زكريا الزبيدي حرا.. "التنين" الفلسطيني يهزم الصياد الإسرائيلي

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم يكن في مخيلة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، الذي تباهى بإعادة اعتقال أسرى "نفق الحرية" عام 2021، أن يأتي اليوم الذي يُفتح فيه باب الزنزانة لزكريا الزبيدي، ليعود حرا إلى مدينة جنين، بقرار فرضته المقاومة الفلسطينية.اضافة اعلان


Image1_12025311051760333995.jpg
وتحرر اليوم الخميس زكريا الزبيدي أحد أبرز قادة "كتائب شهداء الأقصى" بالضفة الغربية، ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة.


وخرج ابن جنين من السجن، في وقت تتعرض فيه المدينة ومخيمها لعدوان إسرائيلي متواصل منذ 10 أيام، مخلفة شهداء وجرحى ودمارا هائلا بالمنازل، شمالي الضفة الغربية.


وأطلق سراح الزبيدي إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما أربيل يهود وآجام بيرغر إضافة إلى أسير ثالث وهو غادي موزيس، وفق ما أعلن متحدث كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أبو عبيدة مساء الأربعاء.


والزبيدي (49 عاما) عضو سابق في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وهو من أبرز الأسماء الفلسطينية بالسجون الإسرائيلية، ومن خلال أطروحته للماجستير، يفضل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد".


هروب أسطوري


وفي 6 سبتمبر/أيلول 2021 نجح الزبيدي في الهروب من زنزانته برفقة 5 من رفاقه في الأسر، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، وأعيد اعتقالهم بعد أيام. في عملية وصفت حينها بـ"الأسطورية".

واعتقل جيش الاحتلال الزبيدي عام 2019، ووصفه مسؤول كبير بالمخابرات الإسرائيلية، بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة".


لم يصدر حكم بحقه حين اعتقل، ولكن صدر ضده حكم بالسجن 5 سنوات على هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية فلم تصدر أحكام ضده بشأنها.


وللقيادي الفلسطيني تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، حيث قضى سنوات من عمره داخل السجون الإسرائيلية.


وفي عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق مع الاحتلال وحصل على "عفو إسرائيلي".


وعقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع إسرائيل.


وبحسب تقارير فلسطينية فإن إسرائيل هدمت منزل الزبيدي 3 مرات.


من الزبيدي؟


ولد زكريا بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيما، وفي 2002 قتلت القوات الإسرائيلية والدته سميرة وشقيقه طه.


وفي 15 مايو/أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمالي إسرائيل، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين.


وفي سبتمبر/أيلول 2024 قتلت إسرائيل نجله محمد مع عدد من المقاومين في غارة جوية بمدينة طوباس شمالي الضفة الغربية.


كما أصيب زكريا بعمر 13 عاما بالرصاص خلال مشاركته في رجم القوات الإسرائيلية بالحجارة، واعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر.


بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على القوات الإسرائيلية، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.


في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005)، بات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" في حينه.

وقاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه "الحاكم الفعلي لجنين".


وعام 2002، وإبان إعادة الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شن معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.


محاولات اغتيال


استطاع الزبيدي أن ينجو 4 مرات من محاولات اغتيال، أبرزها في 2004، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.


وفي العام ذاته، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة مخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.


عام 2005، كُشف كمين لقوات إسرائيلية خاصة قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل وتمكن زكريا من الفرار.


عفو وإعادة اعتقال


Image1_12025311026332721670.jpg
شكلت وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، نقطة تحول في عمل المقاومة المسلحة، حيث أعلن الرئيس الجديد في حينه محمود عباس، حل كتائب "شهداء الأقصى"، والبدء بفتح مسار سياسي مع إسرائيل.


وفي 15 يوليو/تموز 2007، أعلنت إسرائيل عفوا عن مسلحي "كتائب شهداء الأقصى"، بينهم الزبيدي بناء على اتفاق مع السلطة الفلسطينية سلم مسلحون سلاحهم للسلطة.


وعن ذلك يقول الزبيدي في مقابلة تلفزيونية حينها "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".


وبعد 4 سنوات، أعلنت إسرائيل في 29 ديسمبر/كانون الأول 2011، إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه.


بقي زكريا بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله من قبل قوات إسرائيلية بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني 2019.

واتهمت إسرائيل الزبيدي والمحامي الفلسطيني طارق برغوث -آنذاك- بالتورط في "أنشطة تحريضية جديدة".


وحينها، وصف الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي يتسحاق إيلان، الزبيدي، بأنه "قط شوارع، لطالما حاولنا الإمساك به لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله لانخراطه مرة أخرى في أنشطة إرهابية".


التنين


Image1_120253105829344048730.jpg
حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، رغم حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".


وتقمّص الزبيدي شخصية "التنين" المستمد من أسطورة قديمة، تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد، بعد مطاردة طويلة وصعبة، في إشارة إلى تجربته الشخصية مع الاحتلال.


وفي أطروحة الماجستير، تطرق زكريا إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.
وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل، "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه".


وعن عدم قدرة زكريا على إتمام رسالة الماجستير، يقول حويل "اليوم استطاع زكريا أن ينهي رسالته، بتجربة عملية (من خلال فراره من السجن)، حتى تكون رسالة للأجيال القادمة".


ويسترجع حويل ذكرياته مع الزبيدي، وخاصة في معركة جنين 2002، حيث يقول "نفدت الذخيرة معنا، قلت وقتها لزكريا انتهت اللعبة، قال لي لم تَنته، نحن من يكتب لها النهاية، رفض الاستسلام، واختبأ بين الركام حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونجا".


وبعد سنوات من الأسر والمطاردة، يعود الزبيدي إلى جنين حرا، ليجد المخيم كما عهده: يقاوم ولا ينحني.

 

وصف الأسير الفلسطيني المحرر زكريا الزبيدي، قائد "كتائب شهداء الأقصى" المحسوبة على حركة "فتح" بالضفة الغربية المحتلة، سجون إسرائيل بأنها مراكز قتل وتعذيب يومي، معتبرا أن صمود قطاع غزة في وجه الإبادة كان دافعا لإطلاق سراحه.


جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول أمس مع الزبيدي في مجمع رام الله الطبي وسط الضفة، بينما كان يجري فحوصا طبية بعد إفراج إسرائيل عنه من سجن عوفر، مساء الخميس، ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل مع حركة حماس.

وبدا الزبيدي ابن مخيم جنين شمالي الضفة، والذي عرف بعناده وحمله سلاحه لسنوات في مواجهة إسرائيل، متعبا ومنهكا يسير على قدميه بصعوبة، ويتحدث بصوت خافت.


** شكرا غزة

 

 وقال الزبيدي، وهو أحد الأسرى الفلسطينيين الستة الذين تمكنوا من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي في 2021: "رحم الله الشهداء في قطاع غزة والضفة الغربية، وشافى الجراح، وأعاد كل أهلنا في القطاع إلى بيوتهم بعد أن هجرهم الاحتلال الإسرائيلي".


وأضاف: "غزة الآن بحاجة إلى إعادة إعمار، ويجب أن تتكاتف كل المستويات في الشعب الفلسطيني لإنجاز ذلك، وإعادة أبناء شعبنا إلى البيوت سالمين".


وعن ظروفه في السجون الإسرائيلية، أضاف الزبيدي أنه عزل عن الأسرى منذ 3 سنوات، ولا يعلم إلا القليل وعبر معلومات شحيحة من السجانين عما جرى في غزة من إبادة إسرائيلية، وما يجري في مخيم جنين من عدوان تنفذه تل أبيب لليوم العاشر على التوالي.


وتابع: "اليوم أقول شكرا لغزة التي حررتني وأخرجتني إلى عائلتي"، ثم يميل الزبيدي على فتاة دون سن العشرين ويقبلها، ويقول: هذه ابنتي.


ومستذكرا سنوات التعذيب، أضاف الزبيدي: "كنت معزولا وتعرضت للتعذيب والضرب، كما تعرضت وبشكل متكرر للإهانة، وحال كل الأسرى مثلي".


وعن لحظات إطلاق سراحه، قال: "تعرضت للضرب حتى آخر لحظة، والقيود لم تفك عن يدي حتى لحظة صعودي في حافلات اللجنة الدولية للصليب الأحمر".


ولخص الواقع كله بالقول، إن "السجون الإسرائيلية عبارة عن مراكز قتل وتعذيب يومي".


وطالب قائد "كتائب شهداء الأقصى" كل المؤسسات المعنية للتدخل من أجل الإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل.
-(الجزيرة والأناضول)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق