كم من الوقت سيستغرق تدمير باريس

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 عودة بشارات

في العام 1948 دمرت إسرائيل حوالي 500 قرية فلسطينية دمرت وأزالت الغبار عن ملابسها وواصلت قدما. من بين القرى المدمرة كانت قرية آبائي واسمها معلول. حتى أن المدمرين لم يسألوا عن سلامة من تم تدميرهم، وكيف يواجهون البرد في الشتاء والحرارة في الصيف. تجدر الاشارة هنا إلى أنه في حينه لم يكن هناك 7 تشرين الأول (أكتوبر).اضافة اعلان
مع مرور الوقت، تبين أن إسرائيل كان يمكنها التدمير كما تشاء. لم يكن يوجد قانون أو قاض. مهمة إعادة الإعمار تم إلقاؤها على الآخرين. هناك سبب لهذا الأمر، حيث إنه في نهاية المطاف من غير الإنساني أن نلقي مهمة إعادة الإعمار على من لم يقم بالتدمير. هكذا، جاء التقسيم: هناك من يدمرون وهناك من يرممون. هكذا كان الأمر في العام 1948 والعام 1967، وهكذا كان في عدد كبير من المعارك والعمليات الصغيرة. الفلسطيني يبني والإسرائيلي يدمر. الفلسطيني يرمم والإسرائيلي مرة أخرى يدمر.
التدمير في الفصل الأخير في قطاع غزة كان الذروة، ليس فقط من حيث الكمية، بل أيضا من حيث النوعية. بعد زيارة إسرائيلية هناك أصبح المكان الذي كان في السابق بيتا، كومة من الركام. أحد منفذي الهدم، الحاخام ابراهام زرفيف، وهو سائق جرافة "دي 9" قال للقناة 14 مع تصفيق الحضور: "إنه قام بهدم 50 بيتا في غزة في غضون أسبوع". ليست مجرد بيوت، بل أبراج شاهقة. المهمة كانت مسكرة جدا إلى درجة أنه شبهها باللحن، العزف على الـ "دي 9". تذكرت أن عمي سليمان المتوفى، عندما كان يعمل في بناء الأسوار الحجرية في المدن اليهودية التي أقيمت حديثا، على الأراضي العربية بالطبع، كان يعرف بالضبط أين يوجه المطرقة من أجل قسم الحجر إلى قسمين، حيث يصبح مناسبا لبناء السور. المطرقة الرحيمة بنت وجرافة دي9 هدمت. هذا يهدم وذاك يبني، والحياة تستمر.
بعد مشاهد الدمار في غزة، بشكل تلقائي بدأت أقلق على مصير المدن في العالم. في التلفزيون، يتم بث برامج تظهر فيها مبان وأحياء في مدن كبيرة من الأعلى. بعد المشاهد من غزة أنا بشكل تلقائي وبقلق بدأت أتخيل كيف ستبدو بعد هجمات تدميرية للطائرات الإسرائيلية. إذا حدث هذا في غزة، فلماذا لا يحدث في أوروبا. واذا لم تكن إسرائيل، فإن هذه ستكون قوة أخرى عمياء ستنفذ هذه المهمة. هذا البرج الجميل كيف سيظهر بعد هجوم تسطيحي أو بعد العزف على جرافة دي 9؟. كم من الوقت سيستغرق تسطيح باريس؟ هل سنحتاج 500 طائرة حديثة مع آلاف القنابل بوزن طن؟ كم من الوقت سيستغرق تسطيح روما؟ الدمار في غزة يقوض الشعور بالأمان، ليس فقط في منطقتنا، بل في أرجاء العالم كله. عندما يتم تدمير مدينة بسبب ضربة إنسانية، وليس بسبب ضربة طبيعية، فإن الذعر يكون مضاعفا، لأن من يقوم بالتدمير هو من يشرب القهوة على الطاولة التي بجانبك.
أنا أسأل، هل الطيار أو من يشغل الجرافة المخيفة يعرف كم هي تكلفة المبنى الذي قام بتدميره. من الجدير، فكرت، أن يتم إعطاء دورة للمدمر الإسرائيلي عن تكلفة المباني التي يقوم بتدميرها. ربما عندما يعرف المبلغ وكم هو العمل الذي استثمر في بنائها، فإنه سيفكر مرتين قبل أن يضغط على الزر. ولكن تفكيري الإيجابي تحطم بعد أن رأيت موجة الفرح بعد التدمير. بالنسبة إلى بعض المدمرين ربما هذا مصدر للتبجح. الطفل المتفاخر سيحدث أصدقاءه في الصف ويقول لهم: "اليوم أبي دمر مبان بكلفة 50 مليون شيكل". أمر يدعو للتفاخر. صديقه في الصف سيقول، كنوع من المنافسة في الهدم، بأن والده دمر جامعة بتكلفة 100 مليون شيكل.
الآن يأتي فصل إعادة الإعمار. في هذا المقطع لا يوجد لإسرائيل ما تعرضه، حتى لاصق لوقف النزيف لا تعرض. في العام 1948 إسرائيل أرسلت مئات آلاف الفلسطينيين إلى أماكن غريبة. بالنسبة إليها القصة تم إغلاقها، لكن بالنسبة إلى المهجرين هي بدأت فقط. العالم، بفضل إحسانه، تجند وأقام وكالة الأونروا التي هدفها كان إصلاح بقدر الإمكان ما قامت إسرائيل بتدميره، كنوع من المساعدات الأولية. ولكن الآن حتى المساعدات الأولية يريدون تدميرها هنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق