بعد ثورة 25 يناير 2011، حملت جماعة الإخوان المسلمين شعار "الشرعية الشعبية" واعتقدت أنها الأحق بحكم مصر، متخذة من أحداث الثورة فرصة لتحقيق أهدافها السياسية والإيديولوجية.
ومع وصولها إلى السلطة في 2012، توقع الكثيرون أن تتحقق تطلعات الشعب المصري نحو الحرية والعدالة الاجتماعية، ولكن مع مرور الوقت، بدا أن جماعة الإخوان، رغم تبنيها لشعارات الثورة، كانت بعيدة عن مبادئها الحقيقية.
فبينما كانوا يتغنون بشعارات الثورة من قبيل "العدالة والمساواة"، بدأت الجماعة في تنفيذ سياسات لم تُلبِّ طموحات المصريين، بل أجهضت الأمل في التغيير الحقيقي.
وفي هذا التقرير، نستعرض كيف تراجع الإخوان عن شعاراتهم الثورية، وكيف تحولت الحكومة الإخوانية إلى أداة قمع وتفرد بالسلطة.
شعارات الثورة وتناقضات الإخوا
منذ بداية ثورة يناير، كانت جماعة الإخوان تدعو إلى احترام الإرادة الشعبية وتحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وفي الوقت الذي كانت فيه القوى الثورية الأخرى تطالب بإصلاحات حقيقية ومؤسسات ديمقراطية، اتبعت جماعة الإخوان مسارًا يناقض ما كانت تروج له، إذ مع وصولهم إلى السلطة، أظهرت الجماعة ميولًا للاستحواذ على جميع مؤسسات الدولة، بل وعملت على إقصاء القوى السياسية التي شاركت في الثورة وأبرزها الليبراليين واليساريين.
وعلى الرغم من محاولاتهم ادعاء الالتزام بمبادئ الثورة، كان عملهم على أرض الواقع يشير إلى محاولات لإعادة تشكيل النظام لصالحهم، وفرض هيمنتهم على مفاصل الدولة.
الاستحواذ على السلطة
منذ تولي الإخوان الحكم، بدأت تظهر سياسات الاستحواذ بشكل واضح، إذ تم تأميم الحياة السياسية وتضييق الخناق على المعارضة التي كانت تشارك في الثورة.
وفي انتخابات 2012 الرئاسية، حصل المرشح محمد مرسي، على دعم كبير من القوى الإسلامية، ليصبح الرئيس الأول بعد ثورة يناير.
ولكن بعد أن وصل مرسي إلى سدة الحكم، بدأ في اتخاذ قرارات مثيرة للجدل، أبرزها الإعلان الدستوري الذي منح له سلطات واسعة لا يمكن الطعن فيها، كما اتخذ خطوات لتعيين حلفائه في المناصب القيادية في الدولة، الأمر الذي عزز شعور الاستحواذ السياسي لدى الجماعة.
إجهاض مطالب الثورة
كانت ثورة يناير تهدف إلى تحرير المواطن المصري من قمع النظام السابق، ولكن مع صعود جماعة الإخوان إلى السلطة، تحولت القمع إلى أسلوب جديد من الحكومة.
بدأ الإخوان في قمع أي تحركات احتجاجية ضدهم باستخدام القوة المفرطة، بل عملوا على تشويه سمعة المعارضين السياسيين من خلال وسائل الإعلام، حيث اتهموا القوى المعارضة بالعمالة والخيانة.
علاوة على ذلك، بدأت حكومة الإخوان في تعزيز سلطتهم عبر تغييرات دستورية وإجراءات غير ديمقراطية، مثل تمرير دستور 2012 الذي اعترض عليه العديد من القوى السياسية والحقوقية.
ومع تزايد الانتقادات الداخلية والخارجية، ازداد العزلة السياسية للإخوان، وتقلصت مساحة الحوار الوطني الذي كان يُفترض أن يكون الحل الأمثل لتوحيد الشعب المصري بعد سنوات من الاستبداد.
فشل الإخوان في تلبية تطلعات المصريين
بينما كانت الجماعة ترفع شعارات العدالة الاجتماعية، كانت نتائج سياساتها على الأرض عكس ذلك تمامًا، حيثُ اقتصرت جهود الحكومة على تعزيز سلطاتها الشخصية وتنفيذ أجندتها الإيديولوجية بدلًا من الاهتمام بتحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
وشهدت مصر خلال فترة حكم مرسي تدهورًا كبيرًا في المستوى الاقتصادي، حيث تزايدت معدلات البطالة، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، مما زاد من معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
كما فشلت الجماعة في إدارة ملف الأمن الداخلي، إذ تصاعدت حدة الاضطرابات في الشارع المصري بسبب ضعف أداء الأجهزة الأمنية في مواجهة الجريمة والتطرف.
ولم تكن هناك سياسات واضحة لمعالجة قضايا الفساد المتأصلة في مؤسسات الدولة، مما جعل الشعب المصري يكتشف أن التغيير الذي بشروا به كان مجرد شعار فارغ.
خروج الشعب إلى الشوارع
سرعان ما تحولت سياسة الإخوان إلى مصدر من مصادر الاحتقان الشعبي، مما أدى إلى خروج ملايين المصريين في 30 يونيو 2013 للمطالبة بإقالة مرسي وحكومته وإجراء انتخابات مبكرة.
كان هذا الاحتجاج بمثابة رفض شعبي لأساليب الحكم التي تبنتها الجماعة، ورفض لسياسات الاستحواذ والتفرد بالسلطة، ورغم محاولة الجماعة التشبث بالسلطة، إلا أن احتجاجات الشارع كانت أكثر قوة، فاندلعت أحداث 30 يونيو التي أدت في النهاية إلى الإطاحة بحكم مرسي.
0 تعليق