قال الدكتور عبدالحميد مدكور، أمين مجمع اللغة العربية، إن القرار الذي اتخذته جامعة الأزهر لتعريب مناهج العلوم الطبية.
وأكد، في تصريحات خاصة لـ “كشكول”، أن هذا القرار يمثل خطوة هامة نحو إعادة اللغة العربية إلى مكانتها الأصلية في ميدان التعليم الطبي، مشيرًا إلى أن تعريب المناهج يتطلب اتباع خطوات تمهيدية دقيقة لضمان نجاحه، أبرزها الترجمة المتقنة للمحتوى العلمي، بالإضافة إلى تدريب الطلاب والأساتذة على كيفية التعامل مع هذه المواد باللغة العربية.
أوضح الدكتور مدكور، أن التعلم بلغة غير اللغة الأم يعد أمرًا غير مألوف إلا في الحالة العربية، مؤكدًا أن العرب هم الشعب الوحيد الذي يدرس علومه بلغة أجنبية، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا للطلاب العرب الذين يتعلمون في جامعاتهم بلغة غير لغتهم الأصلية، ولذلك، أكد أن هذا الوضع يتطلب التحرك الجاد من أجل العودة إلى استخدام اللغة العربية في تدريس العلوم.
وأضاف مدكور أن إعادة تعريب العلوم لا يعني استغناء الطلاب عن تعلم اللغات الأجنبية، بل على العكس، وشدد على أهمية تعلم اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية وغيرها من اللغات التي تُستخدم في الكتابة العلمية الحديثة.
ووفقًا لمدكور، فإن تعريب العلوم لا يعني إلغاء اللغات الأجنبية، بل يهدف إلى تعزيز مكانة اللغة العربية جنبًا إلى جنب مع اللغات الأخرى.
وأشار الدكتور عبدالحميد مدكور، إلى أن مشروع تعريب مناهج العلوم الطبية يتطلب خطوات علمية منهجية مدروسة، وأكد أن عملية التعريب لن تتم بين عشية وضحاها، بل ستكون على مراحل ممتدة، وبين أن الجامعة ستحتاج إلى اتباع أساليب علمية مدروسة من أجل أن تكتمل العملية بنجاح.
وأوضح أن هذا التحول، رغم أنه قد يستغرق وقتًا طويلًا، سيؤدي في النهاية إلى إعادة تدريس العديد من العلوم باللغة العربية، وهو ما يعيد للغة العربية مكانتها التي كانت قد فقدتها في العديد من المجالات العلمية.
وركز مدكور، أيضًا على أهمية تعاون جميع المختصين في مجالات العلوم والتعليم لتحقيق هذا الهدف، وقال إن هذا المشروع لا يتعلق فقط بالجانب الأكاديمي، بل هو مشروع استراتيجي يعزز من مكانة اللغة العربية في مجال التعليم العالي، خاصة في العلوم الطبية التي تعد من أكثر المجالات تطورًا.
وعبر أمين مجمع اللغة العربية، عن تقديره لخطوة جامعة الأزهر في تعريب المناهج، معتبرًا إياها خطوة منهجية وليست مجازفة، وأكد أن الجامعة تسير في الطريق الصحيح من خلال اتباع خطوات منظمة ومدروسة بدقة.
وأضاف، أن هذا المشروع يتطلب من جميع المعنيين بالعلوم الطبية والتعليم العالي دعم هذه المبادرة، والمشاركة الفعالة في تنفيذها، كما شدد على أن نجاح هذا المشروع سيكون بمثابة إعادة الاعتبار للغة العربية في المجال العلمي، وستنعكس نتائجه الإيجابية على جيل كامل من الطلاب الذي سيكون لديه القدرة على الدراسة والبحث العلمي بلغة أمه.
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور عبدالحميد مدكور أن مشروع تعريب مناهج العلوم الطبية يعد مشروعًا استراتيجيًا وطنيًا يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف، وأشار إلى أن هذا المشروع ليس مجرد إعادة تدريس العلوم باللغة العربية، بل هو استثمار في المستقبل العلمي للأمة العربية، حيث سيسهم في تعزيز قدرة الطلاب على الفهم والاستيعاب العلمي بلغتهم الأم.
0 تعليق