بايدن وروح أميركا

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أ. د محمد مصالحة

قبيل خطابه الوداعيّ، وجّه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، رسالة، يُبلغ فيها الشعب الأمريكي خوفه على ما أسماه (بروح أميركا)، من الجمهوري القادم الذي سيخلفه في البيت الأبيض.اضافة اعلان

لم يشرح بايدن ما يقصده بروح أميركا، إلّا ما قاله إنّه جعلها أقوى مما كانت عليه قبل ٢٠٢٠.

في حقيقة الأمر، لا نتوقع من بايدن المنصرف، إلّا أن يُلمّع إنجازاته أمام الشعب الأمريكي، الذى يشكو من ارتفاع هائل بالتضخم، وغلاء غير مسبوق بتكاليف المعيشة، هذا في الداخل. 

 أمّا في الخارج، فإنّ  شعوب العالم التى سبق وأن انبهر بعض أبنائها بالقيم والسياسات التى نادى بها وطبّقها الرؤساء الأمريكيون الرواد؛ أمثال  لينكولن ومونرو وروزفلت وكارتر، فقد أخذت تعيد النظر بمحتوى ومضمون الروح الأمريكية التي يتحدث عنها بايدن، بعد كل ما شاهدته البشرية من ممارسة إدارته من سياسات، شجّعت الحروب  والصراعات، ودفعت مليارات الدولارات إلى كل من إسرائيل وأوكرانيا، بحجة الدفاع عن النفس، فيما هو يعظّم أرباح المجمّع العسكري وشركات السلاح، كي تبيع مخزونها وتجرّب الجديد منها، خاصة ضد الشعوب في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها.

الأنكى من ذلك، ما قامت به الإدارة من سياسات داخل الأمم المتحدة، ضد وقف الحرب الإجرامية في غزة، وتعطيل أيّ قرارات دولية تلجم العدوان، وتقاصّص قادة الاحتلال من قبل القضاء الدولي، بل وجّهت تهديدات صريحة عبر الكونغرس، لأعضاء محكمة الجنايات الدولية، بسبب إصدارها قراراً بمحاكمة نتنياهو ووزير دفاعه.  

 في حقيقة الأمر، إنّ روح أميركا المشار إليها، والمتمثلة بما ورد في الدستور الأمريكي   وتعديلاته، وبالأدب السياسي الأمريكي، حول قيّم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتكريس دور القانون الدولي ومنظماته، بإدارة العلاقات الدولية بعد حرب عالمية طاحنة. 

أقول، كل هذا، لم تحترمه هذه الإدارة، وتركت الثنائي بلينكن، وزير خارجيته، وسوليفان، مستشار الأمن القومي، يوجّهان إدارة بايدن لارتكاب جريمة الإباده في غزة، وتنكّر الإدارة - عودة لتصرفات الكاوبوي- لكل مايتعلق بقضية الشعب الفلسطيني وحل الدولتين، الذي قال عنه بايدن ذات مرة، إنه بحاجة إلى معجزة لتنفيذه.

نحن في العالم العربي، عانينا من ازدواجية المعايير في عهد بايدن، ما جعلنا نؤمن بأنّ واشنطن باتت، وقد تخلّت تماماً، عن قيّم ومبادئ نادت بها، وشكّلت محتوى ثابتاً في الإعلام والدعاية الأمريكية، لتفرد نموذجها في العالم. 

تتوقع منطقتنا أن تكون الإدارة الجديدة قد استفادت من الحصاد المر الذى تركته إدارة سلفه، وتجنّب المنطقة والعالم المزيد من الحروب، وتعطي تطبيقات أفضل لروح أمريكا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق