عربة التحديث الاقتصادي.. أحصنة متعبة أم طاقة متجددة؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في المثل الهندي القديم "عندما تجد نفسك راكباً حصاناً ميتاً فأفضل شيء تفعله هو أن تنزل عنه" ولا تستهلك وقتا في محاولة إعادة إحيائه، أو تشكيل لجنة لدراسة إمكانية الاستفادة منه، أو القيام بشراء سوط أقوى لمعاقبته، أو محاولة وضع قوانين جديدة لركوب الحصان الميت، أو محاولة تصنيفه على أنه معوق، أو ترقيته لمنصب إشرافي، أو عقد الندوات والمؤتمرات لمحاولة الحديث عن بطولاته.اضافة اعلان
فكل هذا هدر للطاقة والجهد والمال، وتأخير لعجلة التحديث الاقتصادي، وأن أفضل خطوة لطي هذه الصفحة هو النزول عن الحصان، واستبداله بحصان آخر صحيح وقوي من أجل الاستمرار في التقدم نحو الهدف المنشود.
مع أن هذا المثل بسيط وواضح الدلالة إلا أنه يؤسس لعمل ديناميكي متطور لمن يتعامل مع هذه النظرية بطريقة واعية، ومتابعة ما لديه من أحصنة، ومحاولة التخلص منها قبل موتها، بل بمجرد ظهور الأعراض عليها، حتى يتمكن من استبدالها في الوقت المناسب من غير أن تؤثر على الأداء والإنجاز العام.
وفي ظل البرنامج الحكومي الجديد الذي يسعى للنهوض في الأداء المؤسسي، من أجل تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي التي دعا إليها جلالة الملك، والتي شدد على ضرورة المضي بها قدماً ليلمس المواطن الأردني التغيير المنشود في حياته اليومية، سواء على مستوى الخدمات، أو خلق فرص العمل، أو في استقرار الاقتصاد. 
فإن التعامل مع تحديات التنمية والإصلاح الاقتصادي لا يكون بتبني إستراتيجيات غير مجدية تشبه ركوب "حصان ميت "، كالتمسك بالسياسيات القديمة التي لم تؤت أكلها، أو عقد اجتماعات شكلية ومبادرات ذات مخرجات ضعيفة أو غير قابلة للتنفيذ، أو غياب الابتكار ومواكبة التكنولوجيا، أو إلقاء اللوم على الظروف الاقليمية أو الدولية، كذريعة لتسويغ الإخفاق بدل من إيجاد حلول مبتكرة.
إن مثل هذه الإستراتيجيات تؤدي إلى هدر الموارد، كما تضعف ثقة الشارع الأردني بالمشرع والحكومة على حد سواء، وتؤدي إلى بطء تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي.
ولعل الأردنيين في هذه المرة يشعرون بارتياح حذر مع إطلالة دولة رئيس الوزراء ليس فقط بسبب سماع برنامج عمل الحكومة الطموح والكبير، بل حيث رأوا منه بداية موفقة تمثلت بالمتابعة الميدانية، والتخلص من الشكل التقليدي لرؤساء سابقين اعتدنا أن نراهم فقط  في الاجتماعات المغلقة من خلال شاشات التلفزة، هنا فقط شعر المواطن بالفارق بين هذه الحكومة وسابقاتها.
ولكن كلنا يعلم أن العربة لا تقاد بأحصنة ميتة أو منهكة، وأن قوتها وسرعتها ليست رهينة بالقائد وحده، بل أيضاً تعتمد على الأحصنة التي تجرها، ومدى تمتعهم بمستوى عال من الكفاءة والمقدرة، منطلقة من حبهم للوطن وخدمته، وأن ضعف أيٍّ منها سيؤثر على سرعة التقدم والوصول إلى الهدف في المكان والزمان المناسبين، فلا بد من أن تكون أسس العمل واضحة لتحقيق النمو الاقتصادي منها:
- اختيار الفريق الحكومي على أساس الكفاءة والإنجاز، وتجنب المحاصصة والمجاملات السياسية.
- تعزيز ثقافة المساءلة، وذلك بوضع آليات لمحاسبة الوزراء والمسؤولين على أدائهم، وتقييم أداء المؤسسات الحكومية بشكل دوري، ونشر النتائج بشفافية أمام المواطنين لبناء جسور الثقة معهم.
- تمتين روابط الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لتجسيد روح التعاون بحيث تسير العربة كجسد واحد، فهذه الشراكة تعدّ هي المحرك الأساسي للتنمية، ولدوران عجلة الاقتصاد.
- اتخاذ قرارات قوية وسريعة في متابعة التكنولوجيا لتسريع وتيرة العمل الحكومي لجذب الاستثمار، وتشجيع الابتكار داخل مؤسسات الدولة، وتقديم حلول حقيقية لتحديات النمو الاقتصادي القديمة والمعاصرة.
إن رؤية التحديث الاقتصادي التي يعقد الأردنيون عليها آمالاً كبيرة بعد تعثرات الأداء السابقة، ليست مجرد وثيقة أو هدف بعيد، إنها شعلة أوقدها جلالة الملك لتضيء الطريق للأردنيين نحو غد أفضل، فالحكومة الحالية أمام لحظة تاريخية فارقة في تاريخ الأردن، فإما أن تُسجل في دفاتر الإنجاز، أو أن تلحق بركب السابقين.
يريد المواطن أن يرى فريقاً حكومياً يشبه خيول السباق الأصيلة يعرف أن كل خطوة هي سباق مع الزمن، فالأردنيون يستحقون حكومة تعمل بصدق وإخلاص واقتدار من أجل رفعة الوطن وتحقيق الرفاهية للجميع.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق