فقط للعلم

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حين يصل المقال للنشر، ويقرأه القارئ يمر بعدة مراحل تخضع لتقييم الكاتب التي يستقيها من خبرته، وكل كاتب وله رأيه الخاص وتقييمه الخاص للأمور وله جهده الخاص الذي يتحرى به عن ما هو أقرب للحقيقة، فليست هناك حقيقة مطلقة، ويبحث من خلال ساعته الصحفية الخاصة عن الوقت المناسب لطرح الرأي وكتابة المقال.

عن نفسي، حين أكتب مقالاً، ويشعر القارئ أن سقفه مرتفع في انتقاد أي جهة رسمية، فإن ذلك المقال يكون قد مر بعدة مراحل قبل أن يصل إليه منشوراً.

أولاً هناك اجتهادات بالبحث عن المعلومات، وهناك اجتهادات بتقييم الوقت المناسب تصح أحياناً، وتخطأ أحياناً أخرى وفقاً لما يتوفر للكاتب من مصادر، الأهم أن هناك طول انتظار وصبراً ومجسات تخبرك بأنه لا يمكن السكوت أو الانتظار أكثر من ذلك، ولا يجد المقال موقعاً للنشر إلا بعد أن يكون الموضوع قد انتشر وحكى فيه الناس كثيراً، وعن نفسي يهمني جداً رأي الطبقة المتوسطة تلك شريحة تعتبر ميزاناً حساساً جداً، فهو ليس بالمتذمر طوال الوقت، إذ إن له مكتسبات يريد أن يحافظ عليها، وينتمي لطبقة كلما اتسعت، وكلما شعرت بالامتنان تعلم أن اقتصادك بخير وتعلم أن استقرارك السياسي يمتلك ضمانات أكثر، فما أكتبه وتجدون سقفه عالياً فهو بالعادة موضوع يؤرق تلك الطبقة، وقد أشبعوه بحثاً وحواراً ونقاشاً فيما بينهم في مجالسهم وحواراتهم الخاصة، وإن شعر الكاتب بأن أسئلتهم لها مشروعية جاء دوره ليعرضها.

فتخيل عزيزي القارئ، حين يصل الاستياء لهذه الطبقة أو حتى للأعلى منها دخلاً، فذلك يعني أنك كدولة تمر بمرحلة حذرة جداً لابد أن تعيد فيها حساباتك وتستمع جيداً وتتواضع بأن تقبل بأن هناك خطأً ما في مكان ما يستدعي التحرك السريع، وما ذلك إلا أن المقالات عالية السقف هي عادة ما تكون آخر الإنذارات التي تستدعي الحذر وليس أولها.

وليس الحل هو منع الكتابة -وهذا لم يحدث معي منذ زمن طويل ولله الحمد وشكراً جزيلاً لدعم القيادة- إنما الحل والصحيح هو النظر في ما طرح والتفكير في الرد والجواب لا يكون في الرد على الكاتب إنما الرد على الناس، وهذا هو الصح، فالكاتب هنا لم يعبر عن رأيه فقط إنما وجد أن هناك تطابقاً وتفهماً لما يتحدث به الناس مع قناعاته، فالرد لا يكون بإقناع الكاتب بخطأ وجهة نظره إنما الوصول للناس وإقناعهم بعدم صحة رأيهم.

خلاصة القول الكل في مركب واحد والكل يسعى لخير هذا البلد وجميعنا أعواد في حزمة واحدة جنود لهذا الوطن، ومقالات الرأي عادة ما تكون مجسات حساسة جداً يجب التعامل مع موضوعاتها بجدية، وتأخذ على أنها أجراس إنذار في صالح جودة العمل (طبعاً نحن نتحدث عن المقالات التي بها وجهة نظر تحمل انتقاداً للأداء السياسي) هذا ما لزم فقط للعلم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق