قطاع العدل.. تكريس العدالة وسيادة القانون واستقلال القضاء وتعزيز الحقوق

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - شهد قطاع العدل في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، إصلاحات واسعة، كان لها أكبر الأثر في تكريس العدالة وسيادة القانون واستقلال القضاء، وتعزيز الحقوق، وإعادة بناء علاقة المواطن بالدولة على أسس من العدالة الشاملة، بحسب خبراء وقانونيين.اضافة اعلان
ويضم قطاع العدالة، الأجهزة والجهات الفاعلة؛ الحكومية وغير الحكومية، المشاركة في توفير العدالة وإدارتها والاشراف عليها، ومن بينها: وزارة العدل، والمجلس القضائي الذي يشرف على عمل المحاكم كافة، وأجهزة النيابة العامة وأقسام التنفيذ، وأجهزة الضابطة العدلية.
وبحسب القاضي الأسبق مستشار ديوان الرأي والتشريع سابقا د. محمود العبابنة، فإن القضاء والعدالة كانا محط اهتمام من الهاشميين تاريخيا، وقد شهد القضاء منذ تسلم جلالة الملك مقاليد الحكم، قفزات متسارعة ومحطات مفصلية، شكلت دعما للقضاء، لتعزيز استقلاله ورعايته، وبالتالي تحقيق العدالة.
وأشار الى انه مع تطور القضاء في العقود الماضية، أنشئت محاكم جديدة، وتضافرت جهود السلطة التنفيذية، ممثلة بالوزارة مع السلطة القضائية، لتطوير التشريعات وإنشاء المحاكم وتعيين القضاة، مع عدم إغفال أنه في مرات كثيرة، تداخلت هذه الصلاحيات ولم تخل من تجاوزات هنا وهناك، لكن القضاء بقي متصدرا بنزاهته ونجاعته، أجهزة الدولة وهيئاتها ومؤسساتها.
وفي عهد جلالة الملك، بين العبابنة، تسارع تطور القضاء، فتعززت استقلاليته ورعايته لتحقيق العدالة، وهذا التطور ظل وما يزال هاجس جلالته، الذي عرف عنه تعظيم القضاء وعدم التدخل به، وهو ما يسجل لجلالته.
وذكر العبابنة، أن أهم محطات تطور القضاء في عهد جلالته، تبلورت بإطلاق "اللجنة الملكية الأولى" في العام 2000 التي أخذت على عاتقها رصد ما يعترض الجهاز القضائي من معوقات، لتحقيق أقصى حدود العدالة، وأثمرت جهودها عن كثير من الإصلاحات كما منحت المرأة فرصة لدخول سلك القضاء، فبعد أن كان عدد القضاة من الإناث يعد على أصابع اليد في العام 1999، أصبح اليوم بالمئات.
كما لفت إلى أن اللجنة الملكية الثانية لإصلاح القضاء تشكلت في العام 2016، لتعزز من تطوير القضاء، وسيادة القانون، واقترحت سياسات وأهدافا رئيسة لتطوير الجهاز، بعد أن وضعت بوصلتها لتحقيق رفعة وفاعلية أعمال القضاء واستقلاله.
أما الورقة الملكية النقاشية السادسة وعنوانها "سيادة القانون.. أساس الدولة المدنية"، فأكدت أن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة، تقع على عاتق الدولة، ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية.
وأضاف عبابنة إن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون، فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، العمل خارج هذا الإطار، بل تشترك الحكومة وأجهزة الدولة بتحمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه، والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل به، فهو يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز، ما يتطلب تطبيقه دون محاباة أو تساهل على المسؤول قبل المواطن.
وأضاف العبابنة، إنه في عهد جلالة الملك، لم تغفل الأجهزة المختصة بالعدالة عن الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة لتحسين الخدمة، وهذا التسارع بتطوير الجهاز القضائي، عكس اهتمام جلالته بمفهوم العدالة، وبمبدأ استقلال السلطات عن بعضها، وإيلاء الرعاية لدولة القانون وسيادته،لافتا إلى أنه وفي سياق حملات التطوير والتحديث الذي تنتهجها المملكة بقيادة جلالته، واستهداءً بالدستور، فإنّ الوزارة، شرعت بوضع خطتها الإستراتيجية لقطاع العدالة، لترسيخ احترام القانون وتسهيل الوصول للعدالة، وفق اجراءات تتصف بالمرونة والحداثة، وتتوافق مع ما يشهده الأردن من تطور اجتماعي واقتصادي وديمقراطي.
وأكد ضرورة أن تستند الإستراتيجية على مبادئ الدستور وخطابات جلالة الملك والأوراق النقاشية الملكية وخطة الإصلاح السياسي، مع التأكيد على ترسيخ استقلال القضاء وتحقيق العدالة الناجزة، وقد اتخذت الحكومات خطوات مهمة كتحديث القوانين المتعلقة بإجراءات التقاضي بما يحقق سرعة الإجراءات وتيسيرها على المتقاضين، وتجويد صدور الأحكام وتعزير الثقة بالقضاء بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، واتخاذ قرارات بغض النظر عن المعيقات التي قد تعترض صدورها او تفسيرها أو العمل بها، كما أن هناك كثيرا من العمل إعداد القضاة المتميزين عن طريق المعهد القضائي الذي قطع شوطاً بعيداً بتأهيل القضاة وزياده كفاءتهم المهنية، بالاضافة لما تقوم به نقابة المحامين من جهود تصب في الاتجاه نفسه، عبر الدورات وانشاء معهد تدريب المحامين الذي سيفتتح قريباً، وسيحسن ويجود مرحلة التدريب ونشر الثقافة القانونية بين المحامين.
وبين ان الهدف الرئيس الذي تسعى له هذه الاجهزة والجهات، يتبلور بالحفاظ على صدارة القضاء نزيها مستقلا، يسهم بفرض السكينة والأمن المجتمعي عن طريق تطبيق النصوص القانونية العادلة والعامة والمجردة، بغض النظر عن مراكز الأطراف المتنازعة.
الخبير وأستاذ القانون د. علي الدباس، أشار إلى أنّ جلالة الملك ومنذ توليه سلطاته، حرص على إجراء إصلاحات في قطاع العدالة، مؤكدا أن جلالته أولى تعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة وحمايتهما اهتماماً كبيراً؛ ولتحقيق رؤيته أمر في العام 2000 بتشكيل لجنة ملكية، لتعزيز حقوق الإنسان، تبعها تأسيس المركز الوطني لحقوق الإنسان في العام 2002، ليعمل كمؤسسةٍ وطنيّةٍ مستقلة، تحقق الرؤية الملكية لحماية حقوق الإنسان والحريات العامة.
ومن المحطات المهمّة في مسيرة حقوق الإنسان في الأردن- بحسب الدباس-، صدور التوجيهات الملكية في العام 2006، بإغلاق سجن الجفر وتحويله إلى مدرسة ومركز تدريب مهني، لتأهيل أبناء المنطقة وتدريبهم، وتشكيل اللجنة الملكيّة لتطوير الجهاز القضائيّ وتعزيز سيادة القانون في العام 2017، واللجنة الملكيّة لتحديث المنظومة السياسيّة.
ولفت الدباس الى أن التعديلات الدستورية، وأبرزها انشاء محكمة دستورية كهيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، تتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري، بموجب التعديلات الدستورية للعام 2011، وذلك بعد توصيات اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور، اذ أسهم ذلك بتعزيز العدالة.
وانبثق أيضاً من التعديلات الدستورية؛ صدور قانون القضاء الاداري رقم 27 لعام 2014، وهو يعتبر تطورا مهما، ساهم باستقرار القضاء الاداري، كما انبثق عن التعديلات الدستورية تعديلات للقوانين التي تحقق العدالة، ناهيك عن الاهتمام الكبير بتحسين مراكز الإصلاح والتأهيل. مضيفا أن المملكة شهدت إقرار خريطة طريق واضحة المعالم للتطوير والتحديث، واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي التي تصبّ في إطار تعزيز منظومة حقوق الإنسان، والعدالة بشكل عام، خصوصاً الإصلاحات السياسية المتعلقة بالانتخاب والأحزاب، إذ أنّ وجود مجلس نواب قوي (سلطة تشريعية) يعني بالضرورة منظومة تشريعيّة قويّة.
ويذكر كتاب "الانتقال الكبير" الذي يرصد عملية التطور المتلاحق للمملكة في عهد جلالته، أن المنظومة التشريعية الوطنية خلال فترة حكم جلالته، شهدت تطورا ونقلات نوعية، وقد شهد الدستور تعديلات في 4 محطات رئيسة خلال الربع الأول من هذا القرن، أولاها أقرت في 2011 وشملت 38 مادة، وشكل إنشاء المحكمة الدستورية نقطة تحول كبيرة في الحياة التشريعية، إذ أريد لها أن تكون مرجعية لمؤسسات الدولة وأداة أساسية ومستقلة لمنع تغول السلطات على بعضها؛ ما يعزز مبدأ الفصل بين السلطات، والدفاع عن الحريات والحقوق التي تضمنها الدستور.
وقال الدباس، إنه في العامين 2014 و2016 شهد الدستور محطتي تعديلات، نصت على توسيع صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب، لتشمل: إدارة الانتخابات البلدية وأي انتخابات عامة، وفقا لأحكام القانون، وأبقت لجلالة الملك صلاحية تعيين مديري المؤسسات الأمنية وقائد الجيش وولي العهد ونائب الملك، مع تعديل آليتها في سياق تهيئة بيئة دستورية مناسبة للإصلاحات السياسية، والنأي بهذه المناصب عن التجاذبات الحزبية والسياسية للحفاظ على حيادها، وكانت المحطة الأخيرة من التعديلات الدستورية في العام 2022، استجابة المتطلبات منظومة التحديث السياسي.
وبين أن الحكومات والمؤسسات التشريعية في هذه المرحلة، سعت للتغلب على إشكاليات تشريعية ومعالجتها، ومن أبرز إنجازاتها، التخلص من عبء القوانين المؤقتة التي اضطرت الحكومات لسنها في مراحل غياب مجلس النواب، اذ أنها شكلت معضلة دستورية حتى العام 2011، عندما جرى تعديل المادة 94 من الدستور، وبموجب التعديل، حصرت حالات الضرورة التي تجيز للحكومة إصدار قوانين مؤقتة عند حل مجلس النواب، لتشمل الكوارث العامة، وحالة الحرب والطوارئ، والحاجة لنفقات ضرورية مستعجلة لا تحتمل التأجيل، على أن تعرض هذه القوانين على المجلس في أول اجتماع يعقده، للبت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها.
وبين انه منذ العام 2011، تراجع إصدار القوانين المؤقتة، في وقت أقر فيه المجلس معظم القوانين المؤقتة التي صدرت سابقا.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق