دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو أن التقارير الواردة عن أول حالة وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة، أعادت لبعض الأمريكيين ذكريات أيام "كوفيد-19" الأولى، عندما كان خبراء الأمراض المعدية يتحدثون عن فيروس جديد يدخل الناس إلى المستشفى جراء إصابتهم بالتهابات الجهاز التنفسي. . لكن، رغم أن الفيروسين قد يسببان مشاكل في التنفس، إلا أنهما يختلفان إلى حد كبير.
انتشر كوفيد بسهولة من شخص لآخر عندما وصل إلى الولايات المتحدة في عام 2020، لكن إنفلونزا الطيور كامنة منذ سنوات، في الغالب بين الحيوانات. ويعرف العلماء أيضًا الكثير عن إنفلونزا الطيور H5N1 أكثر مما يعرفون عن فيروس SARS-CoV-2، وكانت الولايات المتحدة تستعد لخطر تفشي إنفلونزا جديدة لفترة طويلة.
ما هي إنفلونزا الطيور؟
إنفلونزا الطيور، مصطلح واسع يشير إلى أنواع عدة من الإنفلونزا التي تصيب الطيور عادة. أما نوع إنفلونزا الطيور الذي يتصدر الأخبار في الولايات المتحدة، فهو فيروس H5N1.
تسبب بعض فيروسات الإنفلونزا التي تحملها الطيور حالات عدوى خفيفة فقط. في المقابل، فإنّ فيروس H5N1 يقتل في كثير من الأحيان الطيور التي تصاب به، لذلك يتم تصنيفه على أنه فيروس إنفلونزا طيور يسبب المرض الشديد.
وما يزيد الأمور تعقيدا، أنه رغم أنّ فيروسات إنفلونزا الطيور تصيب الطيور في المقام الأول، إلا أنها يمكن أن تنتقل إلى حيوانات أخرى، ضمنًا البشر. تُعد حالات العدوى البشرية بفيروسات إنفلونزا الطيور نادرة، وعادة ما تكون بحسب العلماء "عدوى طريقها مسدود"، لأنها لا تنتقل من شخص لآخر.
هل فيروس H5N1 جديد؟
ربما سمعت عن فيروس H5N1 مؤخرًا فقط، لكنه ليس فيروسًا جديدًا، إذ بقي العلماء يتتبّعونه منذ قرابة ثلاثة عقود.
تم التعرف إليه لأول مرة بالأوز، جنوب الصين، في عام 1996. وعلى مرّ السنين، تسبب بتفشي المرض بشكل متقطع في الطيور البرية، والدواجن في جميع أنحاء العالم.
عاد الفيروس إلى الظهور بأمريكا الشمالية في أواخر عام 2021، وسرعان ما لفت انتباه العلماء لأن نطاقه توسّع، وانتشر إلى ما هو أبعد من الطيور ليصيب مجموعة متنوعة متزايدة من الثدييات. وفي موجة العدوى الحالية، انتشر المرض إلى أكثر من 48 نوعًا في 26 دولة بالحد الأدنى.
وقد تسبب بنفوق جماعي للثدييات البحرية أيضًا، ضمنًا 24000 من حيوانات أسد البحر التي نفقت بأمريكا الجنوبية في عام 2023.
في فبراير/ شباط 2024، وصف الدكتور جيريمي فارار، كبير العلماء في منظمة الصحة العالمية، الانتشار المستمر لفيروس H5N1 بأنه "جائحة الحيوانات".
منذ عام 2022، تأثر أكثر من 130 مليون طائر بري ومزرعة في أمريكا بجميع الولايات الخمسين، وأتت نتائج اختبار 919 قطيعًا من قطعان الألبان إيجابية في 16 ولاية، كما ثبتت إصابة 66 شخصًا في 10 ولايات، وفقًا لبيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، ووزارة الزراعة الأمريكية.
هل يمكن أن يصبح فيروس H5N1 جائحة جديدة؟
يتفق العلماء على أنّ الفيروس سيحتاج إلى التطور، أو الاحتفاظ بالتغيرات الرئيسية في تسلسله الجيني، لبدء الجائحة.
في كل مرة يصيب فيها الفيروس خلية وينسخ نفسه، فإنه يرتكب أخطاء. عادةً ما تكون هذه الأخطاء حميدة أو حتى ضارة بالفيروس، لكن في بعض الأحيان، يحدث تغيير جيني يقوي قدرة الفيروس على إصابة الخلايا. في ظل الظروف المناسبة، قد تتفوق تلك النسخة من الفيروس على النسخ الأخرى وتستمر في البقاء، وتستمر في إصابة مضيفين جدد.
