غازي الغريري

ما أن يدخل علينا شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام وصالح الأعمال وهو ركن من أركان الإسلام إلا وتهل معه نفحات إيمانية مميزة، فهذا الشهر العظيم، حقيقةً، فرصةٌ للتقرب من الله تعالى بالطاعات والعبادات بالمحافظة على أداء الصلوات في المسجد وقراءة القرآن والإكثار من الذكر والدعاء والصدقات، فكل تلك الأعمال تحمل في طياتها خصوصاً مع رمضان الكثير من الروحانية التي تملأ القلوب بالسكينة والطمأنينة وتهذب النفس وتعلمها الصبر والانضباط؛ مما يجعل الإنسان المسلم أكثر وعياً، ويكون أكثر قرباً إلى ربه، لذلك فإن شهر رمضان هو طريق للخير بكل صوره وأشكاله، والسعيد من اغتنم ليالي هذا الشهر المبارك في الطاعات بكل أنواعها وأشكالها، لذلك لا تفوت هذه الفرصة، ولا تجعلها تضيع من بين يديك، وأن تعزم وتعقد النية مع دخول الشهر بأن يكون رمضان فرصة للتغيير للأفضل.

ومع الصيام في شهر رمضان يشعر الصائم بقيمة النِعم الكثيرة التي لا تحصى والتي أنعم الله بها عليه، فحين يمتنع عن الطعام والشراب يدرك معاناة الفقراء والمحتاجين، مما يدفعه إلى العطف عليهم والتصدّق لهم بسخاء ويبذل كل ما بوسعه، بل ويجاهد نفسه لفعل الخير، حيث يُعد شهر رمضان فرصة في إظهار قِيَم التكافل الاجتماعي في إخراج الزكاة والصدقات وإطعام المحتاجين ابتغاء لمرضاة الله ومضاعفة الأجر ونيل الثواب الجزيل من الله تعالى، ابتغاء من فضله أن يشملنا برحمته الواسعة ودخول الجنة التي وعدنا بها جل جلاله، والتي لا تكون إلا بالعمل الصالح الخالص لوجه الكريم، وهذا يتجلى في شهر الصيام والعبادة الذي جاء هذا العام ونحن في أمن وأمان وخير وبركة مع هذه الأجواء الجميلة والباردة التي نعيشها هذه الأيام.

نعم شهر رمضان هو شهر الصيام والعبادة، وأيضاً يدعونا إلى تصفية القلوب من الضغائن والأحقاد والبُعد عن البغضاء ونشر المحبة والسلام بين الناس، وهذه أحد مقاصد الصيام هو تطهير النفس من المشاحنات، فرمضان لا يقتصر فقط على الصيام والامتناع عن الطعام، بل يشمل أيضاً الامتناع عن الغيبة والنميمة وسوء الظن بالآخرين، لذلك لابد على كل مسلم أن يستغل هذا الشهر المبارك في تجديد علاقاته والعفو عن الآخرين والسعي إلى الصفح والمصالحة، ليكون رمضان محطة للسلام الداخلي والخارجي ونقطة انطلاق لحياة مليئة بالخير والتسامح وتجديد العلاقات مع الجميع، فالدنيا فانية ولا يبقى للإنسان في هذه الحياة إلا الأثر الطيب والذكر الحسن بين الناس، وما تركته من أعمال طيبة هي الباقية لك بعد وفاتك ومفارقتك هذه الدنيا القصيرة.همسةرمضان ليس مجرد شهر للصيام، بل هو فرصة ذهبية لتجديد العلاقة مع الله وفتح صفحة جديدة للتوبة وتقويم السلوك، فليكن رمضان نقطة تحوّل نراجع فيه أنفسنا، فالسعيد من خرج من هذا الشهر بقلب أنقى وروح أقرب إلى الله.