خلال الأيام الماضية من شهر فبراير الحالي، التقطت عدسة العين المجردة ثلاث إشراقات بحرينية تجعلك تنبهر بقدرتها الاستثنائية في التحلي بجَلْد العطاء، والجَلْد المقصود هنا هو صلابة العزيمة والثبات على أمر العطاء اللامحدود، وطبعاً، الإصرار على الوصول إلى النتيجة التي يأملها المعطاء الساعي لخير الناس في أرض الله الواسعة.
اللقطة الأولى: عائد المريض تحفّه ملائكة العرش:
وهي لقطة غير مستغربة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الممسك بزمام التحديث النوعي لمكونات التنمية الوطنية، وهو يزور ابن البحرين، أمجد المحاري، في بادرة حانية ومعبرة ومؤثرة رُفعت لها الدعوات بالصحة وطول العمر للأمير والمواطن، ومعهم فرق العمل من ذوي الكفاءات الطبية والإدارية المتمرسة، فرحاً واستبشاراً بهذا الإنجاز العلاجي.
والملاحظ في مبادرات الوسط الطبي بأنها دائماً سابقة لأوانها، وسبّاقة في جودتها بمقاييس ما هو متاح من خدمات طبية على مستوى المنطقة، إن لم تكن في مصاف ما يُقدم عالمياً، إذا ما نظرنا إلى تكاليف الخدمات العلاجية المدعومة أو غير المدعومة، وسرعة الوصول للطبابة التي تصل أحياناً لعقر الدار، ليأتينا آخر تلك العلاجات في مجال الأمراض الوراثية متفوقاً على نفسه، ورافعاً سقف ما يستطيع أن ينجزه أو أن يُقدم عليه.
ووراء هذا التفوق عوامل عديدة أُرجعها إلى عراقة النظام الطبي البحريني، والاستثمار الذكي في البحث والتدريب، إلى جانب عدم تردد القرار السياسي في استجلاب أحدث العلاجات وأغلاها ثمناً وفي أزمان قياسية.
وكل ما تقدّم، سيفتح، بحول الله، آفاقاً تحمل الكثير من الأمل لمستقبل الشفاء من أصعب الأمراض.. ودام عز البحرين.
اللقطة الثانية: غراس الخير والتفاؤل:
ثاني تلك اللقطات، هي حدث افتتاح معرض البحرين الدولي للحدائق، حيث تنشرح العين برؤية الحضور المهيب لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة العاهل المعظم، وصاحبة البصمات الوطنية الخالدة، والمتميزة بالتأني في التخطيط، والمقدرة على استشراف النتائج التي تُزهر تباعاً وتسجلها عيون أهل البحرين بكثير من الامتنان.
والمعرض المتخصّص الذي يشهد تطوراً ملحوظاً منذ أن بدأ في ستينات القرن المنصرم، هو وجه واحد من وجوه عديدة تهتم بها المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي، التي استطاعت، منذ تأسيسها في 2010م، بأن تتابع تحقيق رؤية سموها لضرورة اعتماد مسار التنمية الزراعية الوطنية للإسهام في إحكام الأمن الغذائي والمناخي، وتحويل قطاعها إلى صناعة قائمة بذاتها.
ولكن إذا عدنا إلى جوهر هذا العمل، فسموها، كما هو واضح للعيان، تؤمن بأن أساس كل اجتهاد يبدأ بـ«البذرة الصالحة» التي يجب أن تُسقى تربتها بالنوايا الصادقة، وتُقلّم شجرتها بالسعي المخلص.. وحتماً سيؤتى كل ذي فضل فضله.. وحفظ الله أم سلمان.
اللقطة الثالثة: فمن تطوع خيراً فهو خير له:
وأختتم بلقطة «مسك العطاء الإنساني» التي عبّرت عنها اللمحات الجميلة من حياة الخالة العزيزة محفوظة الزياني، في حفل تسليم النسخة الأولى من جائزتها السخية والمخصّصة لتشجيع مشاريع الخير والتطوع في البحرين، وخصوصاً فئة الشباب، وهي محاطة بأسرتها المُحبة والمُقدِّرة لرحلة عطائها الممتدة.
الخالة «أم خالد» شخصية غنية عن التعريف، وتعتبرها الأجيال قدوة ونموذجاً إنسانياً رائداً في العمل التطوعي ضمن القصة المتألقة التي صاغت تفاصيلها أيقونة العمل الخيري والنسائي الأهلي، الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، رحمها الله، وكانت «أم خالد» من بين أهم شخصياتها، ولاتزال، أطال الله في عمرها، تبحث عن كل فرصة تجعلها في عون أهل البحرين وخدمتهم.
أما بالنسبة إلى فكرة الجائزة لتخليد عطاء هذه الشخصية الرائدة، فهي موفقة للغاية وتحمل كل مقومات الاستمرارية والتطور، وسبب ذلك، أنها تُدار بنهج مؤسسي يستمد نظامه من فخر عائلتها وفخر مجتمعها وفخر الأجيال القادمة بهذه القامة الوطنية التي لا تعرف إلا لغة العطاء والرحمة واللطف.. أما أجر «السيدة محفوظة» فهو محفوظ في ميزان حسناتها ومؤتمن في ذاكرة وطنها.
* عضو مؤسس دارة محمد جابر الأنصاري للفكر والثقافة
0 تعليق