ترامب ونتنياهو.. حين يلتقي مناور بمناور أكثر منه حنكة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ناحوم برنياع

 

تابع الشعب طوال اليوم الأخبار بتخوف: هل سيخرج بقواه الذاتية من السيارة، هل طار بأمان (نتنياهو)، هل هبط؛ هل سيعانق؛ هل سيقول شيئا ما للأمة وهو يعانق، هل سينكب على محبيه ببكاء هادئ، صامت، هل سيجلب لهم تذكارا من الأسر. لم شمل العائلة في واشنطن هو نقيض غير واعٍ، وحشي عن لم شمل العائلات للعائدين من غزة. وداع مقابل وداع؛ التئام مقابل التئام؛ مأساة مقابل مهزلة. عشرة أسابيع من العزلة فرضت على رئيس الوزراء. كل هذا الوقت لم تنساه زوجته وابنه، غردا ووثقا وحلا ضيفين ولم يتركا ورديتهما في ميامي للحظة. اضافة اعلان
عشية الرحلة الجوية طلت من جديد أنباء عن نية المستوى السياسي قطع صفقة المخطوفين في المعبر إلى المرحلة الثانية، وربما قبل ذلك. محللة القناة 12 دانا فايس طرحت الأمور على لسان أحد مصادرها. وهذه ارتبطت، بالوعي على الأقل بالنبأ في تلك القناة في أن نتنياهو يفكر بأن يعين فوق طاقم المفاوضات الموالي له الوزير رون ديرمر. وقد صدر بلاغ بذلك لأعضاء الفريق. أما مكتب رئيس الوزراء، فقد نفى.
لا أدري اذا كان نتنياهو يعتزم إكمال الصفقة حتى نهايتها. مشكوك في أن يكون هو يدري. لكن عندما نراجع المفاوضات على كل مداها هناك حاجة إلى أن نميز بين الأساسي والتافه. لقد علق نتنياهو منذ البداية في شرك، فالمفاوضات مع حماس تقف على نقيض تام مع أهداف الحرب كما صاغها. وليست صدفة أنه امتنع عن ذكر المخطوفين في أهداف الحرب. درس صفقة شاليط كان يقف أمام ناظريه: في المدى القصير الاتفاق أضاف له شعبية. في المدى البعيد، ثمن الصفقة ألصق على جبينه وصمة من الصعب محوها. لا عجب أنه احتفل باتفاق شاليط في اليوم الأول، مع عرض سيئ، مهين، على باب مروحة عسكرية في تل نوف، وطواه في النسيان في الغداة.
ليس الضغط على حماس هو الذي ولد الصفقة الحالية، بل حملة عائلات المخطوفين. يحتمل أن يكون الضغط فرض على حماس المرونة هنا وهناك لكن ارتباطه الأساس بصفقة المخطوفين كان هو الذي أدى إلى موت مخطوفين على يدي قواتنا أو على يدي العدو.
وأنا أشير إلى هذا المعطى، ليس كي أعود لأنبش في الماضي، بل في نظرة تستشرف المستقبل. فمن يطالب، مثل سموتريتش وبن غفير ومؤيديهم بتفجير الصفقة واستئناف القتال في غزة يأخذ مسؤولية عن موت المخطوفين، معظمهم أو كلهم. هذا القول صحيح أيضا بالنسبة لقادة في الجيش، يعيشون في أحلام عن الإبادة المطلقة لحماس في غزة، حتى آخر المقاومين. ومثلما علمتنا طقوس تحرير المخطوفين في غزة، فإن بقاء هذه المنظمة بما في ذلك قدرتها على التجنيد، يفوق خطط الجيش الجميلة. من لا يبقى على قيد الحياة هم المخطوفون.
إذن ماذا يوجد لنا؟ عائلات ورأي عام الآن، حين تكون الجولات في ذروتها سيستقبلون بصعوبة جمة كل تفجير. حماس، الملتزمة الآن، آكثر من أي وقت مضى، رئيس أميركي جائع للمجد مصمم على الا يقبل أيا من الأجوبة السلبية؛ ورئيس وزراء يؤمن بأنه يمكنه أن يتحكم بغزة وأن يحافظ على ائتلافه وأن يشبع جوع ترامب وأن يحرر المخطوفين كلهم معا. نتنياهو يؤمن بالسحر.
قد أكون مخطئا، لكنني أعتقد بأن تنصيب الوزير ديرمر على رأس المفاوضات سيغير الكثير. ديرمر هو تعيين سياسي لرجل غير سياسي. ليس له قاعدة تأييد خاصة به وجدول أعمال خاص به. مثل وزراء في الكابنت الأميركي هو يخضع لإمرة الرجل الذي عينه. في كابنت الحرب عبر بين الحين والآخر عن آراء مستقلة، لكن حين وصلوا إلى الحسم لم يفعل إلا ما أمره به نتنياهو. هذه وظيفته.
الادعاء بأن تعيينه يجعل المفاوضات سياسية هو ادعاء بلا أساس: المفاوضات سياسية من يومها الأول. القرارات تتخذ في المستوى السياسي، في إسرائيل، في قطر، في مصر، في الولايات المتحدة وقبل كل شيء في حماس. يحتمل أن يحاول ديرمر إسكات أصوات التمرد التي تنطلق بين الحين والآخر من طاقم المفاوضات. هو لن ينجح. وربما كل ما يسعى نتنياهو إليه هو أن يلصق بستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للمفاوضات، بيبي سيتحدث معه بالإنجليزية الأميركية.
سيحاول نتنياهو غدا أن يشم ترامب الجديد: ما الذي يشعله الآن. ما الذي يطفئه، ما الذي يخرجه عن طوره. هو سيجيد العمل إذا ما تذكر تحذيرا أميركيا قديما: "Don’t Bulllshit the Bullshiter وترجمته لا تناور مع عظيم المناورين". ترامب يقف الآن على قمة حياته، في ذروة القوة، في ذروة النشوة. تطلعاته عظيمة؛ رضاه فوري؛ صبره قصير. لقد أعذر من أنذر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق