أثبت اتفاق تبادل الأسرى والهدنة بين الكيان الصهيوني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي تم الاتفاق عليه بتاريخ ١٥ يناير من العام الحالي ٢٠٢٥م، ودخل حيز النفاذ بتاريخ ١٩ من يناير المنصرم -ويتكون من ثلاث مراحل- وهو الاتفاق المقترح بواسطة الوسطاء، الولايات المتحدة ومصر وقطر، والذي قبلته حركة حماس في ٥ مايو من العام المنصرم ٢٠٢٤م، وأفسده نتنياهو طوال هذه الفترة لعدم رغبته وحكومته المتطرفة في إيقاف المجازر والإبادة الجماعية للفلسطينيين العزل في قطاع غزة..
أثبت بعد كل الخروقات التي تجاوزت -حسب المصادر- حتى الآن أكثر من ٣٥٠ خرقًا، في مدة زمنية لم تتجاوز ٤٠ يومًا القناعة والحقيقة التاريخية أن هذا الكيان المجرم المحتل، عبر تاريخه المظلم، لم يلتزم بأي اتفاقات أو تعهدات، وخير دليل على ذلك نقضه لكل تعهداته والتزاماته في اتفاق أوسلو، الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية في ١٣ سبتمبر ١٩٩٣م، والذي مضى عليه أكثر من ٣٠ عامًا من الخروقات اليومية، حتى أصبح عمليًا في حكم الملغي.
ومنذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ١٩ يناير الماضي، خرق الكيان الصهيوني هذا الاتفاق عشرات المرات ونقض ما تعهد به أمام الوسطاء الضامنين، ومن هذه الخروقات، على سبيل المثال لا الحصر، تحليق طيران الاستطلاع بصورة يومية في فترات المنع المحددة، وتكرار توغل الآليات العسكرية بشكل يومي خارج محور فلادلفيا، وهدم عدد من المنازل خارج المنطقة العازلة، ومنها أيضًا، تقدم آليات الاحتلال في بداية تنفيذ الاتفاق من محور «نتساريم» تجاه جنوب القطاع، وإطلاق النار بصورة عشوائية على النازحين الفلسطينيين، كذلك منع الصيادين من النزول للبحر وإطلاق النار عليهم، وتأخير الانسحاب من شارع صلاح الدين في اليوم الـ٢٢ حسب الاتفاق.
تمثلت كذلك أبرز الخروقات الصهيونية في ما يتعلق بالمعتقلين، في تأخير الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في كل الدفعات لساعات طوال، بالرغم من وجود تحديد مسبق في الاتفاق على توقيت خروجهم، وتمثلت أبرز الخروقات الصهيونية الأخرى في المجال الإنساني، وتحديدًا في مجال الإغاثة، في عدم السماح بدخول المعدات الثقيلة لرفع الركام، وكذلك عدم السماح بدخول الخيم والبيوت المتنقلة المتفق عليها، إضافة إلى عدم السماح بدخول مواد البناء لإعادة ترميم المستشفيات ومراكز الدفاع المدني، إضافة إلى منع إدخال معدات الدفاع المدني، وناقلات الوقود، وعدد شاحنات الإغاثة المتفق عليها، والسيولة النقدية المطلوبة وغيرها الكثير من الأساسيات التي تم الاتفاق عليها في ١٥ يناير الماضي.
لقد أمعن الكيان الصهيوني في التنغيص على الضامنين، وتحديدًا مصر وقطر وكذلك أهالي المعتقلين الفلسطينيين، بافتعال أزمات من العدم عندما يحين موعد إطلاق سراح المعتقلين، وفق العدد والوقت المحدد سلفًا، وأنا هنا أُكبر حجم وقوة صبر الفلسطينيين، وتحديدًا حركة حماس، وكذلك الوسطاء الضامنين، وهم مصر وقطر، هذا لكون الولايات المتحدة -الضامن الآخر- الدولة الأكبر في العالم ارتضت لنفسها أن تتعرض للإهانة والتقزيم من قبل مجرم الحرب نتيناهو، وتردد كل ما يصدر عنه من كذب للتحلل من التزاماته، التي تعد هي الضامن الأكبر لتنفيذها أمام المجتمع الدولي.
ولم تختلف إدارة ترامب عن إدارة بايدن في هذا الشأن، مما أفقدها بكل وضوح المصداقية في كل ما له علاقة بالفلسطينيين والعرب، بل توسعت أكثر في الانبطاح للهوى الصهيوني؛ لدرجة الإعلان عن نيتها القيام باحتلال قطاع غزة، وتهجير سكانها، الذين يتجاوز عددهم المليونين إلى كل من مصر والأردن، وقيام الدول العربية المقتدرة -في إشارة لدول الخليج العربية-، بإعادة إعمار غزة على نفقتها، وتسليمها للولايات المتحدة لإدارتها، كمنتجع سياحي تعود إراداته المالية بالنفع على الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، في اقتراح، يمثل جريمة التطهير العرقي، وهو اقتراح يعد بكافة المقاييس جريمة حرب وفق المادة (٨) من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.
بعد هذا كله، هل الولايات المتحدة والغرب يكذبون على العرب أم أن العرب يكذبون على أنفسهم؟، حيث أنهم يعلمون، أن الكيان الصهيوني لم يفِ بتعهدٍ واحدٍ في تاريخه، ولن يفي بأي تعهدٍ مستقبلًا، وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي، عندما قال بيت الشعر الشهير: (مخطئ من ظن يوماً أن للثعلبِ ديناً)، فعن أي سلام وحل الدولتين تتحدثون؟.
0 تعليق