذي يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، هو إقناع الرئيس بأن الطريق إلى الرياض يمر عبر طهران، وحتى لو فتح الأخير مفاوضات مع الإيرانيين، فيجب أن يكون ذلك محدودًا في الوقت.
ما يتعلق بلبنان وسوريا.. فإن الأمريكيين يمولون الجيش اللبناني، بما في ذلك دفع الرواتب، وبالتالي لديهم نفوذ كبير عليه.. وقد سمحت الضربة القوية التي تلقاها حزب الله إلى إتمام تعيين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في بيروت، وهي الخطوة التي لم تكن ممكنة خلال العامين الماضيين.. وحتى في ظل وثيقة التفاهم مع الأمريكيين، من المهم أن تُترك لإسرائيل حرية كاملة في العمل في لبنان، لمنع حزب الله من إعادة تأسيس نفسه، وكذلك تقديم الدعم الكامل لبقاء إسرائيل في سوريا، حتى تصبح الأمور أكثر وضوحًا في دمشق.
نأتي إلى ساحة الأمم المتحدة.. وهنا تحظى إسرائيل بدعم كامل من الحكومة الأمريكية في واشنطن، بدءًا من استبدال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بمنظمة أخرى، وحتى ممارسة ضغوط هائلة على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.. وتُعد السفيرة الأمريكية، أليس ستيفانيك، قوة حاسمة في دعم وإحداث التغيير الضروري. وهنا سوف يتعين على نتنياهو في واقع الأمر، تجنيد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، لأن القرار الأخير الذي تم تمريره بأغلبية من الحزبين في مجلس النواب، تم حظره في مجلس الشيوخ، ولم يدعمه سوى سيناتور ديمقراطي واحد، هو جون بيترمان.
وسيطرح نتنياهو أمام ترامب، ضرورة تجديد برنامج المساعدات العسكرية لإسرائيل، إذ من المقرر أن تنتهي المساعدات التي استمرت عقدًا من الزمان، والتي تم توقيعها في عهد أوباما، والتي تتلقى بموجبها إسرائيل 3.8 مليار دولار سنويًا، (وهي في الواقع أكثر)، لشراء الأسلحة الأمريكية.. ومن المقرر أن يتم توقيع الاتفاقية عام 2026.. ومن المؤكد أنه بسبب تعدد القضايا الملحة، سيكون من الممكن الانتظار، ولكن بسبب إحجام الرئيس عن تمويل مساعدات خارجية كبيرة، يتعين على رئيس الوزراء أن يبدأ في إشراكه في الأمر.. وإلى جانب كل ذلك، وبدعوى بمكافحة معاداة السامية في الولايات المتحدة، فإنه يتعين على نتنياهو أن يشكر الرئيس ترامب، على إجراءاته الحاسمة لطرد الطلاب المؤيدين لحماس، الذين يحملون منحًا طلابية، من الحرم الجامعي.. والخلاصة التي يراها ياكي ديان، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، سيلتقي ترامب، حاملًا سلة كاملة من المطالب، لأحد أكثر رؤساء الولايات المتحدة تعاطفًا مع إسرائيل.. صحيح أن جميع القضايا متشابكة، لكن نتنياهو يرى أن هناك إمكانات هائلة لبناء شرق أوسط جديد، مع قطب العقارات دونالد ترامب!!.. لكن هذا القطب لا يريد عداءً مع الدول العربية بشأن قضية فلسطين، خصوصًا بعد بيان القاهرة الذي صدر عن ستة من وزراء الخارجية العرب، الذين رفضوا فيه فكرة التهجير، جملة وتفصيلًا.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق