فكرة تهجير أهالي غزة.. حجةٌ بحاجة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تكرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفكرة تهجير أهل قطاع غزة إلى الأردن ومصر، تحت عذر إعادة إعماره الذي يحتاج لسنوات طويلة، لم تلقَ رواجاً أو قبولاً، ليس من الأردن ومصر فحسب، بل من كل مكونات الشعب الفلسطيني عموماً، بما فيها السلطة الرسمية.

هذا الموقف الموحد والقوي لعموم أشقائنا في فلسطين يجعل من هذا الوهم المسمى بفكرة تُقتل في مهدها، خصوصاً بعد موافقة إسرائيل عليها، بل وتشجيعه لهذه الفكرة، التي وصفها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بـ"الفكرة الرائعة" وقال بحسب ما نقلته BBC على لسانه إن أهالي غزة بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى، وأن مثل هذه الأفكار من شأنها أن توفر الأمن والسلام. حسب قوله.

ولكن في المقابل، جاء الرفض الفلسطيني بكل فئات الشعب ومكوناته وفصائله لهذه الفكرة، لأسباب تاريخية ربما، حيث تم تنفيذ هذه الفكرة سابقاً، ولكن لم يتم الالتزام فيها -من قبل الطرف الإسرائيلي طبعاً- بعودة الفلسطينيين إلى أرضهم، التي تحولت بعد تهجير أهلها القسري عنها إلى مستوطنات إسرائيلية، كما حدث في حرب النكبة 1948، وحرب 1967، حيث تم تهجير أكثر من مليون فلسطيني في الحربين، وهؤلاء لم يعودوا أبداً إلى مناطقهم التي أصبحت إلى الآن مناطق إسرائيلية بالكامل.

من أجل ذلك، فإن الفلسطينيين يخشون ترك أرضهم والهجرة عنها، ورغم أن الحرب دمرت أكثر من 90% من منازل أهالي غزة البالغ عددهم 2.3 مليون مواطن، إلا أن نزوحهم كان من شمال القطاع إلى جنوبه، ولكنهم سرعان ما عادوا إلى مناطقهم ومنازلهم المدمرة بمجرد الإعلان عن انتهاء الحرب، بمعنى آخر، أن رغم كل ذلك الدمار إلا أن أهالي غزة رفضوا التخلي عن مناطقهم وأراضيهم، وأصروا على العودة إليها، خوفاً من أن يفقدوها وللأبد.

إن فكرة الرئيس الأمريكي تعتبر حجة لتخلي أهالي غزة عن أرضهم، وهي أيضاً، وفي ذات الوقت حاجة مُلحة وضرورية لإسرائيل، من أجل إعادة سيناريو الماضي في بناء مستعمرات جديدة، لذلك دعمت هذه الفكرة بكل قوة.

ولو فرضنا حسن النوايا في هذه الفكرة، فإنها بالتأكيد تحتاج إلى إعادة صياغة، كأن يتم إعادة إعمار غزة بوجود أهلها فيها، وليس بهجرتهم عنها، وهناك تجارب سابقة تعتبر ناجحة، في إعادة إعمار القطاع، بعد عدة حروب تعرضت لها في العشرين عاماً الأخيرة، ومن أبرزها حرب 2006، وحرب 2008، ولعل أمريكا تستفيد من تلك التجارب، وتعيد إعمار القطاع بوجود أهله ودون الحاجة لتهجيرهم عن مناطقه، وعندها فقط ستحظى هذه الفكرة بدعم عربي وعالمي كبير، وستسهم بالفعل - كما أعلن ترامب عنها- في إحلال السلام في الشرق الأوسط.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق