ربان ماهر ببصيرة نافذة

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قُدر لي في العام ٢٠٢٠م أن أحضر العديد من الاجتماعات التي خُصصت حينها للنظر في الوضع الاقتصادي المتأزم للبلاد الذي كان يُعاني الأمرّين نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا وما تسببت به من ركود عميق وانخفاض في معدلات النمو العالمي وارتفاع معدلات البطالة.

كانت الصورة بالغة القتامة نظرًا لمحدودية الحلول القادرة على حمل البلاد على تخطي تلك المرحلة الحرجة مما جعل من خيار فرض إجراءات عاجلة واتخاذ قرارات ربما " مؤلمة " ضرورة لا مفر منها.

وفي خضم تلك العاصفة حيث السفينة أحوج ما تكون فيه إلى ربان ماهر يملك البصيرة النافذة والحكمة وشجاعة اتخاذ القرار.. في يوم الحادي عشر من يناير من العام ٢٠٢٠ م بدأت غيوم الأزمة تتبدد وتُشرق شمس نهضة عُمان المتجددة بتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم والذي أعلن منذ اليوم الأول عن انطلاق خطة الإنقاذ وبدء مرحلة التصحيح والبناء فأعاد السفينة إلى مسارها عبر رؤى وخطط محددة الأهداف تُغلِّبُ مصلحة الوطن والمواطن.

خلال فترة وجيزة من ذلك الحدث الاستثنائي في تاريخ سلطنة عُمان تم إقرار الكثير من الإجراءات أبرزها إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة تبعتها إجراءات أُخرى تمثلت في إطلاق برامج التنمية المختلفة والشروع في تحقيق "رؤية ٢٠٤٠م" بمحاورها الأربعة "مجتمع إنسانه مبدع" و" اقتصاد بيئته تنافسيه" و"بيئة مواردها مستدامة" و"دولة أجهزتها مسؤولة " ثم تم وضع النظام الأساسي للدولة الذي رسم تصورًا واضحًا للمستقبل وملامح المرحلة القادمة.

وقد عملت الحكومة جادة على تطوير وتحديث منظومة التشريعات والقوانين ودعمت كل ما يُحفز التنمية الاقتصادية بما يتسق وأهداف الرؤية الطموحة ويعزز من الأداء الحكومي ويضمن الاستدامة المالية التي اتكأت بصورة مباشرة على سياسة ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات.

ومن الخطوات المهمة التي اُتخذت في هذا المسار إنشاء صندوقين للتقاعد يُعنى الأول بالقطاعين المدني والخاص فيما يُعنى الصندوق الثاني بمنتسبي الوحدات العسكرية والأمنية وإطلاق المبادرات التشغيلية وتوفير البيئة الداعمة للتعليم.

كما تم الشروع في تطوير المحافظات عبر توفير المشاريع والخدمات التنموية والعمل على تعزير الكفاءة والجاهزية الرقمية وتسريع وتيرة التحول الرقمي إلى الحكومة الإلكترونية ودعم دور الشباب وتطوير الجوانب الاجتماعية والتي كان أهمها تثبيت أسعار وقود المركبات وإلغاء حزمة من الرسوم المرتبطة ببعض الخدمات وتخفيض الكثير منها وإنشاء مظلة للحماية الاجتماعية.

كل هذا العمل الجبار لم يستغرق سوى أقل من خمس سنوات من عُمر الزمن حيث عاودت عجلة التنمية الدوران لتقدم بذلك دروسًا في الإرادة التي لا تُقهر والإدارة الرصينة التي لا تعرف المستحيل مستندة إلى فِكر جلالة السلطان المفدى -أعزه الله - المستنير وحصافة رؤيته وهو ما أشاد به أبرز الخبراء في المؤسسات الاقتصادية العالمية الذين عبروا عن دهشتهم للتحول الجذري المثير للإعجاب والذي بدأت نتائجه الإيجابية تظهر من خلال تصاعد مؤشرات الاقتصاد العُماني في زمن وجيز.

لقد تجلى عمل الحكومة المخلص الدؤوب في رفع التصنيف الائتماني وتحسن المؤشرات المالية والاقتصادية لأداء الاقتصاد العماني وفي ارتفاع مؤشرات التنافسية والحرية الاقتصادية وتراجع مستوى الدين العام وتعافي مؤشرات قدرة الحكومة على تحمل أعباء المديونية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسن قطاعات النفط والغاز والمعادن والصناعة والأمن الغذائي والسياحة وفي كافة التفاصيل التي تمس حياة المواطن العماني.

النقطة الأخيرة..

تصريح معالي وزير المالية عقب الإعلان عن تفاصيل الميزانية العامة للدولة للعام المالي ٢٠٢٥ م الذي قال فيه: " نحن قادرون على تغطية مصروفاتنا بسعر ٦٨ دولارا للبرميل وهذا يعد إنجازًا كبيرًا في سياسة تقليل الاعتماد على النفط " تصريح يُثلج الصدر ويؤكد صحة المسار وتحول التطلعات التي كانت أحلامًا إلى واقع ملموس لا تُخطئه عين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق