وأضاف: يمكننا أن نقترب من بناء تصوُّر أكثر تاريخية لمفهوم العلمانيّة، عندما نتجاوز ثقافة الوثوقية نحو ثقافة التاريخ والنسبية، وإذ ذاك سندرك أنّ من حقّ مجتمعاتنا ومن حقّ الفاعلين في المشهد السياسي، أن يُركِّبوا التصورات والمواقف السياسية الأكثر تاريخية، من أجل تحصيل المكاسب والأهداف التي يُصَوِّبُون النظر نحوها.
وأكد أنّ إعادة التفكير مجدّداً في العلمانية وأسئلتها في الحاضر العربي، تقتضي التخلص من النظرة الاختزالية السائدة في هذا المجال، ولن يحصل ذلك دون سند تاريخي يعي جيداً مختلف لونيات المفهوم، ومختلف الصور التي واكبت عمليات تشكُّله في التاريخ الحديث والمعاصر، مع عدم إغفال مسألة النظر في أنماط علاقته بموضوع الدولة وموضوع الدين. ولا يتعلق الأمر هنا بالدولة والدين في صورهما المجرّدة والمتعالية، بل بنمط الدولة الوطنية الحديثة التي تحاول ضبط المجال العام وتدبّر مقتضياته، كما يتعلق بالدين، واتخذ في التاريخ صُورَةَ مُؤَسَّسةٍ حاضنةٍ وراعية، يتعلّق الأمر بالكنيسة ومراتبها وأدوارها التاريخية، كما يشير أيضاً إلى كلّ ما ترتَّب عن أدوارها في المجتمع والثقافة، بما في ذلك الحروب الدينية، ثم تجارب الإصلاح الديني وما تولَّد عنها من إرهاصات صانعة لملامح مجتمع جديد.
ولفت إلى أنه لا يمكن أن نغفل أشكالَ تمثُّل الفكر العربي المعاصر بمختلف تياراته للعلمانية، وصور توظيفه لها في معارك النهضة العربية، «ولكلّ ما سبق فإنني أعتقد أنّ مهمة توطين العلمنة في ثقافتنا السياسية وفي مجتمعنا، تتطلب جهوداً نظرية وسياسية وتاريخية متواصلة».
ضرورة استكمال معارك ثقافية عدة تمهِّد لثقافة الحرية والعقل في حاضرنا
أخبار ذات صلة
0 تعليق