فجوة ترجمة الأعمال من العربية للأجنبية والعكس.. مترجمون يقترحون الحلول والمبادرات (خاص)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

"تترجم مصر 1000 كتاب سنويًا من لغات أخرى إلي اللغة العربية.. مقابل ترجمة 10 كتب فقط من اللغة العربية للغات أخرى".. بهذه الكلمات افتتح أنور مغيث، أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان، المدير الأسبق للمركز القومى للترجمة فعاليات إحدي الجلسات بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 56؛ وهو تصريح كشف عن الفجوة التي تشهدها ترجمة الأعمال من لغات أخرى للغة العربية مقابل الترجمة من اللغة العربية للغات أخرى؛ وطبيعة الإختلال في ميزان ملف الترجمة.

ورغم إعلان المركز القومي للترجمة في يوليو 2022 عن مبادرة لـ ترجمة الأعمال الأساسية من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية وإليها ونشرها؛ إلا أنه مازال ملف الترجمة عن اللغة العربية للغات أجنبية كمؤشر لثقافة لا مركزية يتطلب مبادرات "خارج الصندوق" في محاولة لسد الفجوة؛ وهو ما استطلعنا فيه آراء عدد من المترجمين الفاعلين في الشأن الثقافي.

أنور مغيث: 3 حلول لسد الفجوة

اقترح أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة الأسبق، عددً من الحلول لسد الفجوة التي يشهدها ملف الترجمة من اللغة العربية للغات أخري مقابل تزايد الترجمة من لغات اخرى للغة العربية؛ مؤكدًا أن تحفيز البلاد الاخرى لترجمة انتاجها الفكرى من خلال توفيرها الدعم المادى سواء من خلال المنح المخصصة لهذا الأمر، أو عبر صندوق مخصص لدعم الترجمة الى اللغات الاجنبية مثل المانيا وايطاليا واسبانيا وفرنسا لديهم منح لدعم الترجمة توفرها لهم وزارات الخارجية التابعه لهم، وهو ما يسمح باعطاء منح للناشرين.

ولفت إلي أنه فى احدى المرات وقت رئاسته "القومي للترجمة" طلب من بعض الناشرين الفرنسيين ترجمة كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين للغة الفرنسية فما كان منهم انهم خافوا ان يتم طباعته وان لا يستطيعون بيعه، مؤكدًا أنه لو كان لدينا صندوق لدعم الترجمة كانت المخاطر بالنسبة للناشر الأجنبي ستقل، مؤكدأ أننا لو خصصنا مليون دولار للترجمة من الممكن أن نترجم 100 او 200 كتاب فى السنة من العربية للغات أخرى، أي بمعدل 3500 دولار دعم للكتاب الواحد.

أنور مغيث: ترجمنا أكثر 170 عنوانا فى آخر عام والترجمة تشهد طفرة - اليوم السابع
دكتور أنور مغيث

وأشار "مغيث" في تصريحاته لـ"الدستور"، إلي أن  اكثر الانواع التي تترجم من العربية للغات اجنبية هى الرواية ومع ذلك يظل العدد محدود، وأن الكتب التى تترجم الخاصة بالشعر والعلوم الانسانية تشهد فقرا كبيرا في مصر وعالمنا العربي، لافتًا أن المشكلة تكمن في أن اللغة المستقبلة من حقها أن تختار ما نترجمه إليها من اللغة العربية، 

وأوضح "مغيث"، أن الحل الثانى وهو مدعاة للاستغراب ان اترجم بنفسي أعمالي للغات اجنبية من خلال مترجمين بالداخل ومطابعي من وهو ما حدث مثلًا في هيئة الكتاب إلا أنه مازالت الكتب فى المخازن حتى اليوم لاننا لم نبحث عن موزع فى البلد التى سنترجم اليها كتبنا بلغاتها؛ وهو ما حدث مثلاُ عندما قمنا بترجمت بعض أعمال صلاح جاهين الى اللغة الروسية دون أن نتشاور مع الناشرين في روسيا وبالتالي ظلت اعماله المترجمة متراكمة في مخازن الوزارة.

ولفت "مغيث" إلي أن الحل الثالث يتمثل في تأسيس صندوق عربي موحد لدعم الترجمة من خلال لجنة تابعة للجامعة العربية تشرف علي اختيار الكتب العربية التى تترجم للغات اخرى؛ وهو ما يمكننا في حل تلك الأزمة وسد الفجوة.

