"الوظيفة الحرجة".. تعليمات حكومية تثير الجدل

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - فيما يثور الجدل حول مفهوم "الوظيفة الحرجة" التي أقرها مجلس الوزراء، أخيرا، والتي تتطلب استثناءات من حيث التعيين والراتب، وكذلك حول معاييرها ونسب إشغالها في المؤسسات الحكومية، أكد خبراء في الإدارة، أن الأصل يقوم على عدم وجود وظيفة حرجة، بل وظائف ذات خصوصية عالية وأهمية وخطورة ودقه عالية، على أن يشغلها أفراد على درجة عالية من المهارة.اضافة اعلان
وكانت صدرت الخميس الماضي في الجريدة الرسمية أسس تحديد الوظائف الحرجة في الأردن، استنادا للمادة 13 من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم 33 لسنة 2024م.
وأكد الخبراء في تصريحات لـ"الغد" وجوب تحديد راتب الوظيفة الحرجة في النظام لمن يشغلها تلافيا لصرف رواتب عالية، داعين لضرورة وضع قيود على من يقوم بالتعيين، وضرورة وجود لجان تقوم بذلك مشكلة من الوزارة أو المؤسسات والهيئات المعنية للرقابة على التعيين.
وأثنوا على تحديد نسبة 5 % كحد أقصى لهذه الوظائف، لكن من دون منح استثناءات في ذلك، وبحسب طبيعة عمل الدوائر.
وفي هذا الصدد، أكد وزير تطوير القطاع العام السابق ماهر المدادحة أن تحديد الوظائف الحرجة للوزارات والمؤسسات عملية تقوم بها المؤسسات لتصنيف الوظائف حسب درجة أهميتها للوزارة أو المؤسسة المعنية، وصعوبة تعويض شاغلها بناء على معايير دقيقة يتم وضع تعليمات لها كي تجتمع في النهاية لتعطي صورة عن الوظائف، ومدى كونها حرجة "أي مهمة وحساسة ومؤثرة على سير المؤسسة ويصعب تعويض من يشغلها".
وأضاف المدادحة: "لا توجد وظيفة حرجة، لكن هناك وظائف ذات خصوصية عالية، وتكون ذات أهمية وخطورة ودقة عالية، يشغلها أناس على درجة عالية من المهارة، ويجب أن يحدد راتبها في النظام، إضافة إلى تحديد الحد الأدنى لراتب من يشغلها."
وأشار إلى أن هناك معايير يتم الاستناد إليها عند تحديد الوظائف الحرجة في أي مؤسسة من المؤسسات، منها على سبيل المثال لا الحصر، إلى أي مدى ستسهم هذه الوظيفة في ضمان استمرارية العمل، وإلى أي مدى ستسهم في تحقيق الأهداف الموضوعة، وفي إيصال المؤسسة إلى مرحلة التميز.
وتابع: "عادة ما يتم تحديد هذه الوظائف الحرجة أثناء عملية تحليل وتوصيف الوظائف"، مشيرا إلى أن من الأهمية بمكان أن يكون هناك توافق بين جميع الإدارات في المؤسسة على حراجة تلك الوظائف".
وتبعا لذلك، فإن كل وظيفة من الوظائف، يجب أن يتم تحديد متطلبات إشغالها من حيث الجدارات المطلوبة لهذه الوظيفة، والكفايات التي يجب أن يجسدها شاغل الوظيفة، وبناء على ذلك يتم اختيار شاغلها، وتحديد راتبه وامتيازاته وغير ذلك، بحسب المدادحة.
وأضاف إنه، وتجنبا لاحتمالية شغور الوظيفة الحرجة بسبب وفاة شاغلها، أو تركه العمل، أو إحالته للتقاعد، يجب على المؤسسة أن تعمل على تفعيل خطط التعاقب الوظيفي، وتنفيذ برامج إدارة المعرفة، وعلى نحو خاص نقل المعرفة والتشارك بها بهدف تهيئة وإعداد الكوادر البشرية التي يمكنها شغل الوظيفة الحرجة بعد شغورها.
