أكد الشيخ أحمد مُبَلِّغي، خلال كلمته في مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي "أمة واحدة.. مصير مشترك"، أن تحقيق الوحدة الإسلامية ليس مجرد خيار فكري، بل هو ضرورة شرعية تمليها مقاصد الشريعة ذاتها. وشدد على أن الحوار بين المذاهب يجب أن يكون أولوية، لأنه السبيل لترميم العلاقات التي أضعفتها الخلافات، وإعادة بناء الأمة على أسس متينة من التفاهم والتآلف.
وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت لتنظيم شؤون الأمة وضمان تماسكها، لا لترسيخ الفرقة أو الانقسام، موضحًا أن الشريعة ليست غاية في ذاتها، بل وُضعت لخدمة الدين وإقامته في حياة الناس.
وحذر الشيخ مُبَلِّغي من أن اختلال العلاقة بين الشريعة والأمة يؤدي إلى انحرافها عن دورها الأساس، فتتحول من أداة للتقريب بين المسلمين إلى عامل يُغذّي الانقسامات. وأوضح أن المشكلة لا تكمن في وجود الخلافات الفقهية، بل في توظيفها سياسيًا، بحيث تصبح وسيلة لإضعاف الأمة، بدلًا من أن تكون مصدرًا للتنوع والإثراء الفكري.
كما أكد الشيخ أن الاختلاف في الفروع الفقهية لا ينبغي أن يتحول إلى قطيعة داخل الأمة، بل يجب التعامل معه بروح علمية ومنهجية شاملة، تدرك أن الإسلام جاء ليؤسس كيانًا واحدًا متماسكًا، وليس كيانات متفرقة تتنازع فيما بينها.
وتطرق الشيخ مُبَلِّغي إلى قضية تطور العلوم الإسلامية داخل كل مذهب بمعزل عن الرؤية الشمولية للأمة، معتبرًا أن هذا النهج أدى إلى إنتاج تصورات فقهية ضيّقة لا تعكس روح الشريعة في ارتباطها بالأمة. وأوضح أن المذاهب، عندما تعمل بمعزل عن بعضها البعض، تنتج رؤى فقهية لا تخدم وحدة المسلمين، بل تكرّس الانقسام، مما يضعف الدين ذاته ويحدّ من قدرته على التأثير في المجتمع.
وشدد على أن الشريعة لا يمكن أن تؤدي دورها الحقيقي إلا إذا استندت العلوم الإسلامية إلى رؤية ترى الأمة ككيان واحد، وتدرك أن الاختلاف الفقهي لا ينبغي أن يكون عائقًا أمام وحدة المسلمين، بل يجب أن يكون وسيلة لتعزيز التكامل بينهم.
ودعا الشيخ مُبَلِّغي إلى إعادة النظر في مناهج تدريس العلوم الإسلامية، بحيث تركز على المشترك بين المذاهب بدلاً من التركيز على نقاط الاختلاف، مشيرًا إلى أن أي مقاربة معرفية لا تراعي وحدة الأمة ستؤدي حتمًا إلى فصل الشريعة عن واقع المسلمين، ومن ثم عزلها عن الدين نفسه.
ختامًا، شدد الشيخ على أن تحقيق الوحدة الإسلامية ليس مجرد شعار، بل هو واجب شرعي يستلزم إعادة بناء العلاقة بين الشريعة والأمة، وجعل الحوار المذهبي منهجًا ثابتًا في الفكر الإسلامي، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وتماسكًا للأمة الإسلامية.
0 تعليق