يناير 23, 2025 5:00 م
كاتب المقال : علي سعادة
مع أن جميع أطياف اللون السياسي والعسكري في دولة الاحتلال متفقة على ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلا أنها تناكف بعضها البعض وتستغل هذا الملف لأسباب سياسية داخلية ضمن لعبة سياسية مكشوفة واستعلائية تتعامل مع الأرض والإنسان الفلسطيني كما لو كانوا غير مرئيين، أو أشباحا أو كائنات لا تستحق الاكتراث بها.
وضمن لعبة تبادل الأدوار والتصيد فقد أخفق مشروع قانون ما يسمى “المعارضة” لتطبيق “السيادة الإسرائيلية” على وادي الأردن، في الضفة الغربية المحتلة، بأغلبية 32 صوتا مقابل 56 في القراءة الأولية في “الكنيست”، بسبب معارضة أعضاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتشدد الأكثر هوسا بالاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية.
وما يسمى بـ”اليسار” الإسرائيلي كان الأكثر حماسا لعملية الضم وكان ذلك واضحا في حشد أعضاء حزب “يش عتيد” بزعامة زعيم يائير لابيد، وحزب الوحدة الوطنية” بزعامة بيني غانتس لدعم هذا الاقتراح .
بل أن غانتس الذي يروج له بأنه أكثر اعتدالا من غيره رأى بأن المشروع استراتيجي ومن المؤكد أنه “سيكون جزءاً من إسرائيل بموجب أي خطة سلام محتملة من إدارة ترامب في المستقبل” بحسب زعمه.
بالطبع من عارضوا القانون كان مسكونين بالمناكفة لكتلة “اليسار” إذ رأوا بأن طرح المشروع ” مجرد تصيد.. لا يمكننا التصويت لصالحه لمجرد أنه صحيح، نحن في حاجة إلى عمل بطريقة معقولة وفي الوقت المناسب، وبالتعاون مع الولايات المتحدة”.
بل أن حزب “الليكود” اعتبر “قرار المعارضة دفع مشاريع القوانين الشعبوية دون العمل التحضيري اللازم ليس أكثر من حيلة سياسية”.
وتمثل منطقة غور الأردن نحو 30% من الضفة الغربية، ويسكن في المنطقة حاليا نحو 65 ألف فلسطيني ونحو 11 ألف مستوطن، وتمنع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من استخدام نحو %85 من مساحة وادي الغور، وتقيد وصولهم إلى مصادر المياه وتمنعهم من بناء المنازل.
وقد أوضح نتنياهو أنه ينوي ضم مستوطنات تشكل 90% من غور الأردن، من دون القرى أو المدن العربية مثل أريحا.
بينما يتفق نتنياهو وغانتس ولابيد وبن غفير وليبرمان على أهمية غور الأردن من الناحية الاستراتيجية، يرى آخرون عدم وجود أهمية للمنطقة من الناحية العسكرية لتغير طبيعة الحرب مع مرور الزمن، وفقا لمركز أبحاث “السلام والأمن الإسرائيلي” المتخصص في الدراسات العسكرية.
إذ أن منطقة غور الأردن لا توفر العمق الاستراتيجي المطلوب فالمساحة ضيقة، فعرضها شمالا لا يتجاوز 40 كيلومترا.
ويقلل الخبراء من أهمية منطقة غور الأردن، نظرا لتطور مدى الصواريخ والقذائف الحالي، والذي يجعل فلسطين المحتلة عرضة للتهديد الصاروخي.
كما أن تضاريس منطقة غور الأردن تعد عبئا على أي قوة عسكرية منتشرة هناك، حيث ستكون عرضة للنيران من جهتي الغرب والشرق.
وقد تكون الأهمية الوحيدة للخط القائم على نهر الأردن لا تتعدى السيطرة على الحدود وضبط الأمن وإقامة بؤر استيطانية جديدة.
رغم أن سياسيين في دولة الاحتلال يؤكدون أن الوجود الإسرائيلي على الحدود الشرقية للضفة الغربية، بالتحديد في غور الأردن، قد منع عمليات التهريب و”تسلل القوات المعادية والتي كان من شأنها أن تحول الضفة الغربية إلى ساحة حرب”، بحسب ما يزعمون.
وفي ظل حرب المسيرات والذكاء الاصطناعي والصواريخ الباليستية وغيرها يصبح الحديث عن الأهمية الاستراتيجية للأغوار ليس سوى غطاء لأوسع عملية استيطان وتهجير للفلسطينيين وتواجد بشكل خطير وقريب من الحدود مع الأردن.
الكل في دولة الاحتلال متفق على الهدف لكنهم يختلفون في من سيصل إلى الهدف أولا ضمن لعبة سياسية قذرة.
0 تعليق