من جهته، بين الدكتور محمد الروابدة من قسم الإدارة العامة في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة اليرموك، أن المهارات المطلوبة للوظائف الحرجة تركز بشكل أساسي على القضايا أو المهارات الفنية، كالمعرفة المتخصصة في الوظيفة، وتحديد أهدافها، وحجم العمل والاختصاص وأسلوب الأداء. 
وتابع: "كان التركيز أقل نوعا ما على المهارة الإنسانية التي ترتبط بالقدرة على التعامل مع الآخرين والتأثير في سلوكهم، لزيادة الثقة بين المراجعين والدوائر، وهو أمر جد مهم في الأردن، نظرا لما يلاحظ من شرخ بين الدوائر رغم جهدها المقدر، وطموح المواطنين".
وبين الروابدة أن المهارات الإدراكية تلمس بشكل مقتضب، وتتعلق بمهارات اتخاذ القرارت، ودراسة العلاقات بين المشكلات الإدارية، والتفكير اللازم للتنسيق بين ما يتطلبه إنجاز العمل بين أقسام ودوائر ذات صلة، كمدخل أو مخرج لإتمام العملية الإدارية، كما ينبغي التطرق بشكل ملائم للمهارات الذاتية اللازم توافرها في شاغل الوظيفة.
وقال: "يبقى دائما ضرورة وضع قيود لمن يقوم بالتعيين، وضرورة وجود لجان تقوم بذلك من الوزارة أو المؤسسة والهيئة المعنية".
واعتبر أن تحديد نسبة 5 % لإشغال الوظائف الحرجة هو أمر إيجابي، مع تجنب منح استثناءات في ذلك، لمعرفتنا بطبيعة عمل دوائرنا.
وقال: "بشكل إجمالي، أعتقد أن الأسس التي ذكرت قد تفي للمرحلة الحالية للوظائف الحرجة، ولا شك أن هناك تعديلات وإجراءات ستتم بعد التطبيق، والتعلم من التجربة".
بدوره، قال مدير عام معهد الإدارة العامة السابق الدكتور راضي العتوم: "لا شك أن إصدار تعليمات تضبط وتبين أسس تحديد الوظائف الحرجة استنادا للمادة 13 من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم 33 لسنة 2024م يعدّ أساسا منهجيّا لحوكمة التعيين على هذه الوظائف، بما يعزز جودة الاستقطاب والتوظيف عليها، ويعزز تمكين الدائرة في استقطاب الموارد البشرية الكفؤة، التي تتميّز بنضج المعرفة اللازمة للقيام بدورها الوظيفي كما هو مأمول بالأوصاف الوظيفية لتلك الوظائف، وبما يحقق الأهداف الإستراتيجية للدائرة".
وأضاف العتوم إن بعض الوظائف ذات أهمية خاصة وأثر كبير على قدرة الدائرة في تنفيذ مهامها الأساسية وبخاصة الوظائف التي تحتاج إلى توافر خبرات وكفايات تخصصية لإشغالها أو لاستقطابها أو الاحتفاظ بها، معتبرا أن أثر عدم توفر المعرفة اللازمة للموظف ينعكس سلبيا ومباشرة على أداء الدائرة وجودة خدماتها.
وتابع أن تأكيد التعليمات على تحديد شروط فتح الشاغر للتنافس على الوظائف يعدّ جوهرا حيويا في شفافية الاستقطاب لتلك الوظائف، حيث ينبغي توفر شاغر ومخصصات مالية للوظيفة الحرجة، معتبرا أن عدم توفر شخص من الدائرة تنطبق عليه شروط الوظيفة يعني فتح المجال للتنافس على الشاغر الحرج؛ ما يعني تحفيز الموظفين لتطوير قدراتهم ومهاراتهم بما يخدم إستراتيجية الدائرة وتوجهاتها المستقبلية.
وقال "إن ما يعزز مؤسسية العمل وشفافيته، الطلب من الإدارة العليا تقديم الوثائق المعززة التي تثبت عدم تمكن الدائرة من توفير الشاغر وفقا لضوابط التعيين الصادرة بالمادة 5 من هذه الأسس، كالإعلان أكثر من مرة، وتحديد راتب الوظيفة في المؤسسات المشابهة، وبيان عدد المرشحين الذين رفضوا العرض بسبب الراتب أو جرّاء ظروف العمل، وذلك يعدّ ضربا من تفعيل الإنصاف في التعيين كأحد مبادئ الحوكمة التي أقرتها الحكومة عام 2017 ".
وزاد: "كما أن اشتراط وتقييد نسبة الوظائف الحرجة وفقا لأحكام المادة 5 من هذه التعليمات، بألا يزيد عدد الوظائف الحرجة عن 5 % من إجمالي عدد المسميات الوظيفية للوظائف التخصصية ووظائف الإدارة الوسطى في الدائرة، وبقرار من مجلس الوزراء يمكن تجاوز هذه النسبة لأسباب مبررة، فهذا يصنع حاكمية واقعية لضبط أعداد تلك الوظائف، وعدم الغلو في عددها مقارنة بالوظائف في كل دائرة".
وأشار إلى أن التزام الدائرة بتأهيل الصف الثاني من القيادات لإشغال الوظيفة الحرجة وإعداد خطط الإحلال والتعاقب، وخطط التطوير الفردية للموظفين المرشحين مستقبلا، هو أمر ضروري ومهم يخدم موظفي الدائرة، ويحقق التنافس البناء، ويمنح السلم الوظيفي بعدا متكاملا مع خطط التعاقب والتطوير المؤسسي.
وبين العتوم أن المادة 5-أ من التعليمات حددت أوزانا للوظائف الحرجة، حيث منحت خمسة معايير، بحيث تكون الوظيفة تخصصية أو من وظائف الإدارة الوسطى بنسبة 20 %، وأن تتطلب الوظيفة كفايات وظيفية فنية متخصصة بنسبة 20 %، كما تتطلب خبرات فنية متخصصة ونادرة بنسبة 20 %، فضلا عن أثر الوظيفة على عمل الدائرة وعلى متلقي الخدمة بنسبة 30 %، وهذه تشمل الأثر على الإنتاجية والخدمات المقدمة لمتلقي الخدمة، والأثر العالي على نتائج تحقيق الأهداف المؤسسية، وندرة التخصص العلمي. 
وأضاف: "هنا تحتاج الدائرة إلى تحليل وحساب الإنتاجية للعاملين، وما يؤثر في تحقيق الإنتاجية من معايير إدارية، وفنية، وتقنية، ومعارف مميزة؛ أي أنها تحتاج إلى محللين اقتصاديين قادرين على تحليل وقياس الإنتاجية، إضافة إلى صعوبة ظروف العمل أو طبيعة الوظيفة وخصوصيتها، وتشمل: بيئة العمل وظروفه، ودرجة المخاطر بنسبة 10 %.
وتابع: "أخيرا، جاء البند 5 - ب ليحدد الحدّ الأدنى لمتوسط الأوزان النسبية لاعتبار الوظيفة حرجة بمعدل 80 % من الأوزان الخمسة السابقة، وهذا منطقي إلى حدّ كبير، حيث إن اعتبار الوظيفة حرجة يحتاج لتميّز في رفع درجة التوزين للمتنافسين، فمن يقل عن العُشير الثاني في التنافس ضمن قواعد الشروط والمتطلبات لا يكون ممثلا لوظيفة مُصنّفة بالحرجة."
يذكر أن عدد الوظائف المحدثة لغايات التعيين لجميع الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية بلغ (7732) وظيفة منها (3000) وظيفة لوزارة التربية والتعليم و(2000) وظيفة لوزارة الصحة و(2732) وظيفة لباقي الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية.‬
ومن الجدير بالذكر أن مشروع نظام تشكيلات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية للسنة المالية 2024 ينسجم مع متطلبات تطبيق أحكام نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم ٣٣ لسنة 2024، خاصة المتعلقة منها بالتقييم الكمي والموضوعي للوظائف وصفة التعيين.‬
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق