أبوظبي: «الخليج»
أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، أن دولة الإمارات ملتزمة بمواصلة دورها في دعم مسيرة التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الدولي والعمل على توحيد جهود مختلف الأطراف ضمن مسار واحد يفتح الباب أمام النمو، ويقود جهود الرفاه والازدهار، ويطلق العِنان لفرص اقتصادية غير مسبوقة، مشدداً على أن تزايد الطلب العالمي على الطاقة يستدعي توفير خيارات متنوعة من مصادرها لدفع عجلة التقدم المستدام.
وقال د. الجابر: «يشهد العالم مرحلة تغييرات جذرية تقودها ثلاثة عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل مستقبلنا تتمثل في نهوض الأسواق الناشئة، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي، وهذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريعه بوتيرة غير مسبوقة».
وشدّد على أن دولة الإمارات استطاعت بفضل الرؤية السديدة والدعم اللامحدود لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، (حفظه الله)، تحقيق إنجازات غير مسبوقة وإطلاق مشروعات رائدة في مجالات طاقة الشمس والرياح، والطاقة النووية، والذكاء الاصطناعي.
مرحلة مفصلية
وقال د.الجابر: «مع بداية الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، نشهد مرحلة مِفصلية نقف فيها بين عالَمين، أحدهما نعرفه، وآخر نستكشف ملامحه واحتمالاته، هذه المرحلة التي أسميها (نقلة نوعية من الحاضر إلى المستقبل)».
وأوضح أن هناك ثلاثةَ عواملَ قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل مستقبل البشرية بطرق لم نكن لنتخيلها، وهي: نهوض الأسواق الناشئة المسؤولة حالياً عن أكثر من نصف معدلات النمو والازدهار في العالم، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة والتي تسهم في توسيع نطاق مزيج الطاقة وخلق قطاعات جديدة بالكامل، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي ودوره في تسريع وتيرة التغيير، مؤكداً أن هذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريعه بوتيرة غير مسبوقة.
إنجازات الإمارات
وأكد أن دولة الإمارات تُقدم العديد من النماذج العملية لمفهوم النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل، فهي تتميز بنجاحها في الجمع بين الإرث والتقاليد، والريادة في تبنّي أفضل وأحدث الابتكارات النوعية، ترسيخاً لنهج الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه)، في تحويل المستحيل إلى ممكن وواقع ملموس.
وأوضح د.الجابر أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تُواصل السير على هذا النهج، وأن رؤيتها الاستشرافية تُشكل مصدر إلهامٍ للوصول إلى آفاق جديدة.
وقال: «استطعنا تحقيق إنجازات غير مسبوقة في مجال الطاقة الشمسية، بدءاً من تطوير أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد بالعالم، وصولاً إلى تطوير محطة رائدة عالمياً في مجال تحلية المياه، وفي طاقة الرياح، رسخنا ريادتنا عبر تطوير محطات قادرة على التكيف مع رياح البحار المضطربة وكذلك مع الرياح منخفضة السرعات. كما انتقلنا إلى مرحلة جديدة في مجال الطاقة النووية مع تشغيل 4 وحدات ضمن محطة براكة. كما حققنا إنجازات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بداية من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أول جامعة إماراتية للدراسات العليا متخصِّصة بالكامل في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى شركات الاستثمار الاستراتيجي في هذا المجال مثل شركة «MGX»، وفي مجال الفضاء، أرسلنا مسباراً إلى المريخ، ولم نتوقف هناك، حيث سنرسل قريباً مهمةً إلى حزام الكويكبات عبر مركبة «المستكشف محمد بن راشد»، وسنقوم كذلك بإطلاق القمر الصناعي «محمد بن زايد سات» لاستكشاف كوكبنا وتعزيز القدرات البشرية الإماراتية».
توحيد جهود العالم
وبيّن أن مساعي القيادة لتعزيز التكاتف وتضافر الجهود عالمياً ألهمت العمل الدولي متعدد الأطراف، وساعدت في تغليب العزم والتصميم على الشكوك والمخاوف، كما نجحت في توحيد جهود العالم للتوصل إلى «اتفاق الإمارات» التاريخي خلال مؤتمر الأطراف COP28 الذي استضافته الدولة في العام 2023.
وأشار الدكتور سلطان إلى أن عدم استقرار إمدادات الطاقة المتجددة كان على مدار عقود، أكبر عائق لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المصادر، لكنَّ هذا التحدي تمت معالجته حالياً من خلال إطلاق دولة الإمارات لمشروع رائد في هذا المجال.
وقال: «من أهم التحديات التي يواجهها القطاع هو كيفية توفير الطاقة لعالم يشهد حركةً مستمرة من خلال مصادر غير مستقرة وتحويل المصادر المتجددة إلى طاقة موثوقة يمكن الاعتماد عليها، واليوم، أصبحت لدينا إجابة، بهذا الصدد يسرُّني أن أعلن عن إطلاق أول منشأة للطاقة المتجددة في العالم قادرة على توفير الطاقة المتجددة على نطاق واسع بشكل مستقر ومستمر في كافة الأوقات».
وأضاف: «بالتعاون مع شركة مياه وكهرباء الإمارات، تمكنت شركة مصدر من جمع 5.2 غيغاواط من الطاقة الشمسية مع سعة تخزين تبلغ 19 غيغاواط ساعة لإنتاج 1 غيغاواط من الطاقة النظيفة المستمرة دون انقطاع، وسيسهم هذا المشروع، لأول مرة على الإطلاق، في تحويل الطاقة المتجددة إلى طاقة حمِل أساسي توفر إمدادات مستمرة وموثوقة لشبكات الكهرباء، وهذه بداية لنقلة نوعية في هذا المجال».
تنوع خيارات الطاقة
وأشار د. الجابر إلى الطفرة التي حدثت في قطاع الطاقة والتي ارتبطت بالتوجهات العالمية الثلاثة، خاصةً النمو الكبير في الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى ارتفاع حجم الطلب الإجمالي على الطاقة.
وقال: «قبل بدء استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، كان الطلب المتوقع على الطاقة في طريقه إلى الارتفاع من 9,000 غيغاواط إلى أكثر من 15,000 غيغاواط بحلول عام 2035، ولكن مع نمو تطبيقات مثل ChatGPT بمقدار نصف مليار زيارة كل شهر، واستخدامها طاقةً تعادل عشرة أضعاف ما يستخدمه البحث لمرة واحدة على غوغل، فقد يصل الطلب بحلول 2050 إلى 35,000 غيغاواط، إننا نتحدث هنا عن نسبة زيادة تقدر بنحو 250%، ولا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية هذا الطلب غير المسبوق».
وأكد الحاجة إلى تطبيق نهج يعتمد على مزيج متنوع من المصادر لضمان أمن الطاقة وتوفيرها لمليارات الأشخاص، بما يشمل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة النووية، والغاز، والهيدروجين، والنفط الأقل كثافة من حيث الانبعاثات، وكذلك الاعتماد على تقنيات مثل تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، والتقاط وتخزين الكربون، بالإضافة إلى مصادر الطاقة الجديدة، والتقنيات النظيفة التي لم يتم اكتشافها بعد.
إطلاق «XRG»
وقال د.الجابر: «تم إطلاق (XRG) لتنضم إلى محفظة أبوظبي المتنوعة من الطاقة، وهي شركة استثمارية دولية في مجال الطاقة تسهم في تحقيق أقصى استفادة من الطاقة عبر الاستثمار في مختلف مجالات القطاع، من الغاز إلى الكيماويات والوقود منخفض الكربون، والبنية التحتية للطاقة».
وشدد على أنه لا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية الطلب غير المسبوق عليها، خاصةً مع افتقار مليار شخص في العالم إلى الطاقة حتى الآن، مما يؤكد ضرورة تنويع خيارات مصادرها، موضحاً أن السياسات واللوائح التنظيمية العالمية التي تستبعد بعض هذه المصادر بشكل سابق لأوانه ليست في مصلحة أحد.
جائزة زايد للاستدامة
وأشار الدكتور سلطان أحمد الجابر إلى ضرورة التركيز على الاكتشافات التي تسهم في مساعدة البشرية وتحسين حياة الناس، وهو النهج الذي تسير عليه وتجسده جائزة زايد للاستدامة، فبفضل الجائزة، هناك في كل يوم، في مكان ما من العالم، قرية تشرب مياهاً نظيفة لأول مرة، وطفل يتمكن من الدراسة تحت ضوء يعمل بالطاقة الشمسية، ومزارعٌ يحصد محاصيلَ من أرضٍ كانت قاحلةً ذات يوم.
وأكد بأن هذه الجائزة تبني على إرث الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان مؤمناً بأن المستقبل الذي نبنيه لا يتعلق بتوليد الطاقة فقط، بل بتمكين المجتمعات وازدهارها.
مسار للنمو
وفي ختام كلمته، شدّد د. الجابر على ضرورة عدم الاختيار بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة، لأن هذا التفكير يعوق ويبطئ التقدم، مؤكداً أن الطاقة والاستدامة ليستا متعارضتين، بل شريكان متكاملان، مما يتطلب إنشاء مسارٍ جديد يضمهما معاً، ويفسح المجال أمام النمو، ويقود جهود الرفاه والازدهار، ويطلق العنان للفرص الاقتصادية غير المسبوقة، ويقود البشرية للوصول إلى النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل.
0 تعليق