كمال عبداللطيف: العلمانية أنواع مثلما التديّن متعدد

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يؤكد أستاذ الفلسفة السياسية الدكتور كمال عبداللطيف أنه لا توجد علمانيّة واحدة؛ ففي التاريخ أنماط من العلمنَة لا حصر لها، مثلما أنّ هناك أنماطاً عدة من التديُّن، وصوراً جمة من تحويل الطقوس الاجتماعية إلى طقوس ذات أبعاد دينية. ويرى أنّ المشكلة في نظرنا ليست مشكلة نصوص، أو أبحاث تصدر لتُسهم في تجلية الغامض في المفهوم وتقليص درجات التباسه، بل إنّ أشكال استخدام هذا المفهوم في سياقنا التاريخي العام، الذي يتَّسم بأشكال من الصراع السياسي المتواصلة منذ انفجار 2011، يجعل مهمّة تركيب موقف نظري وتاريخي من العلمنة مهمّة معقَّدة. وقال: لو افترضنا تجاوز المواقف القطعية السائدة، مواقف القبول المتحمِّس، أو مواقف الرفض المحافظ السائدَين في مجتمعنا وثقافتنا، فسنطالب بضرورة استكمال معارك ثقافية عدة تمهِّد لثقافة الحرية والعقل في حاضرنا، وتخاصم ثقافة التهميش والتمييز، وهي الثقافة التي تؤمن في الغالب بالمطلقات مادية كانت أو روحية.

وأضاف: يمكننا أن نقترب من بناء تصوُّر أكثر تاريخية لمفهوم العلمانيّة، عندما نتجاوز ثقافة الوثوقية نحو ثقافة التاريخ والنسبية، وإذ ذاك سندرك أنّ من حقّ مجتمعاتنا ومن حقّ الفاعلين في المشهد السياسي، أن يُركِّبوا التصورات والمواقف السياسية الأكثر تاريخية، من أجل تحصيل المكاسب والأهداف التي يُصَوِّبُون النظر نحوها.

وأكد أنّ إعادة التفكير مجدّداً في العلمانية وأسئلتها في الحاضر العربي، تقتضي التخلص من النظرة الاختزالية السائدة في هذا المجال، ولن يحصل ذلك دون سند تاريخي يعي جيداً مختلف لونيات المفهوم، ومختلف الصور التي واكبت عمليات تشكُّله في التاريخ الحديث والمعاصر، مع عدم إغفال مسألة النظر في أنماط علاقته بموضوع الدولة وموضوع الدين. ولا يتعلق الأمر هنا بالدولة والدين في صورهما المجرّدة والمتعالية، بل بنمط الدولة الوطنية الحديثة التي تحاول ضبط المجال العام وتدبّر مقتضياته، كما يتعلق بالدين، واتخذ في التاريخ صُورَةَ مُؤَسَّسةٍ حاضنةٍ وراعية، يتعلّق الأمر بالكنيسة ومراتبها وأدوارها التاريخية، كما يشير أيضاً إلى كلّ ما ترتَّب عن أدوارها في المجتمع والثقافة، بما في ذلك الحروب الدينية، ثم تجارب الإصلاح الديني وما تولَّد عنها من إرهاصات صانعة لملامح مجتمع جديد.

ولفت إلى أنه لا يمكن أن نغفل أشكالَ تمثُّل الفكر العربي المعاصر بمختلف تياراته للعلمانية، وصور توظيفه لها في معارك النهضة العربية، «ولكلّ ما سبق فإنني أعتقد أنّ مهمة توطين العلمنة في ثقافتنا السياسية وفي مجتمعنا، تتطلب جهوداً نظرية وسياسية وتاريخية متواصلة».

ضرورة استكمال معارك ثقافية عدة تمهِّد لثقافة الحرية والعقل في حاضرنا

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق