نموذج "DeepSeek" وسباق الاستثمار في الذكاء الاصطناعي

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع أحدث نموذج لها R1 "وهو مجّانيّ ومفتوح المصدر" على قدم المساواة مع نموذج o1 من OpenAI "200 دولار شهريّاً وحصرياً على المستخدمين الّذين يدفعون"؛ استحوذت شركة الذكاء الاصطناعيّ الصينيّة الناشئة DeepSeek على اهتمام المستثمرين الدوليّين وصنّاع السياسات وعمالقة التكنولوجيا على حدّ سواء، حيث إنّ هذا التطوّر الملحوظ يتحدّى الشركات الراسخة في عالم الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ في أمريكا الشماليّة وأوروبا. وقد أدّت بالفعل أخبار قدرات هذا النموذج الجديد إلى هزّ الأسواق الماليّة الأمريكيّة يوم الاثنين الماضي واقتطاع 600 مليار دولار من القيمة السوقيّة لشركة Nvidia العملاقة للرقائق الإلكترونيّة لفترة وجيزة، ثمّ قفزت الشركة واستعادت نصفها تقريباً. وتشير التقارير الأخيرة إلى أنّ فريق مارك زوكربيرج في شركة Meta، مدفوعاً بأداء DeepSeek المذهل، قد أنشأ "war rooms" –وهو مصطلح يستخدم لمواجهة خطر كبير وحلّ مشكلة بأسرع وقت ممكن– لإعادة تقييم استراتيجيّات الذكاء الاصطناعيّ الخاصّة به وتحسينها؛ لمواجهة التقدّم الّذي أحرزته شركة DeepSeek في نماذجها التأسيسيّة والنشر على نطاق واسع.

في الوقت نفسه، أثّر صعود الشركة الصينيّة على الصناديق الّتي تركّز على التكنولوجيا في سوق الأسهم، ممّا أدّى إلى الاستثمار في الشركات المتوافقة مع DeepSeek وعكس التفاؤل بشأن قدرتها على التوسّع في صناعات متنوّعة مثل البيع بالتجزئة والخدمات اللوجستيّة والمركبات ذاتيّة القيادة. كما بدأت الشركات الناشئة للتطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعيّ مثل Perplexity بالفعل في استخدام النموذج في منتجاتها. وفي أماكن أخرى تقوم الشركات بإعادة التفكير في استراتيجيّات تدريب الذكاء الاصطناعيّ الخاصّة بها، وهي خطوة تعزّز مصداقيّة DeepSeek العالميّة من خلال الشراكات والتمويل الدوليّ.

وعلى الرغم من أنّ النموذج حصل على إشادة من قادة الذكاء الاصطناعيّ البارزين مثل الرئيس التنفيذيّ لشركة OpenAI سام ألتمان، إلّا أنّ شركة DeepSeek مازالت تواجه مجموعة من التحدّيات أبرزها الدعوات المتزايدة لمزيد من الحذر والرقابة التنظيميّة. حيث يشعر النقّاد بالقلق من أنّ التبنّي السريع لمنصّات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ القويّة -خاصّة تلك الّتي تنشأ من الصين- يمكن أن يثير مخاوف تتعلّق بالخصوصيّة وحوكمة البيانات، ويجادل بعض الخبراء بأنّ هناك حاجة إلى أطر عمل قويّة للحماية من تحيّز النموذج. كما تجد شركة DeepSeek نفسها في مواجهة منافسة محلّيّة مع شركات التكنولوجيا الصينيّة القويّة الأخرى؛ فقد ادّعت شركة Alibaba -في وقت لاحق- أن أحدث إصدار من نموذج الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ Qwen الخاصّ بها قد حقّق نتائج أفضل في العديد من اختبارات الأداء مقارنة بنماذج الشركات المنافسة مثل DeepSeek وOpenAI وMeta؛ ممّا يؤكّد على استمرار تنوّع وتكثيف ابتكارات الذكاء الاصطناعيّ في الصين.

وبينما تتسابق الشركات العالمية لتشكيل الجيل القادم من ذكاء الآلة؛ نجد أنفسنا على عتبة عصر الذكاء الاصطناعيّ حيث يدفع كلّ نموذج جديد -بفوائده ومخاطره المحتملة- حدود ما يمكن للآلات تعلّمه وإنجازه. نهتمّ بهذا التقدّم لأنّه يمكن أن يعيد تعريف صناعات بأكملها بدءاً من التمويل والخدمات اللوجستيّة إلى الرعاية الصحّيّة، بينما يثير في نفس الوقت أسئلة مهمّة حول أخلاقيّات البيانات والحوكمة والتعاون العالميّ. إنّ ضمان تطوّر هذه التقنيّات بشكل مسؤول هو أمر بالغ الأهمّيّة لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعيّ في دفع عجلة التطور والابتكار، ورسم مستقبل يزيد من قدرتنا على مواجهة التحدّيات وحل المشاكل الأكثر إلحاحاً بالنسبة لنا كبشر. كل ذلك يتوقف على مدى استعدادنا للتعامل مع هذه التقنيات الناشئة بشكل مدروس وحكيم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق