بدأ العد التنازلى لافتتاح المتحف المصرى الكبير، إيذانًا بدخول أهم مشروع ثقافى فى القرن الحادى والعشرين الخدمة، ليقدم تجربة فريدة لزواره من جميع أنحاء العالم، باعتباره مؤسسة ثقافية متكاملة، وليس مجرد مكان لعرض القطع الأثرية.
وانطلق التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير فى أكتوبر الماضى، بهدف الوقوف على نقاط القوة والضعف، وتلافى أى أخطاء محتملة، على أن يكون العمل مكتملًا بنسبة ١٠٠٪ مع الافتتاح الرسمى.
وقالت مصادر إن الجهود تتواصل حاليًا لإنهاء كل الأعمال المتبقية من مشروع المتحف المصرى الكبير، بالتوازى مع وضع تصور متكامل للافتتاح، لعرضه على رئيس الجمهورية.
وتعمل القيادة السياسية على اختيار أنسب موعد لافتتاح المتحف بما يسمح بحضور عدد كبير من الضيوف العرب والأجانب، وبالتالى تحقيق أقصى استفادة ممكنة، خاصة أنه من المتوقع، وفق مصادر، أن تستمر فعاليات الافتتاح لمدة ١٠ أيام.
وتنظم هذه الفعاليات شركات متخصصة، وفقًا لسيناريو أقرب للتنفيذ، يتضمن استقبال الرئيس السيسى ملوك ورؤساء العالم فى الساحة الرئيسية الخارجية للمتحف بمراسم استقبال رسمية، ثم يلقى كلمة الافتتاح.
يصطحب الرئيس بعدها الضيوف إلى جولة تبدأ بـ«بهو رمسيس الثانى»، ثم الصعود إلى «الدرج العظيم»، والدخول إلى القاعة الرئيسية للملك «توت عنخ آمون» ومشاهدة العرض المتحفى لها، ثم المرور سريعًا على قاعة العرض الرئيسية، قبل الخروج لاستكمال باقى المراسم الاحتفالية.
ويشتمل باقى المراسم على العديد من المفاجآت، إذ تم التنسيق مع الجانب اليابانى للاستفادة من التكنولوجيا اليابانية فى الألعاب النارية، وتصوير الحدث بتقنية «K٨»، وهى تقنية متقدمة للغاية لا تُستخدم سوى فى اليابان فقط، فيما ينقل بقية العالم فعالياته الكبرى بتقنية «K٢» أو «k٤»، مع نقل وبث الفعاليات مباشرة على شاشات عملاقة فى ميادين عالمية.
ومن المقرر أن تكون فعاليات اليوم الأول بين ٣ و٤ ساعات، أما باقى الأيام فيشمل فعاليات خاصة بحضور كبار الشخصيات العالمية. ولتحقيق أعلى استفادة، تُطبع تذاكر دخول مميزة تحمل أرقامًا محددة للاحتفاظ بها، ومن الممكن أن يبلغ سعر تلك التذاكر من ٥٠٠٠ حتى ١٠٠٠٠ دولار، وستكون هناك شركات عالمية ورُعاة لتحقيق أعلى عائد وترويج للدولة المصرية وللمشروع.
من جهته، قال الدكتور عيسى زيدان، المدير التنفيذى للترميم ونقل الآثار فى المتحف المصرى الكبير، إن المتحف بدأ منذ فترة التشغيل التجريبى لبعض أجزائه، مثل ميدان «المسلة المعلقة» الخاصة بالملك رمسيس الثانى، و«البهو العظيم» الذى يضم تمثال الملك رمسيس الثانى، و«عامود النصر» الخاص بالملك مرنبتاح، وتمثال لملك وملكة من العصر البطلمى.
وأضاف «زيدان»: «كما تم التشغيل التجريبى لـ(الدرج العظيم)، الذى يعرض ٦٠ قطعة من أفضل القطع فى الحضارة المصرية القديمة، طبقًا لسيناريو عرض مدروس يتناول الحياة الملكية فى مصر القديمة، بما فى ذلك الملوك وأماكن العبادة، وعلاقة الملك بالآلهة، مع شرح فكرة الحياة الآخرة عند المصرى القديم، ويختتم ببانوراما رائعة للأهرامات الثلاثة، وكأنها معروضة فى فاترينة عرض».
وأكد أن هذه المراحل من التشغيل التجريبى أسهمت فى رواج كبير للمتحف المصرى الكبير، وتلاها إضافة جزء آخر من المتحف، وهو فتح قاعات العرض الرئيسية للزيارة التجريبية، مضيفًا: «هذه القاعات تعد من أجمل قاعات العرض المتحفى، وتبدأ من عصر ما قبل التاريخ، وعصر ما قبل بداية الأسرات، وعصر بداية الأسرات، وعصر الدولة القديمة، ثم بعد ذلك ننتقل إلى عصر الدولة الوسطى، ثم عصر الدولة الحديثة، وننتهى بعصر الانتقال الثالث والعصر المتأخر والعصر اليونانى الرومانى، طبقًا لسيناريو العرض».
وواصل: «داخل قاعات العرض الرئيسية نتناول فكرة المجتمع وتطوره فى مصر القديمة، بالإضافة إلى إبراز أهمية الملكية فى مصر القديمة، وسيجد الزائر لمحات عن المعتقدات عند المصرى القديم منذ عصور ما قبل التاريخ، وصولًا إلى عصر الانتقال الثالث والعصر المتأخر والعصر اليونانى الرومانى، وكل حقبة من هذه الحقب بها مجموعة مميزة جدًا من الآثار، باستخدام أسلوب عرض متميز داخل قاعات متقدمة للغاية، توفر تحكمًا بيئيًا على أعلى مستوى فى درجات الحرارة والرطوبة والإضاءة».
وأكمل: «العرض المتحفى يتميز باستخدام بعض الوسائل المساعدة، مثل شاشات العرض ذات الواقع المعزز، بجانب بطاقات شرح لكل قطعة موجودة داخل قاعات العرض، داخل نحو ١٥٥ فاترينة عرض، وما يقرب من نحو ١٠٠ قاعدة تحمل الآثار الثقيلة، ولأول مرة سيشعر الزائر بتفاعل ديناميكى ينقل له عظمة الحضارة المصرية القديمة».
أما عن المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التى يبلغ عددها ٥٣٩٨ قطعة، فوضع أغلبها فى فتارين العرض بالفعل، باستثناء ٢٤٠ قطعة موجودة فى المتحف المصرى بالتحرير، ومن ضمنها قناع الملك الشهير، و١٠ قطع فى متحف شرم الشيخ، و١١ قطعة فى متحف الغردقة، وسيتم نقل هذه القطع من المتاحف الثلاثة قبل الافتتاح بفترة قصيرة، حتى تظل معروضة أمام الزوار لأطول وقت ممكن، خاصة أنه تم ترميم جميع هذه القطع، وهى جاهزة للعرض مباشرة بعد نقلها.
وتعرض قاعات «الملك الذهبى» ثُلثى قطع المقبرة التى لم تعرض من قبل، وهو ما يشكل عنصر جذب عالمى، وستقدم معلومات كثيرة عن الخلفية الاجتماعية والسياسية والدينية لـ«الملك توت»، بل أسلوب حياته والموضة فى عصره.
وقُسمت قاعتا «الملك توت» وفقًا لتخطيط مقبرته الأصلية فى وادى الملوك، وهى مكونة من ٤ حجرات، واحدة لعرض القطع الجنائزية للملك، والثانية تعرض فكرة البعث والحياة مرة أخرى التى كان يعتقد فيها المصرى القديم، والثالثة عن هوية الملك وأسرته، ثم القطع المعبرة عن أسلوب الحياة وموضة العصر، ومنها بقايا ملابسه، ومنسوجات قبره، وطريقة ارتدائه إياها، وكلها تُعرض بشكل كامل لأول مرة.
كما سيكون هناك عرض لبعض تقنيات مصر القديمة، مثل سرير الملك الذى يمكن طيه لإغلاقه، وهى تقنية عالية جدًا من ٣٥٠٠ عام، إلى جانب تقنية الصناعة الدقيقة لأوانى الألباستر، والصناعة الرائعة للتماثيل الخشبية للملك.
ويستوعب المتحف حتى ٥٠ ألف قطعة أثرية فى العرض الدائم، و٥٠ ألفًا فى المخازن، للدراسة ولاستخدامها فى المعارض المتغيرة، التى خُصصت قاعتان لإقامتها بما يجذب الزائر الأجنبى والمحلى، لأنه فى كل مرة سيزور فيها المتحف سيجد قطعًا جديدة ضمن هذه المعارض.
0 تعليق