يؤسفنا القول أننا لم نرَ فجراً في الخصومة كما نراه في الجماعات الإسلامية بشقيها، والتي تستحلّ حتى المحرمات من أجل تحقيق أهدافها، فالطعن في الأعراض وقَلْب الحقائق والكذب مباح، فالغاية فعلاً تُبرّر الوسيلة عندهم، مبدأ مُعتمَد ومُشرعَن وتراه واضحاً في إعلامهم، وهو موضوعنا اليوم خاصة بعد تهاوي مشروعهم بشقّيه!!
فبالرغم من القضاء على الكثير من مراكز جماعة "الإخوان المسلمين" إلا أنهم يُسخّرون كلَّ أو مُعظم ما تبقّى لهم من أموال للصرف على الإعلام من أجل محاربة خصومهم، لأنهم يعلمون قوّةَ وتأثيرَ الإعلام، لذلك لم يبخلوا عليه بشيء، فإن بقي في خزانتهم مائة دينار فإن ستين أو سبعين منه للإعلام والبقية على الأمور الأخرى.
فهم يعلمون أنه سلاحهم الأقوى الذي يعتقدون أنه الحبل المتبقّي الوحيد الذي يجمع شتاتهم ويُبقي على جذوة الأمل في كوادرهم في إعادة بناء ما هُدم من مراكز قواهم، وأنه السلاح الأقوى في محاربة خصومهم وأعدائهم.
ويستغرب البعض لتسخير ماكنة الإعلام الإخوانية لمهاجمة دول الخليج، وبالأخص بالأخص دولة الإمارات، فهم يعملون على مدار الساعة من خلال قنواتهم التلفزيونية والإذاعية، وصحفهم، وبودكاستاتهم، وحساباتهم على جميع منصات التواصل الاجتماعي، منصة إكس، وإنستغرام، وسناب، وتيك توك، ويوتيوب، وغيرها.. بلا كَلل ولا مَلل لمحاربة دول الخليج، وبالأخص الإمارات، يملكون عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية، إن لم يكن أكثر، كُلّها تُرسل نفس الرسائل وتجلس تتربّص بالمرصاد لكل خبر أو رأي أو معلومة ممكن أن تخدم أهم أهدافهم، وهو مربط فرسهم ألا وهو "هدم الدولة"، أيّ دولة عربية ناجحة فهي سور يمنع تحقيق حلمهم.
فالجماعات الإسلامية هي جماعات "أُمميّة"، الدولة سُور يَحول بينهم وبين حلمهم، "الدولة" ككيان سياسي عَقَبَة في وجه مشروعهم الأُمميّ، الدولة لها حدود سيادية، الدولة لها قوانين وعلاقات دولية، الدولة تجمع أطيافاً متنوعة يحكم بينها دستور، فكلّ ما يتعلّق بالدولة هو عائقٌ في سبيل دمج أفراد الأُمّة المتناثرين في عدّة دول، ويعتقدون أن لا سبيل لتوحيد الأُمّة إلا بعد هدم الدولة الكائن الغريب بالنسبة لهم، أيْ العائق الذي صنعه الكفار ليمنعوا تجمّع "الأُمّة".
فكلّما كانت الدولة ناجحة في تحقيق أهدافها التنموية ونجحت في تقديم الرفاهية لشعبها والأمن والاستقرار له، كانت خصماً لابد من هدمه وقتله معنوياً حتى يَسهُل هدمها على أرض الواقع، لذلك فدول الخليج تشكّل أكبر عائق لفكرة "الأُمّة" فهي دُول ناجحة تُغني مواطنيها عن الانضمام لأيّ حلف ما لم يخدم مصالح مواطنيها، الدول الخليجية نجحت في تحقيق أهدافها ككيان سياسي قادر على إسعاد مواطنيه وتلبية احتياجاته، بل وقادر على التواصل والتعايش مع العالم وفقاً للقوانين الدولية، هذه القدرة وهذا النجاح يُعيق فكرة الجماعات الإسلامية المؤمنة بأنه لن تتحقق العِزّة والكرامة والرفاهية للمسلمين إلا حين يكون الفرد فيها تابعاً "لأُمّة" لا "لدولة".
كل نجاح لدولة هو تأخير لمشروع الأُمّة، هذا باختصار سِرّ عداوة جماعة الإخوان للدول الخليجية لإنها ناجحة ككيانات سياسية؛ ولأن دولة الإمارات تُعلن موقفها بشكل أكثر حسماً وتُواجه المشروع الإخواني بقوّة وشراسة وفي ميدانه الأكثر قوّة وهو الإعلام، فإن دولة الإمارات هي الخصم الأكبر للإخوان المسلمين؛ وبالتالي فالشيخ محمد بن زايد، وهو الذي وجّه وبصراحة إعلام دولة الإمارات للتصدّي للإعلام الإخواني، إذاً فهو بالنسبة لهم الهدف الأكثر عُرضة لمحاولات التشويه، إنما للصراحة شكّل الإعلام الموازي الخليجي، خاصة السعودي والإماراتي، قوّةً كبيرةً نجحت في التصدّي بقوة لا تقلّ أبداً عن الإعلام الرسمي.
لهذا السبب، دائماً ما نرى تركيز الإعلام الإخواني على شيطنة أيّ دولة خليجية ناجحة أو أيّ دولة عربية ناجحة، فيُسيئُهم نجاح المملكة العربية السعودية، ويُخيفُهم نجاح دولة الإمارات التي تفوّقت في التصدّي لهم بشكل يفوق بكثير حملاتهم على بقية دول الخليج، فهي نموذج "للدولة" التي يخشون استمرار نجاحها وصعود نجمها.
فحين ترون تغريدة أو رسالة أو فيديو أو أيَّ وسيلة تَواصُل فيها إساءة لدول الخليج فاعلموا مصدرها.
وسبحان الله توحّدت أهداف جماعة المرشد العام مع جماعة المرشد الأعلى وتكاتفوا من أجل شيطنة كل ما يُمثّل "الدولة" عدوتهم اللدود.
0 تعليق