على الرغم من الأحداث الكثيرة التي تنتظرنا، لا تزال توقعاتنا بشأن الأسواق المالية لعام 2025 متفائلة للغاية. فنحن نتوقع أن يتجنب الاقتصاد الأمريكي تباطؤاً حاداً في النمو، ومن المرجح أن يؤدي هذا بدوره إلى مكاسب قوية للأسهم العالمية والسندات ذات العائد المرتفع، حتى لو لم يكن المسار سلساً مثل العام الماضي.
ورغم أنه لا يوجد نقص في البيانات التي تثير القلق أو تعرقل جوهر المحافظ الاستثمارية، كما هو الحال مطلع كل عام، فإن بناء محافظ معقولة يتطلب دمج استراتيجيات لمعالجة مجموعة من الأشياء التي قد تسوء. وتركيزنا تحديداً على ثلاثة مخاطر محتملة: كيف ينفذ ترامب أجندته السياسية؟ وكيف يختار صناع السياسات الصينيون شكل الاستجابة للتعريفات الجمركية الأمريكية وتحديات النمو المحلي؟ وما هو المسار الذي سيتخذه التضخم خلال العام الجاري؟
نرى في «ستاندرد تشارترد» أنه من المرجح أن يحقق الاقتصاد الأمريكي هبوطاً ناعماً، مع وجود فرصة كبيرة لأن يصبح النمو أقوى من المتوقع. وهذا بدوره يخلق خلفية إيجابية للغاية لتوقعات أرباح الشركات. ولهذا السبب نعتقد أن هناك مناخاً ملائماً لزيادة الوزن في الأسهم العالمية على السندات والنقد، مع تفضيل نسبي لأسهم الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تستفيد السندات الأمريكية ومنطقة اليورو والآسيوية ذات العائد المرتفع من هذه الخلفية، ما يوفر فرصة لتوليد مزيد من الدخل.
إن التحدي المحتمل الأول الذي يواجه توقعاتنا ينبع من أولويات سياسة ترامب. فحتى الآن، تقدم مقترحات الرئيس المنتخب السياسية مزيجاً مختلطاً من الإيجابيات والسلبيات، وتدعم سياساته الضريبية والإنفاقية توقعات أرباح إيجابية للشركات. لكن مقترحاته التعريفية من المرجح أن تشكل عائقاً. ومن وجهة نظرنا، قد تكون سرعة وتسلسل تنفيذ السياسة مفتاحاً لما إذا كانت الأصول الخطرة قادرة على الاستمرار في الارتفاع أو مواجهة فترة من التقلب. ومع ذلك، فإن نهج «الضغوط القصوى» يعني أن الأسواق قد تبدأ في القلق بشأن ما إذا كانت التعريفات الجمركية ستنتهي إلى فرض عقوبة على النمو بشكل غير متناسب، أو ما إذا كانت قيود الهجرة ستعيد إشعال الضغوط التضخمية.
ونعتقد أن المستثمرين يمكنهم التخفيف من هذه المخاوف من خلال نهجين. زيادة التحوط خلف الذهب، لأن المعدن النفيس يمكن أن يساعد في تخفيف تقلبات الأسهم قصيرة الأجل، والتركيز بشكل أكبر على القطاعات المحلية والتي من الناحية المثالية يجب أن تتأثر بشكل مباشر أقل بالتعريفات الجمركية.
وفي ما يخص الصين ومخاطر استجابتها للتعريفات الجمركية، باتت تلك التعريفات تشكل رياحاً عكسية معروفة للنمو الاقتصادي هناك. وقد كان الدعم السياسي قادماً بالفعل من السلطات النقدية، من خلال خفض أسعار الفائدة والكثير من السياسات المستهدفة الأخرى. ولكن الأسواق كانت تطالب بدعم حكومي مباشر لتحفيز الإنفاق الاستهلاكي، ومن المرجح أن يكون مدى استجابة صناع السياسات الصينيين لأي تهديدات بفرض تعريفات تجارية أمريكية محوراً رئيسياً آخر للأسواق.
ونعتقد أن المستثمرين قادرون على تخفيف المخاطر من خلال عدة طرق. أولاً، اتباع نهج أكثر تركيزاً على أسواق الأسهم الصينية من خلال القطاعات التي من المرجح أن تتأثر بشكل أقل مباشرة بالتدابير التجارية، على سبيل المثال، تفضيلنا لقطاع الشركات الحكومية ذات العائد المرتفع. وثانياً، الميل نحو فئات الأصول الأكثر احتمالاً للاستفادة من أي حافز إضافي، أو من الاستقرار بدلاً من النمو القوي (الائتمان المرتفع العائد على الأسهم). وثالثاً، التنويع عبر فرص أخرى داخل آسيا أو الأسواق الناشئة.
ولعل الخطر الأكبر الناجم عن النمو الاقتصادي الأقوى من المتوقع يتمثل في انتعاش التضخم بسبب النمو القوي نفسه. وفي ظل سيناريو كهذا، قد تشتعل توقعات التضخم من جديد، ما يحد من المساحة المتاحة أمام الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية الكبرى لخفض أسعار الفائدة. وفي أشد الأحوال، قد يؤدي الارتفاع الناتج في عائدات السندات إلى تراجع في أسواق الأسهم.
ومن المرجح أن يكون الجمع بين الاستراتيجيات التي تحقق أداءً جيداً عادةً عبر طيف أوسع من نتائج التضخم أحد الحلول هنا. ففي حالة التضخم المرتفع بشكل معتدل، قد توفر الأسهم نفسها حماية معقولة، نظراً لأن أرباح الشركات تستفيد من قوة التسعير الأعلى. ومع ذلك، فإن أسوأ سيناريو محتمل لعودة قراءات التضخم المرتفعة للغاية من شأنه أن يفرض خطر هبوط الأسهم والسندات في الوقت نفسه.
إن الدرس المستفاد من عام 2022 هو أن مزيجاً من الأصول الحقيقية (مثل الذهب وغيره من السلع الرئيسية) والاستراتيجيات البديلة (الأصول السائلة والخاصة)، يمكن أن يساعد في توفير تنويع المحفظة الذي يسعى إليه المستثمرون عندما تصبح السندات غير قادرة على القيام بذلك. وسنسعى إلى تضمين كليهما جيداً في محفظة متنوعة كعامل تخفيف ضد هذا النوع من السيناريوهات.
وعليه، ستظل توقعاتنا الأساسية في عام 2025 متفائلة، حيث يساعد النمو الاقتصادي الأمريكي الموسع في الحفاظ على مكاسب الأسهم للعام الثالث على التوالي، مع ضمان حصول الفرد على الاستثمار المناسب والاحتفاظ به، بدلاً من اللجوء إلى الملاذات الآمنة. ونعتقد أن هذا النهج المتنوع هو وسيلة أفضل للتعامل مع المخاطر التي يفرضها النظر المتشكك إلى عام 2025.
0 تعليق