يمكن لفيروسات الإنفلونزا أن تتغيّر بطريقة أخرى أيضًا.
يحتوي كل فيروس على ثمانية أجزاء، وعلى غرار الأطفال في غرفة الطعام، فإنهم يتطلعون دومًا إلى التبادل. عندما يتبادل فيروسان أجزاء كاملة، يُطلق على ذلك اسم إعادة الترتيب، ما يؤدي إلى تغييرات سريعة وأحيانًا مثيرة في قدرات الفيروس.
وبحسب العلماء، إنّ أي نوع من التغيير يمكن أن يسبب مشاكل للبشر. رغم أنّ فيروس H5N1 جيد جدًا في إصابة الطيور، وبات يشكل تهديدًا للعديد من أنواع الثدييات المختلفة، من بينها الأبقار، إلا أن قدرته ضعيفة مع البشر.
في الأبقار، على سبيل المثال، يصيب فيروس H5N1 الغدد الثديية في المقام الأول. يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في إنتاج الحليب، لكنّه عادة لا يقتل البقرة. عند البشر، يبدو أن الطريق الرئيسي للعدوى يتم عبر العيون؛ والتهاب الملتحمة، أو العيون الحمراء الملتهبة، والتي تُعد أحد الأعراض الواضحة للعدوى.
يعتقد العلماء أن فيروس H5N1 يصيب العيون لأن فيروسات الإنفلونزا تدخل الخلايا من خلال السكريات الموجودة على سطحها، التي تسمى أحماض السياليك.
ومع مرور الوقت الكافي في جسم الإنسان، أظهر فيروس إنفلونزا الطيور القدرة على التغير وإصابة أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة، والانتشار من العيون إلى الجهاز التنفسي.
واكتشف الباحثون تغيرات رئيسية في جينوم الفيروس لدى المراهقين في كندا الذين أصيبوا بمرض شديد بسبب فيروس H5N1 في نوفمبر/ تشرين الثاني. ويحتمل أن هذه التغييرات ساعدته على إصابة الخلايا في الجهاز التنفسي.
كما أظهرت عينات من فيروس H5N1 الذي أصاب مريضا في لويزيانا علامات تكيف مع الخلايا البشرية. ويحذر خبراء الأمراض المعدية من أنه مع استمرار الفيروس في الانتشار، فمن المرجح أن يتغير ليصبح ممرضًا بشريًا بالكامل.
كيف يُصاب الناس بإنفلونزا الطيور؟
عندما يصاب البشر بالعدوى، يكون ذلك دومًا تقريبًا من خلال الاتصال بالحيوانات المصابة. وكانت جميع حالات العدوى غير المباشرة المزعومة تقريبًا خفيفة. ولا يُعرف عن أي شخص أصيب بفيروس H5N1 في الولايات المتحدة أنه نقل العدوى إلى أي شخص آخر.
كيف نعرف أنه لا ينتشر من شخص لآخر؟
تقوم المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، وإدارات الصحة العامة بمراقبة عمال المزارع الذين ثبتت إصابتهم، ويتابعون كل من كان حولهم أثناء المرض، وهي ممارسة تسمى تتبع الاتصال، لمعرفة ما إذا كانوا سيصابون بالمرض.
تقوم مختبرات الصحة العامة أيضًا بتسلسل جميع فيروسات إنفلونزا A التي تم اكتشافها من خلال اختبار الإنفلونزا الروتيني. وحتى الآن تم اكتشاف حالتين فقط من حالات الإصابة بإنفلونزا الطيور بين البشر بهذه الطريقة.
تقدر المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أن الخطر الحالي على العامة ما زال منخفضًا.
من الأكثر عرضة للإصابة بأنفلونزا الطيور؟
قال الدكتور مايكل أوسترهولم، الذي يدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، إن مجموعتي الأشخاص الأكثر عرضة للخطر هما عمال الألبان والدواجن والأشخاص الذين لديهم أسراب من الطيور في الفناء الخلفي.
ما هي أعراض إنفلونزا الطيور؟
تتمثل أبرز الأعراض باحمرار العيون وتهيجها، والتهاب الملتحمة.
أما العارض الثاني الأكثر شيوعًا، قيتمثل بالحرارة والأعراض التنفسية.
هل يمكن أن يُصاب الشخص بإنفلونزا الطيور من الحليب أو اللحوم؟
تُعتبر منتجات الحليب واللحوم التي تم تسخينها أو طهيها لقتل الجراثيم، آمنة.
وحذر مسؤولو الصحة من شرب الحليب الخام أو تناول اللحوم غير المطبوخة جيدًا لأنها قد تأوي جراثيم سيئة مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية.
0 تعليق