يناير 7, 2025 11:40 م
قال النائب معتز الهروط إن الفقر أكل جيوب الأردنيين ، وأنهكت الضرائب المتزايدة عاتقهم ، ولم تجد الحكومة طريقا لسد العجز المتزايد في موازنتها إلا في ملاحقة الأردنيين في عيشهم البسيط وزيادة الضرائب عليهم في الوقت الذي تفشل فيه باستعادة أموال التهرب الضريبي وتحصيل أموال الخزينة من المتنفذين ومحاربة الفساد الذي استشرى ودمر سمعة المؤسسات العامة.
وأضاف الهروط أن ما جاء في الموازنة من توفير عشرة آلاف فرصة عمل خلال هذا العام ، يشكل 10 % فقط من فرص العمل المخطط لها في مشروع منظومة التحديث الاقتصادي الذي تحدث عن مليون فرصة عمل خلال العشر سنوات المقبلة أي بمعدل مئة ألف فرصة عمل خلال العام الواحد .
وفيما يلي النص الكامل لكلمة النائب معتز الهروط:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سعادة الرئيس، اسمحوا لي أن أخاطب الحكومة من خلال مقام الرئاسة إلى نهاية هذا الخطاب.
في البداية أؤيد كل ما جاء في كلمة كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي .
وإننا إذ نلتقي اليوم ونحن نناقش مشروع الموازنة العامة لعام 2025 ، وهو استحقاق سنوي يتطلب منا وقفة جادة ومسؤولة ، نضع فيها مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.
إن الحديث عن الموازنة ليس مجرد أرقام وجداول ، بل هو الحديث عن رؤية اقتصادية شاملة ، عن معيشة المواطن، وعن التزاماتنا نحو العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ننظر اليوم إلى هذا المشروع بعين المواطن الذي منحنا ثقثه لنسلط الضوء على حاجاته ونضعه في مقدمة أولوياتنا .
إن ما نرنو له اليوم ليس مجرد تقييم للوضع المالي للحكومة أو مقدرات الدولة وإنما تقييم لطريقة إدارة الموارد ، وتوجيه الإنفاق ، والتعامل مع التحديات الاقتصادية التي تتزايد عاما بعد عام ، ودورنا اليوم أن نسلط الضوء على مكامن الخلل ، ونقدم بدائل وحلول تسهم في تحقيق موازنة أكثر عدلا وكفاءة توازن بين حاجات المواطنين وقدرات الدولة فإدارة المال العام هي أمانة سنسأل عنها أمام الله يوم القيامة كما يقول الله عز وجل في محكم كتابه ( وقفوهم إنهم مسؤولون ).
ولعل أبرز ما يصف هذه الموازنة المثل الشعبي ( ما في الطاحونة غير دقيقها) ، فهي موازنة تقليدية تفتقر إلى رؤية إصلاحية حقيقية وتعكس أزمة بنيوية في سياساتنا الاقتصادية
وفي خطاب اليوم سأتحدث ضمن عناوين رئيسية لعل من أبرزها :
أولا : العجز والدين العام
فالمطلع على الموازنات السنوية للأعوام السابقة يلاحظ السلم التصاعدي في العجز العام الذي وصل إلى ما يزيد عن 2 مليار في موازنة 2025 مما يشير إلى استمرار النهج التقليدي في معالجة التحديات الاقتصادية دون تقديم حلول جذرية .
وقد بلغت خدمة الدين العام 2.2 مليار دينار أي ما نسبته 20% من إجمالي الإنفاق العام وهو مبلغ يفوق ما يخصص لقطاعي التعليم والصحة مجتمعين مما يضع مستقبل أجيالنا على المحك إذ كان من الأولى استثمار هذه الموارد وتوجيهها نحو هذين القطاعين اللذان يشكلان عماد نهضة الدول .
ثانيا : الإنفاق العام
لقد بلغ إجمالي الإنفاق العام في موازنة 2025 نحو 12.5 مليار ، معظمه يذهب إلى الإنفاق الجاري الذي يمثل 88% من الموازنة ، بينما يظل الإنفاق الرأسمالي متواضعا وغير قادر على تحفيز النمو الاقتصادي المطلوب وكأننا ندور دائما في نفس الفلك.
وقد بلغ الإنفاق الرأسمالي حوالي 1.5 مليار خصص الجزء الأكبر منه لمشاريع سابقة تتطلب مراجعة وضمان تنفيذها .
ولعل من أبرز التحديات في الإنفاق الرأسمالي هو عدم ترصيد ما يخصص للمحافظات من الإنفاق الرأسمالي وينعكس عن ذلك عدم وجود تنمية حقيقية في المحافظات .
وما أحوج محافظاتنا الأردنية لوجود برامج تنموية تولد فرص العمل وتخفف من أعباء الحياة على المواطنين .
فمثلا تم تأخر تنفيذ عدة مشاريع في محافظة الكرك كمشروع مزرعة الطاقة الشمسية في منطقة القطرانة ، ومشاريع أخرى كشراء عيادات بيطرية متنقلة وصيانة عيون مياه بسبب مماطلة في صرف مستحقات هذه المشاريع كما أوردت جريدة الرأي الأردنية .
وهذا غيض من فيض من مشاريع كثر لم تر النور رغم التغني بها منذ سنوات.
وقد ذكرت الموازنة توفير عشرة آلاف فرصة عمل خلال هذا العام ، وهذا يشكل 10 % فقط من فرص العمل المخطط لها في مشروع منظومة التحديث الاقتصادي الذي تحدث عن مليون فرصة عمل خلال العشر سنوات المقبلة أي بمعدل مئة ألف فرصة عمل خلال العام الواحد .
ثالثا : الإيرادات
لقد أكل الفقر جيوب الأردنيين ، وأنهكت الضرائب المتزايدة عاتقهم ، ولم تجد الحكومة طريقا لسد العجز المتزايد في موازنتها إلا في ملاحقة الأردنيين في عيشهم البسيط وزيادة الضرائب عليهم في الوقت الذي تفشل فيه باستعادة أموال التهرب الضريبي وتحصيل أموال الخزينة من المتنفذين ومحاربة الفساد الذي استشرى ودمر سمعة المؤسسات العامة.
وما زال اقتصادنا الأردني يعاني من أزمة بنيوية ناجمة عن هيمنة النمط الاستهلاكي وضعف الانتاج السلعي ومحدودية القطاع الزراعي وزيادة الاعتماد على الخارج في تأمين الاحتياجات الأساسية.
إن اعتماد الحكومة في إيراداتها بنسبة 77% من الضرائب يدل على تجاهل الحكومة للمشاريع الرأسمالية والتي عادة تعتمد عليها الدول المتطورة في زيادة إيراداتها وسد العجز في ميزانياتها.
رابعا : التوصيات
ترشيد الإنفاق العام
وذلك من خلال التركيز على خفض النفقات غير الضرورية ، كالمصاريف الإدارية العالية والمخصصات المبالغ فيها لبعض المؤسسات ودمج بعض الوزارات والهيئات وتوجيه المزيد من الموارد نحو القطاعات الإنتاجية بدلا من الإنفاق الترفيهي .
تعزيز العدالة الضريبية وتعزيز الإيرادات غير الضريبية
بإعادة النظر في هيكل الضرائب لزيادة الإيرادات دون تحميل الطبقة الفقيرة والمتوسطة أعباء إضافية وفرض ضرائب تصاعدية على الأثرياء والشركات الكبرى وتقليل الاعتماد على الضرائب غير المباشرة كضريبة المبيعات.
وتوسيع قاعدة الإيرادات من خلال تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي وتحسين إدارة الموارد الطبيعية كالتعدين والطاقة لزيادة العوائد منها.
تطوير قطاع السياحة واستثمار الإمكانات غير المستثمرة فيه
فعلى سبيل المثال لا الحصر تحتضن مأدبا إرثا سياحيا غنيا ، إلا أن هذا الإرث ما زال استثماره محدودا جدا ، رغم أن قطاع السياحة من أهم القطاعات التي ترفد الإيرادات المحلية وتوفر فرص عمل لأبناء المحافظة التي تعاني من بطالة بين شبابها.
التركيز على المشاريع التنموية
وذلك بزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية و دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة كوسيلة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل دون إرهاق المواطنين بفوائد القروض العالية المترتبة على المتعثرين كما هو حال متعثري صندوق التنمية والتشغيل .
واسمحوا لي أن أركز مجددا على محافظة مأدبا لأنني عايشت مشكلاتها بنفسي
فما زالت مناطق عديدة في مادبا وذيبان تعاني من ضعف الخدمات وضعف في البنية التحتية ، فطريق مادبا ذيبان الذي يربط محافظة مادبا بمحافظات الجنوب والذي من المفترض أن اسمه الطريق الملوكي أصبح اليوم يسمى بطريق الموت
فهو يشهد بشكل متكرر حوادث مرورية مروعة وذلك لافتقاره لأدنى إجراءات الوقاية والسلامة العامة وضيقه وكثرة الحفر التي تتوسط شوارعه.
وفي التعليم تحتاج المنطقة إلى تحسين نوعي في المرافق التعليمية فمثلا تم هدم مدرسة لب الأساسية المختلطة منذ سنتين وإلى الآن لم يتم إعادة بنائها مما زاد العبء على المدارس المجاورة واضطر الأهالي لتحمل نفقات إضافية من أجور نقل لأبنائهم إلى مدارس أخرى تبعد عنهم .
ناهيك عن نقص الكوادر الطبية في المستشفيات الحكومية وغياب بعض الاختصاصات الطبية في جزء منها.
وختاما
إن الموازنة أشبه بحقل نزرعه لنحصد منه الخير ، فإن زرعنا فيها عدلا وعناية، أينعت غلالها رخاء وطمأنينة.
وعيون المواطنين يا دولة الرئيس موجهة اليوم إلينا لا ترضيها وعود لا تسمن ولا تغني من جوع ، بل أفعال تترجمها الأرقام إلى حياة كريمة تلمس في كل بيت وشارع.
ولنضع نصب أعيننا أن وطننا ليس مجرد أرض ، بل هو وطن لا يضام فيه أحد وأن هذا الشعب أراد الحياة وهو يستحق الحياة بكرامة وعدالة .
والتحية كل التحية لأهلنا الصامدين في غزة العزة ولمجاهدينا الأبطال في أنفاق البطولة الصمود.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 تعليق