التغير المناخي أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم مما يتطلب التعامل معه تعاوناً دولياً وإجراءات فعالة على مختلف المستويات لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.اضافة اعلان
التغير المناخي هو ظاهرة تشير إلى التغيرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس على كوكبنا إذ تشير التقارير العلمية إلى أن درجة حرارة الأرض قد ارتفعت بمقدار حوالي 1.5 درجة مئوية منذ بداية العصر الصناعي في أوائل القرن التاسع عشر مما أثر على العديد من القطاعات. هذه التغيرات يمكن أن تكون طبيعية، ولكن النشاط البشري، وخاصة منذ الثورة الصناعية، قد زاد بشكل كبير من سرعة هذه التغيرات من خلال انبعاث الغازات الدفيئة حيث شهد العالم تأثيرات متعدده للتغير المناخي منها التأثيرات المباشرة على القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والأمن الغذائي، الموارد المائية، البنية التحتية، الصحة العامة، الطاقة، التجارة وتأثر سلاسل الإمداد وأخيرا التكاليف الاقتصادية العامة حيث تحتاج الحكومات والشركات إلى استثمار مبالغ كبيرة في التكيف مع التغير المناخي وتبعاته، مما يؤثر على الميزانيات العامة ويؤدي إلى تقلبات اقتصادية طويلة الأجل، تؤثر على النمو والتنمية.
وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي، فإن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الناجمة عن الطقس تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا حيث وصلت ما يقرب من 350 مليار دولار أميركي سنويا في الفترة من 2010 إلى 2020. بالاضافة إلى التأثيرات الاقتصادية على القطاعات الزراعية حيث أشار تقرير صادر عن البنك الدولي، يُعد تغير المناخ تهديدا كبيرا للأمن الغذائي وقد يتسبب في انخفاض إنتاجية الزراعة بنسبة تتراوح بين 2 % و 2.5 %، مع تأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي والمحاصيل في مناطق مختلفة من العالم.
وتكمن أسباب التغير المناخي في الانبعاثات البشرية وحرق الوقود الأحفوري (مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي) الذي يؤدي إلى زيادة مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) في الغلاف الجوي. وكذلك إزالة الغابات مما يقلل من قدرة الأرض على امتصاص غاز (CO2 ) مما يتسبب في اختلاف الطقس وتغير المناخ.
اما بخصوص التغير المناخي والاقتصاد فهما موضوعان مترابطان بشكل وثيق. لان التغير المناخي ليس مجرد قضية بيئية، بل هو تحد اقتصادي يتطلب استجابة شاملة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع ولهذا تحتاج الدول إلى تطوير إستراتيجيات فعالة للتكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي لضمان استدامة اقتصاداتها. ان التحدي الأساسي يكمن في إيجاد التوازن بين النمو الاقتصادي ومواجهة التغير المناخي وهو أمر مكلف ويتطلب استثمارات مرتفعة لأن عدم اتخاذ إجراءات وقائية أو تصحيحية يمكن أن تكون تكلفتها أعلى بكثير على المدى الطويل.
وقد أشارت التقارير الدولية الى وجود علاقة مباشرة بين التغير المناخي والاقتصاد بسبب التأثيرات العميقة على الاقتصاد العالمي والمحلي، حيث تتداخل الآثار البيئية مع القطاعات الاقتصادية المختلفة اعتمادا على المناطق الجغرافية والقطاعات الاقتصادية المعنية. ويتجلى أثر التغير المناخي على الاقتصاد في مجموعة واسعة من التأثيرات المباشرة وغير المباشرة التي تؤثر على النمو الاقتصادي والإنتاجية، والاستقرار المالي حيث تتضح معالم هذا التأثير من عدة أوجه مثل الاستثمار والتأمين والتأثير على التجارة وتعطل سلاسل التوريد العالمية وارتفاع تكاليف المعيشة والخسائر الاقتصادية بسبب الكوارث الطبيعية. والبنية التحتية حيث يمكن أن تؤثر الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات على البنية التحتية، مما يتطلب استثمارات ضخمة لإصلاح الخسائر والتعويضات. وفيما يتعلق بالزراعة والغذاء فإن تغير أنماط الطقس والجفاف يؤثران على المحاصيل الزراعية، ويؤدي إلى انخفاض الإنتاجيه وزيادة الأسعار. ناهيك عن التأثير على الصحة العامة وانتشار الأمراض المرتبطة بالحرارة والفيضانات مما يزيد من الإنفاق على الرعاية الصحية وارتفاع التكاليف الصحية. بالاضافة إلى تأثر السياحة وتراجع الاستثمارات في بعض القطاعات السياحية في المناطق المتضررة بيئيا كتدهور البيئات الطبيعية، مثل الشعاب المرجانية أو المناطق الثلجية وغيرها، مما يؤثر تباعا على عائدات السياحة. وأيضا نجد أن قطاع الطاقة سيتأثر حيث يمكن أن تؤدي الحاجة إلى تقليل انبعاثات الكربون إلى تحول كبير في قطاع الطاقة والتحول إلى الطاقة المتجددة، مما يتطلب الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والقيام باستثمارات كبيرة في مشاريع مقاومة التغير المناخي، مثل السدود وتحسين أنظمة الصرف الصحي وغيرها.
ويعتبر التغير المناخي وتأثيره على الجوانب الاقتصادية من المسائل المهمة والمعقدة التي استرعت الاهتمام العالمي والدولي وقد أظهرت الإحصائيات العامة حول التغير المناخي وتأثيره على الاقتصاد أرقاما مهمة يجب الانتباه لها لاهميتها. وأشارت الإحصائيات إلى أن هنالك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتكيف مع التغير المناخي وتقليل تأثيره على الاقتصاد كالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتقليل تكاليف الطاقة عن طريق زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والتشجيع على النقل الأخضر وتقليل الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل مثل السيارات الكهربائية والتكيف مع التغير المناخي في القطاع الزراعي من خلال تطبيق ممارسات زراعية مستدامة ومقاومة للجفاف وتحسين إدارة المياه الزراعية وتشجيع استخدام تقنيات الري المتقدمة والمتوافقة مع المناخ، وتطوير وتبني أصناف زراعية أكثر مقاومة للتغيرات المناخية وإدارة المخاطر والكوارث بتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي من خلال تحسين نظم الإنذار المبكر وخطط الطوارئ والتوعية والتثقيف والقيام بحملات عامة حول التغير المناخي وتأثيراته على الاقتصاد وعقد دورات تعليمية وتدريب القطاعات المهنية المختلفة بشأن التغير المناخي وطرق التكيف معه.
على صعيد آخر فهنالك سياسات اقتصادية وتدابير وقائية للتعامل مع التغير المناخي مثل فرض ضرائب على انبعاثات الكربون لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإصدار تشريعات بيئية صارمة للامتثال للمعايير البيئية. وكذلك من الممكن تقديم الحوافز المالية
ودعم المشاريع الخضراء وتوفير إعانات للأفراد والشركات لاستخدام الطاقة المتجددة والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية مثل بروتوكول كيوتو لتخفيض الانبعاثات الكربونية واتفاق باريس للمناخ والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي لتحقيق أهداف مستدامة.
وبالرغم مما ذكر اعلاه إلا أن هناك فرصا اقتصادية ناتجة عن مواجهة التغير المناخي مثل اقتصاد الكربون المنخفض كالسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية والرياح. والابتكار والتكنولوجيا حيث تدفع التحديات البيئية نحو الابتكار في التكنولوجيا الخضراء، مما يخلق فرص عمل جديدة في الطاقة المتجددة حيث تعتبر قطاعا مزدهرا في المستقبل. وأخيرا فإن تأثير التغير المناخي يحتم إيجاد آلية للتكيف والمرونة كإستراتيجيات التكيف، مما قد يتطلب استثمارات كبيرة من الحكومات والقطاع الخاص لتفعيلها والاعتماد عليها. وهناك عدة أدوات مالية متاحة لدعم التكيف مع التغير المناخي وتحفيز الابتكار، مثل:
أولا- التمويل العام بتخصيص ميزانيات عامة لتمويل مشاريع التكيف مع التغير المناخي ودعم الابتكار والبحث والتطوير، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية مقاومة للتغير المناخي، وتوفير الدعم المالي للمزارعين والشركات لتحسين ممارساتهم الزراعية والصناعية. ثانيا- صناديق التكيف المناخي لتوفير التمويل للدول والمشاريع القائمة على التكيف مع التغير المناخي بهدف تعزيز القدرة التكيفية للدول النامية والمجتمعات المحلية، وتمويل مشاريع بنية تحتية مقاومة للتغير المناخي، وتطوير ونشر التكنولوجيا النظيفة.
ثالثا- الاستثمارات الخاصة كتمويل الشركات الناشئة والابتكارات التكنولوجية في مجال التكيف المناخي، وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والنقل الأخضر، والاستثمار في مشاريع حفظ البيئة وإدارة المياه.
رابعا- التأمين المناخي لدعم التكيف مع التغير المناخي وتغطية الخسائر المرتبطة بالكوارث الطبيعية لتخفيف التأثير المالي للمتضررين وتشجيعهم على اتخاذ إجراءات تكيفية.
خامسا- التحفيز الضريبي والحوافز بتقديم تحفيزات ضريبية وحوافز مالية لتشجيع الشركات والأفراد على اتخاذ إجراءات للتكيف مع التغير المناخي وتطبيق التكنولوجيا النظيفة وتقديم مزايا ضريبية للأفراد القائمين على تركيب أنظمة الطاقة المتجددة في منازلهم.
سادسا- الشهادات البيئية التي تشجع على الاستثمار في مشاريع تقليل الانبعاثات وتكييف التغيرات المناخية والتي تتيح للشركات والمؤسسات بيع وشراء وحدات معتمدة من الانبعاثات الكربونية أو من الطاقة المتجددة. وأخيرا التعاون مع المنظمات غير الحكومية التي تعمل على تحقيق التوازن بين التغير المناخي والاقتصاد وتعزيز الاستدامة مثل غرينبيس (Greenpeace) و(IRENA) الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومنظمة الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) للاستفادة من خبراتها ومصادرها بشكل يحقق للدول أهدافها من حصر التأثيرات السلبية للتغير المناخي.
أما أثر التغير المناخي على الاقتصاد الأردني فانه يعد من القضايا المهمة والتحديات التي تواجه الأردن كونه بلدا يمتلك موارد مائية محدودة ومناخا قاسيا نوعا ما، مما يجعله عرضة لتحديات التغير المناخي حيث يعتمد الأردن بشكل كبير على مياه الأمطار ومياه الأنهار لتلبية احتياجاته المائية، ومع تراجع كميات الأمطار وتقلص كميات الثلوج في المناطق الجبلية، يواجه الأردن تحديات جمة في تأمين المياه اللازمة للشرب والزراعة والصناعة مما يؤدي إلى اضطرابات في القطاعات المختلفة وتكاليف إضافية لتأمين المياه ويؤثر على النمو الاقتصادي. كذلك يعاني الأردن من زيادة في درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، مما يؤثر على القطاعات الزراعية والثروة الحيوانية حيث تعدان من المصادر الرئيسية للعيش وتوفير فرص العمل للسكان مما سيكون له أثر مباشر على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
لمواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة الأردنية على تطوير إستراتيجيات للتكيف مع التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية. وتشمل هذه الجهود الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو واتفاقية باريس للمناخ. ووضع إستراتيجية وطنية للتغير المناخي للفترة من 2013 إلى 2020 والتي تم تمديدها إلى 2025 والتركيز على تطوير مصادر الطاقة المتجدد مثل الطاقة الشمسية والرياح وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتحسين إدارة مصادر المياه وزيادة الاستدامة البيئية والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتحضير للتأقلم مع التغير المناخي من خلال تحسين إدارة المياه وتعزيز قدرة البنية التحتية على التحمل، وتحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز الزراعة المستدامة والتقنيات المائية الحديثة حيث وقع الأردن مؤخرا اتفاقية الناقل الوطني التي تؤمن أكثر من 400 مليون متر مكعب من المياة الصالحة للشرب من البحر الأحمر على نظام الـ BOT.
كذلك يعمل الأردن على المشاركة في المبادرات الدولية لمكافحة التغير المناخي وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. وقد التزم بتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، بما في ذلك تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية ويتوقع أن تستمر الجهود في الأردن للتصدي للتغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية بزيادة استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح كمصادر رئيسية لتوليد الكهرباء للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. وتعزيز كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات بما في ذلك الصناعة والمباني والنقل. وكذلك تطوير سياسات بيئية وأطر قانونية تعزز التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون وتعزز المبادرات البيئية والتكنولوجية المبتكرة بالإضافة إلى تحسين إدارة المياه وتكنولوجيا المياه المستدامة لمواجهة التحديات المائية المتزايدة.
التغير المناخي هو ظاهرة تشير إلى التغيرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس على كوكبنا إذ تشير التقارير العلمية إلى أن درجة حرارة الأرض قد ارتفعت بمقدار حوالي 1.5 درجة مئوية منذ بداية العصر الصناعي في أوائل القرن التاسع عشر مما أثر على العديد من القطاعات. هذه التغيرات يمكن أن تكون طبيعية، ولكن النشاط البشري، وخاصة منذ الثورة الصناعية، قد زاد بشكل كبير من سرعة هذه التغيرات من خلال انبعاث الغازات الدفيئة حيث شهد العالم تأثيرات متعدده للتغير المناخي منها التأثيرات المباشرة على القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والأمن الغذائي، الموارد المائية، البنية التحتية، الصحة العامة، الطاقة، التجارة وتأثر سلاسل الإمداد وأخيرا التكاليف الاقتصادية العامة حيث تحتاج الحكومات والشركات إلى استثمار مبالغ كبيرة في التكيف مع التغير المناخي وتبعاته، مما يؤثر على الميزانيات العامة ويؤدي إلى تقلبات اقتصادية طويلة الأجل، تؤثر على النمو والتنمية.
وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي، فإن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الناجمة عن الطقس تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا حيث وصلت ما يقرب من 350 مليار دولار أميركي سنويا في الفترة من 2010 إلى 2020. بالاضافة إلى التأثيرات الاقتصادية على القطاعات الزراعية حيث أشار تقرير صادر عن البنك الدولي، يُعد تغير المناخ تهديدا كبيرا للأمن الغذائي وقد يتسبب في انخفاض إنتاجية الزراعة بنسبة تتراوح بين 2 % و 2.5 %، مع تأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي والمحاصيل في مناطق مختلفة من العالم.
وتكمن أسباب التغير المناخي في الانبعاثات البشرية وحرق الوقود الأحفوري (مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي) الذي يؤدي إلى زيادة مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) في الغلاف الجوي. وكذلك إزالة الغابات مما يقلل من قدرة الأرض على امتصاص غاز (CO2 ) مما يتسبب في اختلاف الطقس وتغير المناخ.
اما بخصوص التغير المناخي والاقتصاد فهما موضوعان مترابطان بشكل وثيق. لان التغير المناخي ليس مجرد قضية بيئية، بل هو تحد اقتصادي يتطلب استجابة شاملة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع ولهذا تحتاج الدول إلى تطوير إستراتيجيات فعالة للتكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي لضمان استدامة اقتصاداتها. ان التحدي الأساسي يكمن في إيجاد التوازن بين النمو الاقتصادي ومواجهة التغير المناخي وهو أمر مكلف ويتطلب استثمارات مرتفعة لأن عدم اتخاذ إجراءات وقائية أو تصحيحية يمكن أن تكون تكلفتها أعلى بكثير على المدى الطويل.
وقد أشارت التقارير الدولية الى وجود علاقة مباشرة بين التغير المناخي والاقتصاد بسبب التأثيرات العميقة على الاقتصاد العالمي والمحلي، حيث تتداخل الآثار البيئية مع القطاعات الاقتصادية المختلفة اعتمادا على المناطق الجغرافية والقطاعات الاقتصادية المعنية. ويتجلى أثر التغير المناخي على الاقتصاد في مجموعة واسعة من التأثيرات المباشرة وغير المباشرة التي تؤثر على النمو الاقتصادي والإنتاجية، والاستقرار المالي حيث تتضح معالم هذا التأثير من عدة أوجه مثل الاستثمار والتأمين والتأثير على التجارة وتعطل سلاسل التوريد العالمية وارتفاع تكاليف المعيشة والخسائر الاقتصادية بسبب الكوارث الطبيعية. والبنية التحتية حيث يمكن أن تؤثر الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات على البنية التحتية، مما يتطلب استثمارات ضخمة لإصلاح الخسائر والتعويضات. وفيما يتعلق بالزراعة والغذاء فإن تغير أنماط الطقس والجفاف يؤثران على المحاصيل الزراعية، ويؤدي إلى انخفاض الإنتاجيه وزيادة الأسعار. ناهيك عن التأثير على الصحة العامة وانتشار الأمراض المرتبطة بالحرارة والفيضانات مما يزيد من الإنفاق على الرعاية الصحية وارتفاع التكاليف الصحية. بالاضافة إلى تأثر السياحة وتراجع الاستثمارات في بعض القطاعات السياحية في المناطق المتضررة بيئيا كتدهور البيئات الطبيعية، مثل الشعاب المرجانية أو المناطق الثلجية وغيرها، مما يؤثر تباعا على عائدات السياحة. وأيضا نجد أن قطاع الطاقة سيتأثر حيث يمكن أن تؤدي الحاجة إلى تقليل انبعاثات الكربون إلى تحول كبير في قطاع الطاقة والتحول إلى الطاقة المتجددة، مما يتطلب الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والقيام باستثمارات كبيرة في مشاريع مقاومة التغير المناخي، مثل السدود وتحسين أنظمة الصرف الصحي وغيرها.
ويعتبر التغير المناخي وتأثيره على الجوانب الاقتصادية من المسائل المهمة والمعقدة التي استرعت الاهتمام العالمي والدولي وقد أظهرت الإحصائيات العامة حول التغير المناخي وتأثيره على الاقتصاد أرقاما مهمة يجب الانتباه لها لاهميتها. وأشارت الإحصائيات إلى أن هنالك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتكيف مع التغير المناخي وتقليل تأثيره على الاقتصاد كالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتقليل تكاليف الطاقة عن طريق زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والتشجيع على النقل الأخضر وتقليل الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل مثل السيارات الكهربائية والتكيف مع التغير المناخي في القطاع الزراعي من خلال تطبيق ممارسات زراعية مستدامة ومقاومة للجفاف وتحسين إدارة المياه الزراعية وتشجيع استخدام تقنيات الري المتقدمة والمتوافقة مع المناخ، وتطوير وتبني أصناف زراعية أكثر مقاومة للتغيرات المناخية وإدارة المخاطر والكوارث بتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي من خلال تحسين نظم الإنذار المبكر وخطط الطوارئ والتوعية والتثقيف والقيام بحملات عامة حول التغير المناخي وتأثيراته على الاقتصاد وعقد دورات تعليمية وتدريب القطاعات المهنية المختلفة بشأن التغير المناخي وطرق التكيف معه.
على صعيد آخر فهنالك سياسات اقتصادية وتدابير وقائية للتعامل مع التغير المناخي مثل فرض ضرائب على انبعاثات الكربون لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإصدار تشريعات بيئية صارمة للامتثال للمعايير البيئية. وكذلك من الممكن تقديم الحوافز المالية
ودعم المشاريع الخضراء وتوفير إعانات للأفراد والشركات لاستخدام الطاقة المتجددة والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية مثل بروتوكول كيوتو لتخفيض الانبعاثات الكربونية واتفاق باريس للمناخ والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي لتحقيق أهداف مستدامة.
وبالرغم مما ذكر اعلاه إلا أن هناك فرصا اقتصادية ناتجة عن مواجهة التغير المناخي مثل اقتصاد الكربون المنخفض كالسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية والرياح. والابتكار والتكنولوجيا حيث تدفع التحديات البيئية نحو الابتكار في التكنولوجيا الخضراء، مما يخلق فرص عمل جديدة في الطاقة المتجددة حيث تعتبر قطاعا مزدهرا في المستقبل. وأخيرا فإن تأثير التغير المناخي يحتم إيجاد آلية للتكيف والمرونة كإستراتيجيات التكيف، مما قد يتطلب استثمارات كبيرة من الحكومات والقطاع الخاص لتفعيلها والاعتماد عليها. وهناك عدة أدوات مالية متاحة لدعم التكيف مع التغير المناخي وتحفيز الابتكار، مثل:
أولا- التمويل العام بتخصيص ميزانيات عامة لتمويل مشاريع التكيف مع التغير المناخي ودعم الابتكار والبحث والتطوير، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية مقاومة للتغير المناخي، وتوفير الدعم المالي للمزارعين والشركات لتحسين ممارساتهم الزراعية والصناعية. ثانيا- صناديق التكيف المناخي لتوفير التمويل للدول والمشاريع القائمة على التكيف مع التغير المناخي بهدف تعزيز القدرة التكيفية للدول النامية والمجتمعات المحلية، وتمويل مشاريع بنية تحتية مقاومة للتغير المناخي، وتطوير ونشر التكنولوجيا النظيفة.