حسين ثابت: ترجمة الكتاب العلمى فى صدارة الأزمة

من جانبه، أكد الدكتور حسين ثابت، الشاعر والمترجم وأستاذ الهندسة الوراثية ووكيل كلية التكنولوچيا الحيوية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الدكتور حسين ثابت،  وصاحب ترجمة كتاب "عصر العلم" جيرارد بيل؛ والتي وصلت القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الترجمة في دورتها السابعة عشر لعام 2022/2023، أن الفجوة بين ما نترجمه من أعمالنا باللغة العربية للغات أجنبية أخري والعكس واقعيا اكبر من ذلك بكثير.

وأشار إلى أن جملة ما ينتج مقروءا فى مصر لا يتعدى 5% منه مترجما للغات اخرى، وهو ما تضمنه كتابه "البحث العلمي وقضايا الأمن القومي العربي" عن قصور الثقافة في فصل كامل به بعض الاحصائيات عن واقع الترجمة وما ننتجه من اعمال مترجمة، مؤكدًا أن حصيلة مصر من الأعمال المترجمة من لغات أجنبية لا يتخطي 2000 كتاب تصدر ترجماتها عن دور النشر الخاصة والمركز القومي للترجمة ومشروع الترجمة بالمجلس الاعلى للثقافة، وهو ما يشكلوا نصف في المائة لكل مليون فما بالك بالاعمال المترجمة من اللغة العربية للغات أخرى؛ وأنه بالنظر الي تجربة المجر في هذا الصدد على سبيل المثال لا الحصر سنجد أنها تترجم 250 كتاب لكل مليون مواطن لديها.

كليات القمة الجديدة مع أ.د / حسين ثابت | أحلى كلام على النيل الثقافية

وأوضح" ثابت" في حديثه لـ"الدستور"، أنه عندما وصلت ترجمته لكتاب "عصر العلم" للقائمة القصيرة بجائزة الشيخ زايد لم تجد آئنذاك الجائزة كتابًا مترجمًا من العربية الى لغة اخرى؛ ونفس الأمر بالنسبة لجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما حجبت الجائزة في فرع "العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى" وذلك لضعف المستوى العلمي للأعمال المتقدمة، وعدم استيفائها لمعايير وشروط المنافسة على نيل الجائزة في عام 2022.

وأكد "ثابت"، أن ما يشهده ملف الترجمة من فجوة يجعل الآخر لم يعرف عنا شيئًا في وقت يوجد فيه عشرات الالاف من الكُتاب والمفكرين والمثففين المصريين لم ينقل عن منجزهم حرف للغات الأخرى مؤكدًا اننا نسير في طريق واحد هو الترجمة من الشمال إلي الجنوب وليس العكس.

وأشار "ثابت" إلي أنه بحُكم تخصصه في ملف الترجمة العلمية، أن الترجمة العلمية لا تتخطي نسبة 1% من نسبة 5% من الأعمال التي نترجمها من اللغات الأخرى للغة العربية وهو ما يجعلنا متأخرين كثيرًا في وقت تجاوزنا فيه نقل الثورة الصناعية وتباعاتها الأولي والثانية والثالثة حتي الرابعة والتي نحن نقف على مشارف نهايتها إلي الثورة الصناعية الخامسة؛ وهو ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح  السيسي في إحتفالية عيد العلم بالعاصمة الادارية، مؤكدًا انه لا يجب ان تفوقتنا الثورة الصناعية الرابعة من خلال ترجمت كل ما نشر عنها في المجتمعات الغربية.

وتابع أن مشكلتنا الرئيسية في ترجمة العلوم وليست الترجمة الأدبية وهو ما دعاه لأن يتقدم بمبادرة لرئاسة الجمهورية في معرض الكتاب بدورته الماضية هي مبادرة "تجارب الأمم" والتي تركز على ترجمتنا للإنتاج العلمي الذى تتميز به هذه الأمم في العلوم والنهل من ثقافاتهم الحديثة.

ولفت إلي أن تغطية نفقات المبادرة سيكون من خلال الجهات الموجودة في مصر حيث أننا لدينا 425 جهة فى مصر بين بنوك وووزارات وشركات، لافتًا إن آلات تحقيق ذلك سيتم من خلال مخاطبة هذه الجهات لترشح لنا ابرز الكتب فى مجالاتها لكى نترجمها إليهم علي ان تتحمل جزءًا من نفقاتها فى اطار دورها تجاه مسؤوليتها المجتمعية، وهو ما سيعود بالنفع على كافة أطراف صناعة الترجمة.. الجهات التي ترجمنا إليها أحدث المؤلفات في المجالات المتخصصة فيها، والمترجم، والقارىء، والمطابع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق