"جنون الحميات".. حينما تصبح الصحة فريسة لخداع "الترندات"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- "الكيتو، الصيام المتقطع، نزول الوزن وفق فصيلة الدم التي تعتمد على اختيار الأطعمة المناسبة والامتناع عن غيرها، الديتوكس، الحمية النباتية، حمية البروتين، والحمية الخالية من الجلوتين"؛ جميعها مصطلحات للحمية تضج بها صفحات اختصاصيي التغذية الصحية، وتغزو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحول بعضها إلى "ترند" يتبعه الكثيرون من دون وعي كامل أو فهم عميق لتأثيراتها على الصحة.اضافة اعلان
من الملاحظ أن الحميات الغذائية أصبحت أكثر من مجرد وسيلة لتحسين الصحة، بل تحولت إلى صيحة اجتماعية أو "ترند" يتبناه الكثيرون بهدف الشعور بالانتماء أو الظهور بمظهر المتابع لآخر الصيحات.
ومع ظهور خبراء التغذية ومؤثري الصحة على منصات التواصل الاجتماعي، ازدادت موجة الحميات المبتكرة وغير المدروسة، مما أدى إلى تأثيرات سلبية على الصحة الجسدية والنفسية للعديد من الناس، خصوصا لأولئك المهووسين بفكرة إنقاص الوزن وتجربة كل جديد.
تتحدث سلام خليل عن تجربتها لعدد من الحميات الدارجة على السوشال ميديا، ما جعلها تفقد الوزن، لكنها شعرت بالتعب، وبعد الفحوصات المخبرية تبين خسارتها للعضلات وفقدان جزء كبير من مخزون الفيتامينات والعناصر المهمة للجسم.
كان عليها التحدث مع اختصاصية تغذية تثق بها، لاتباع نظام غذائي صحي يدعم جسدها واتباع نظام رياضي يعيد بناء العضلات لديها.
وتوضح، حسب تجربتها "لا يمكن إنكار أهمية خبراء التغذية في توعية الناس وتقديم نصائح مدروسة لتحسين صحتهم، إلا أنها لاحظت أن بعض الخبراء ينجرفون وراء الترندات لكسب الشهرة أو استقطاب المزيد من المتابعين، ففي كثير من الأحيان، يتم الترويج لحميات غذائية تحمل شعارات براقة، لكنها لا تناسب الجميع".
وتعطي مثالا وبناء على تجربتها حميات "الكيتو والصيام المتقطع والديتوكس"؛ إذ أصبحت حديث الساعة ليس لأنها دائما فعالة، بل لأنها لافتة وتجذب الانتباه، وتحل مشكلة الوزن لدى البعض، لكنها غير صحية ولا تناسب الجميع، والمشكلة، حسب سلام، تكمن في أن هؤلاء الخبراء يركزون على الجانب التسويقي بدل تقديم حلول حقيقية تناسب الجميع.
اختصاصي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة، يؤكد أن الجسم يحتاج لجميع العناصر الغذائية التي تؤخذ من الأطعمة الطبيعية والصحية، وفي حال الاستغناء عن بعضها تكون المضار كبيرة على الفرد، كالحمية الخالية من الجلوتين، فالأصل أن تناسب الأشخاص الذين يعانون من حساسية الجلوتين، ولا يجب تعميمها على الجميع بلا سبب حقيقي من الاستغناء.
ويوضح أن الكثير من الأشخاص، خاصة الذين يعانون من مشكلات مع الوزن أو صورتهم الذاتية، فإن الحميات تصبح وسيلة للبحث عن السعادة أو التقبل الاجتماعي، فهؤلاء الأفراد غالبا ما يقعون ضحية للتجارب العشوائية، حيث يتنقلون من حمية إلى أخرى من دون استشارة مختصين أو التفكير في احتياجات أجسامهم الفعلية.
ويؤكد مزاهرة أن هذا السلوك لا يؤدي فقط إلى إحباط نتيجة عدم تحقيق النتائج المرجوة، بل يمكن أن يسبب مشكلات صحية خطيرة، مثل اضطرابات الأكل، ضعف المناعة، أو التأثير السلبي على التمثيل الغذائي.
ويتحدث أن منصات التواصل الاجتماعي لعبت دورا محوريا في انتشار بدعة الحميات، فالمؤثرون الذين يظهرون نتائج "معجزة" لتجاربهم غالبا ما يغفلون ذكر التحديات أو المضاعفات التي واجهوها، مما يجعل المتابعين يعتقدون أن الطريق إلى الصحة المثالية أو الجسم المثالي بسيط وسريع، لكن الواقع مختلف تماما.
ويرى أن الحل يبدأ بالوعي ويجب على الأفراد التوقف عن النظر إلى الحميات كوسيلة سريعة لتغيير حياتهم، والبدء في تبني عادات غذائية مستدامة مبنية على أسس علمية، كما أن اختيار خبراء موثوقين ومعتمدين أمر بالغ الأهمية، فالمختص الحقيقي لا يتبع الترند، بل يضع صحة المريض أولا.
ووفق قوله، فإن انتشار بدعة الحميات واتباع الترند ليس مجرد ظاهرة سطحية، بل هو انعكاس لثقافة تبحث عن حلول سريعة للمشكلات العميقة، لتحقيق التوازن، ويجب التركيز على التعليم الغذائي، ورفع مستوى الوعي حول أهمية استشارة المختصين، والابتعاد عن اتباع أي حمية لا تستند إلى أسس علمية، فالغذاء هو أكثر من مجرد وسيلة للحصول على مظهر معين، فهو مفتاح لصحة الجسد والعقل.
اختصاصية التغذية ربا العباسي، تؤكد أن مشكلة الترند في الحميات يعاني منها كل اختصاصي يهتم بمهنته وبالمعلومات التي تفيد الأفراد وصحتهم، لما لها مخاطر جانبية كالتعب والإرهاق وفقدان العديد من المصادر الغذائية، والتساقط الشديد بالشعر وفقر الدم، وأحيانا إذا استمر عليها فترة طويلة تؤدي بعض الحميات إلى نقص الكالسيوم وهشاشة العظام.
ومن أخطار الحميات كالكيتو ارتفاع ضربات القلب، وارتفاع دهون الجسم، وتؤدي إلى ضرر الكلى. وتؤكد أن واجب الفرد قبل اتباع أي حمية هو تحكيم العقل والمنطق قبل اتباع أو سماع أي معلومة وتطبيقها وإن كانت من مختصين، لأن كل جسم يختلف عن الآخر.
وتضيف أنه كلما كان البرنامج الغذائي قريبا من النمط الحياتي للفرد، يكون الأفضل لضمان الاستمرارية وعدم فقدان عناصر غذائية مهمة للجسم.
وتحذر العباسي من اتباع أي حمية وإن كانت منتشرة على السوشال ميديا بكثرة ويروج إليها على أنها الحل السحري، فأعضاء الجسم لها قدرة للتحمل، ويمكن أن يكون اتباع أي منها مسببا لضرر كبير فيها، لذا يتوجب أكل الطعام المتوازن كنمط حياة.
وأخيرا، تلفت إلى أن الحميات الخاصة التي تم الحديث عنها يمكن اتباعها في حال وجود حساسية للفرد من أنواع غذائية معينة، ومن هنا يمكن التخلي عن أنواع معينة من الأطعمة للسلامة العامة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق