دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع اقترابهما لسن التقاعد، حرص كل من مادلين وايد، وزوجها جيم، وهما من الولايات المتحدة، على اكتشاف آفاق جديدة.
فكّر الثنائي اللذان يقطنان في فيرمونت، بالانتقال إلى وجهة جديدة سابقًا، لكنهما لم يدرسا مغادرة الولايات المتحدة بجدية إلا في أواخر عام 2016.
وشعرت اختصاصية التخدير السابقة بأنّها تمتلك ما يكفي من المال للتقاعد في وقتٍ مبكر في الولايات المتحدة، وكانت حريصة على الانتقال إلى مكان بتكلفة معيشية أقل.
وقالت وايد لـ CNN: "كنت أعلم أنّني مستعدة للتقاعد، وكنت خائفة من عدم قدرتي على ذلك لسنوات عديدة أخرى في حال بقيت في الولايات المتحدة".
حلم التقاعد
لطالما أراد زوجها الذي عاش في ألمانيا خلال طفولته، العودة إلى أوروبا، وأصبحت وايد أكثر انفتاحًا تجاه هذه الفكرة عندما "أصبحت السياسة في الولايات المتحدة أكثر تعصبًا".
وتحققت رغبة جيم، وهو أستاذ في مجال تكنولوجيا المعلومات سبق وعمل في دول مثل العراق، عندما انتقلا إلى إسبانيا في سبتمبر/ أيلول من عام 2019.
وقالت: "كان التقاعد باكرًا ممكنًا بفضل الضمان الاجتماعي الخاص به، وبيع منزلنا، والانتقال إلى هنا، وعيش حياة جيدة. وهذا ما فعلناه".
وعاش الزوجان حياة خالية من الهموم في إسبانيا معًا لمدة عامين، لكن تغير كل شي في عام 2021، عندما تم تشخيص جيم بالمرحلة النهائية للسرطان، ووفاته في أواخر عام 2022.
وعند النظر إلى الظروف التي أدت لانتقالهما، أوضحت وايد، ولها طفلان من زيجتها الأولى، أنهما فكرا في البداية الانتقال إلى ألمانيا، حيث كان لجيم العديد من الذكريات الجميلة.
وشرحت: "لم تكن ألمانيا تريدنا لأننا كنا كبارًا في السن ومتقاعدين"، مضيفةً أنّهما أخذا أمريكا الجنوبية والبرتغال بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار بشأن إسبانيا.
وبعد البحث عن مختلف الوجهات الإسبانية، استقر الزوجان، اللذان تزوجا في عام 2003، بمدينة فالنسيا الواقعة على الساحل الشرقي للبلاد، وقاما برحلة للتأكد من أنها المكان المناسب لهما.
خطوة جريئة
عند العودة إلى الولايات المتحدة، بدأت مادلين وجيم عملية التقدم بطلب للحصول على تأشيرة لإسبانيا، والبحث عن عقار.
ومع أنّهما اشتريا شقة بغرفتي نوم في حي إل كارمن في عام 2017، إلا أنّ الانتقال إليها استغرق عامين تقريبًا.
وشرحت قائلة: "لم يُسمح لي بأخذ أي إجازة في الواقع ما أن أعلنت تقاعدي. حزمنا أمتعتنا بمجرد انتهائي من العمل. ذهبت لزيارة أطفالي في منطقة بوسطن لمدة أسبوع، ومن ثم انطلقنا".
وبعد التخلص من معظم ممتلكاتهما وبيع منزلهما في فيرمونت، انتقل الزوجان أخيرًا إلى فالنسيا بشكلٍ دائم في عام 2019، ولم يأخذا معهما سوى حقيبتين وكلبيهما، كليو ولونا.
وكانت الأشهر القليلة الأولى لها ولجيم في فالنسيا أشبه بـ"إجازة"، موضحةً أنّ التعوُّد على عدم وجود مكان معين للذهاب إليه استغرق بعض الوقت.
كما أكّدت: "كان هناك الكثير من الروابط الإنسانية هنا مقارنةً بما كنت أختبره في الولايات المتحدة، حتّى في بلدة صغيرة".
خبر مفجع
وجد الزوجان أنّهما اعتمدا على المجتمع المحلي بشدة عندما تلقى جيم تشخيصه المحزن في العام 2021.
وأفادت وايد: "لقد كان تشخيصًا سيئًا حقًا. وبما أنّه كان يتلقى أشكالًا مختلفة من العلاج التي قلّلت مستوى مناعته ضد الأمراض المعدية، كان علينا حقًا وقف حياتنا".
وافترض بعض أصدقائهم وأفراد عائلاتهم أنّ جيم سيعود إلى الولايات المتحدة، لكنه قرر في النهاية البقاء في إسبانيا وتلقي العلاج هناك.
وقالت وايد: "الرعاية الصحية هنا أكثر انتظامًا وأفضل وأرخص بكثير"، وأكّدت أنهما وَثِقا تمامًا بنظام الرعاية الصحية الإسباني الذي تمكن الثنائي من الوصول إليه من خلال دفع قسط صغير شهريًا.
وتوفي جيم قبل أيام قليلة من عيد الميلاد في العام 2022.
واختارت مادلين إخبار أسرتها فقط، كي لا "تشارك أخبارًا سيئة خلال فترة عيد الميلاد".
روح المجتمع
بعد بضعة أيام، اضطرت مادلين الخروج لشراء الطعام، وغمرتها العواطف التي تلقتها من المجتمع المحلي.
وقالت: "لم أخبر أحدًا من حولي بوفاته حقًا"، مضيفةً أن "الجميع كانوا يعلمون أنه مريض".
وفي كل متجر مرّت به، "خرج كل موظف لعناقي والتعبير عن شعورهم بالأسف.. لقد كان أمرًا رائعًا".
وعندما سُئلت وايد عمّا إذا كانت تفكر في العودة إلى الديار بعد وفاة زوجها، قالت إنّها كانت تعلم دومًا أنّها ستبقى في إسبانيا، كما أنّها تحدثت إلى جيم عن هذا الموضوع قبل فترة طويلة من علمهما بمرضه.
وبعد بضعة أشهر من وفاة جيم، انتقلت مادلين إلى شقة جديدة مكونة من ثلاث غرف نوم اشتراه الثنائي سابقًا في حي يُدعى ماليلا.
ومع أنّها كرهت فكرة ترك المجتمع الذي أحبته كثيرًا، إلا أنها شعرت أن هذه الخطوة كانت للأفضل، فكان من الصعب عليها الاستمرار بالعيش هناك من دون زوجها الحبيب.
وتعود مادلين إلى الولايات المتحدة مرة واحدة في السنة، حيث يعيش طفلاها.
0 تعليق