يناير 20, 2025 5:18 م
عملية نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية في غور الاردن الشمالي بالقرب من بلدة طمون، بدون صخب وبصمت قتل جندي واصيب اثنين بجراح أحدهما قائد كتيبة احتياط “8211 لواء منشيه المسؤول عن منطقة قلقيلية.
الهجوم جاء بعد اقل من ثلاث اسابيع على عملية حاجز كدوميم المحاذي لبلدة فندقة غرب بلدة طمون شمالي نابلس، قتل فيه 3 من المستوطنين التابعين للمجلس الاستيطاني الذي يتزعمه المتطرف الفاشي يوسي داغان الذي اثار صخبا كبير لحظتها، وهي حادثة سبقها اشتباكات ومواجهات مسلحة مع الاحتلال في جنين وقباطيا وصولا الى ميثلون.
طمون وميثلون وكدوميم رسمت مثلث الموت للمستوطنين وجعلت البيئة طاردة للاستيطان الذي كان يطمح زعماؤه وعلى رأسهم يوسي داغان ويسرائيل غانتس وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتيش تعزيزه باكثر من 300 الف مستوطن ليصل تعداد المستوطنين مليون خلال العام الحالي 2025.
المشروع بات في مهب رياح المقاومة التي تعصف بالاستيطان شمال الضفة وتهدد بالتوسع والتمدد جنوبا نحو الخليل مرور بالوسط في بيت لحم والقدس، الامر الذي دفع رئيس الاركان هرتسي هاليفي لتوجيه رسائل طمأنة، معلناً نيته نقل فرقة كاملة من قوات الاحتلال من قطاع غزة الى الضفة الغربية بمجرد توقف القتال في القطاع ، ليعود ويتحدث فيما بعد نيته نشر ست من كتائب جيش الاحتلال التي تم سحبها خلال الحرب على قطاع غزة، كون محاولات تعويضها عبر تسليح المستوطينين وعبر قوات الاحتياط و التنسيق الامني مع السلطة في رام الله فشلت تفشلا ذريعا.
المقاومة في الضفة الغربية كابوس الاستيطان والمستوطنين وهي اليوم تطور أداءها على نحو يقلق جيش الاحتلال فعملية طمون استخدمت فيها تقينيات وعبوات متطورة لتصيب هدفا يحتاج رصده جهدا استخباريا كبيرا وشبكة معقدة من المقاومين، وهيكلا قياديا وتنظيميا محكما للمقاومة يدار بشكل متطور ترفده حاضنة اجتماعية صلبة ومرنة.
العملية مثلت رأس الجبل الجليدي الذي تشكل بتأثير من طوفان الاقصى الذي استنزف الاحتلال وفتح الباب لإحداث نقلة وتطور نوعي في اداء المقاومة في الضفة الغربية وهو ما يدركه المستوطنون على الارض اليوم ويتجاهله نتنياهو وسموتريتش ببذلهما جهود مضاعفة لإخفاء الخسائر في صفوف الجيش داخل الضفة الغربية.
المقاومة في الضفة الغربية نجحت في تنظيم صفوفها وتحديث معداتها وترميم هياكلها على نحو كبير من عمر الحرب والعدوان على قطاع غزة، وعلى نحو يتوقع ان يجعل منها لاعبا اساسيا في رسم مستقبل الضفة الغربية التي يعاد هندستها على وقع طوفان الاقصى والتحولات الاقليمية لتصبح بيئة طاردة للاحتلال ولمستوطنيه، المشروع الذي عجز الاحتلال عن حمايته بحسب تصريحات يوسي داغان ويسرائيل غانتس.
فالحديث عن زيادة عدد المستوطني في الضفة الغربية الى مليون وزيادة في عدد الحواجز الامنية قابله مشروع مواز آخذ في التطور للمقاومة بتقليص تعداد المستوطنين الى 100 الف وهو الرقم الذي كان عليه الحال قبيل اتفاق اوسلو عام 1993، وصولا الى صفر مستوطنين في الضفة الغربية، مشروع لم تنجح سلطة رام الله في التصدي له طوال مسيرتها التفاوضية، ولا يتوقع ان تنجح في تحقيقة الامر الذي يعزز من مشروعية المقاومة وبرنامجها، ويوسع حاضنتها ويزيد من نفوذها وقوة دفعها بتأثير من العجز الذي عاناه الاحتلال في قطاع غزة.
ختاماً.. عملية طمون جاءت بعد يوم واحد من ووقف اطلاق النار في قطاع غزة، وبعد سلسلة من التحولات الجيوسياسية في الاقليم التي أوحت للاحتلال بإمكانية استعادة السيطرة على الضفة الغربية، وحسم ملفها عبر نشاط مفرط لجيش الاحتلال وللولايات المتحدة التي اشركت احد جنرالاتها في رسم استراتيجية ملاحقة المقاومة الفلسطنيية، ممثلة في شخص المنسق الامني بين اميركا والسلطة في رام الله والاحتلال الاسرائيلي الجنرل مايكل فنزل، لتأتي عملية طمون مشككة برهانات و جهود اميركا والاحتلال الاسرئيلي المشتركة، فالمقاومة ما زالت تعمل بهدوء وصمت ولكن بفاعلية وتأثير اكبر مما كانت عليه قبيل ست سنوات من الآن.
0 تعليق