ثالثا- الاستثمارات الخاصة كتمويل الشركات الناشئة والابتكارات التكنولوجية في مجال التكيف المناخي، وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والنقل الأخضر، والاستثمار في مشاريع حفظ البيئة وإدارة المياه.
رابعا- التأمين المناخي لدعم التكيف مع التغير المناخي وتغطية الخسائر المرتبطة بالكوارث الطبيعية لتخفيف التأثير المالي للمتضررين وتشجيعهم على اتخاذ إجراءات تكيفية.
خامسا- التحفيز الضريبي والحوافز بتقديم تحفيزات ضريبية وحوافز مالية لتشجيع الشركات والأفراد على اتخاذ إجراءات للتكيف مع التغير المناخي وتطبيق التكنولوجيا النظيفة وتقديم مزايا ضريبية للأفراد القائمين على تركيب أنظمة الطاقة المتجددة في منازلهم.
سادسا- الشهادات البيئية التي تشجع على الاستثمار في مشاريع تقليل الانبعاثات وتكييف التغيرات المناخية والتي تتيح للشركات والمؤسسات بيع وشراء وحدات معتمدة من الانبعاثات الكربونية أو من الطاقة المتجددة. وأخيرا التعاون مع المنظمات غير الحكومية التي تعمل على تحقيق التوازن بين التغير المناخي والاقتصاد وتعزيز الاستدامة مثل غرينبيس (Greenpeace) و(IRENA) الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومنظمة الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) للاستفادة من خبراتها ومصادرها بشكل يحقق للدول أهدافها من حصر التأثيرات السلبية للتغير المناخي.
أما أثر التغير المناخي على الاقتصاد الأردني فانه يعد من القضايا المهمة والتحديات التي تواجه الأردن كونه بلدا يمتلك موارد مائية محدودة ومناخا قاسيا نوعا ما، مما يجعله عرضة لتحديات التغير المناخي حيث يعتمد الأردن بشكل كبير على مياه الأمطار ومياه الأنهار لتلبية احتياجاته المائية، ومع تراجع كميات الأمطار وتقلص كميات الثلوج في المناطق الجبلية، يواجه الأردن تحديات جمة في تأمين المياه اللازمة للشرب والزراعة والصناعة مما يؤدي إلى اضطرابات في القطاعات المختلفة وتكاليف إضافية لتأمين المياه ويؤثر على النمو الاقتصادي. كذلك يعاني الأردن من زيادة في درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، مما يؤثر على القطاعات الزراعية والثروة الحيوانية حيث تعدان من المصادر الرئيسية للعيش وتوفير فرص العمل للسكان مما سيكون له أثر مباشر على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
لمواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة الأردنية على تطوير إستراتيجيات للتكيف مع التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية. وتشمل هذه الجهود الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو واتفاقية باريس للمناخ. ووضع إستراتيجية وطنية للتغير المناخي للفترة من 2013 إلى 2020 والتي تم تمديدها إلى 2025 والتركيز على تطوير مصادر الطاقة المتجدد مثل الطاقة الشمسية والرياح وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتحسين إدارة مصادر المياه وزيادة الاستدامة البيئية والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتحضير للتأقلم مع التغير المناخي من خلال تحسين إدارة المياه وتعزيز قدرة البنية التحتية على التحمل، وتحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز الزراعة المستدامة والتقنيات المائية الحديثة حيث وقع الأردن مؤخرا اتفاقية الناقل الوطني التي تؤمن أكثر من 400 مليون متر مكعب من المياة الصالحة للشرب من البحر الأحمر على نظام الـ BOT.
كذلك يعمل الأردن على المشاركة في المبادرات الدولية لمكافحة التغير المناخي وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. وقد التزم بتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، بما في ذلك تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية ويتوقع أن تستمر الجهود في الأردن للتصدي للتغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية بزيادة استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح كمصادر رئيسية لتوليد الكهرباء للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. وتعزيز كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات بما في ذلك الصناعة والمباني والنقل. وكذلك تطوير سياسات بيئية وأطر قانونية تعزز التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون وتعزز المبادرات البيئية والتكنولوجية المبتكرة بالإضافة إلى تحسين إدارة المياه وتكنولوجيا المياه المستدامة لمواجهة التحديات المائية المتزايدة.
0 تعليق