بذلت الإدارة المصرية، وعلى رأسها الرئيس ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، جهوداً حثيثة خلال الأسابيع القليلة الماضية للحصول على الدعم العربى والاسلامى والدولى لخطتها لإعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها منها. جاءت تحركات الإدارة المصرية بعدما أعلن الرئيس الأمريكى خطته لتهجير سكان قطاع غزة إلى الدول العربية المجاورة، خاصةً مصر والأردن، وهو مارفضته كلتا الدولتين. وأعلنت مصر عن خطتها البديلة، والتى ستتم مناقشتها رسمياً خلال مؤتمر القمة العربية الطارئ المقرر عقده فى القاهرة يوم ٤ مارس المقبل، لتصبح الخطة هى المبادرة العربية البديلة لخطة الرئيس ترامب.
واصل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مساعيه الدولية للحصول على الدعم اللازم لخطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة، بلقاء رئيس الكونجرس اليهودى العالمي، الداعم الأكبر لدولة إسرائيل، وذلك يوم الأحد ١٦ فبراير فى القاهرة. كان من الذكاء هذه المقابلة لشرح الخطة وتبيان أنها تخدم أمن المنطقة بما فيها إسرائيل، وذلك بعد رفض مبادرة الرئيس ترامب التى طرحها فى وجود رئيس وزراء إسرائيل فى البيت الأبيض. أبدى رئيس الكونجرس اليهودى تفهمه لما ذكره الرئيس السيسي، وأعرب عن حرصه على استمرار التشاور بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، تقديراً لدورها الريادى فى تحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
وتلى ذلك زيارة ناجحة للرئيس لإسبانيا يوم ١٨ فبراير، التقى خلالها ملك إسبانيا، ورئيس الوزراء، وممثلى بعض من الشركات الإسبانية الكبرى. اختيار إسبانيا، الدولة الأوروبية المؤيدة للحق الفلسطينى والتى استضافت من قبل مؤتمر مدريد للسلام سنة ١٩٩١، كان موفقاً نظراً لكونها عضواً مؤثراً فى الاتحاد الأوروبي. وخلال مباحثاته مع الجانب الإسبانى، أشاد السيد الرئيس بالموقف الإسبانى التاريخى الداعم للقضية الفلسطينية، وتطابق رؤى البلدين حول ضرورة إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين. وحتمية مواصلة الجهود المشتركة من أجل ضمان احترام حقوق الشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
ويوم الجمعة 21 فبراير، واصل الرئيس جهوده فى بلورة خطة مصر لإعادة إعمار غزة بلقاء ودى فى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة فى اجتماع غير رسمى شارك فيه قادة كل من مصر والأردن ودول الخليج العربى الخمس (السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين). وأعتقد أن هذا اللقاء كان ضرورياً جداً لتنسيق موقف مصر والأردن مع الإخوة الأشقاء فى دول مجلس التعاون الخليجي، قبل عرض خطة مصر على مؤتمر القمة. وأظن أن الخطة المصرية سوف تحصل على دعم وموافقة كل الدول العربية عند عرضها رسمياً على القمة العربية الطارئة يوم ٤ مارس المقبل بإذن الله تعالى.
وفى السياق نفسه، توجه الدكتور مصطفى مدبولى جنوباً إلى أديس أبابا للمشاركة فى قمة الاتحاد الأفريقي والتشاور مع القادة الأفارقة، والرئيس الفلسطينى والسكرتير العام للأمم المتحدة. أجرى د. مدبولى عدة لقاءات ثنائية مع عديد من زعماء القارة الأفريقية، والذين أشادوا بدور مصر المحورى فى دعم الدول الأفريقية، وموقفها المشرف فى دعم واستقرار دول القارة وخطتها لإعادة إعمار غزة. كما التقى الرئيس محمود عباس أبو مازن، والذى قدم الشكر لمصر حكومةً وشعباً لوقوفها مع الحق الفلسطيني. ثم التقى أنطونيو جوتيريش السكرتير العام للأمم المتحدة، والذى أكد أيضاً على تقديره واحترامه لموقف مصر وجهودها الداعمة للشعب الفلسطينى ودورها فى الحفاظ على استقرار المنطقة. كما أعلن الدكتور مصطفى مدبولى عن استضافة القاهرة للاجتماع الرابع للتحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين، والذى حضره المفوض العام لوكالة الأونروا، ومنسقون من الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار.
وقام الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية بمجهود كبير لشرح خطة مصر للمجتمع الدولي. وقام بعرض خطة مصر فى اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين المُنعقد بجوهانسبرج يومى ٢٠-٢١ فبراير، تحت رئاسة جنوب أفريقيا. عرض الوزير خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية، مع ضمان أن يظل الشعب الفلسطينى على أرضه وفى وطنه.
مما سبق يتضح أن الدولة المصرية وعلى أعلى المستويات، قد بذلت جهوداً كبيرة للتواصل مع المجتمع الدولي، من خلال خطة عمل متكاملة، وتنسيق مستمر، لضمان نجاح خطتها لإعادة إعمار غزة وبقاء الفلسطينيين على أرضهم، ضمن نظرة شاملة لتحقيق السلام الشامل والعادل فى المنطقة من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
0 تعليق