كيف يخطط ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا كما وعد؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عواصم - نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى قبل تنصيبه بإثارة القلق والمخاوف لدى أطراف متعددة في مقدمتها أوروبا التي لفت انتباه قادتها في أكثر من مرة إلى ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا ومدّ يد التصالح إلى روسيا.اضافة اعلان
كرر ترامب أنه سيحل الصراع الروسي الأوكراني "في 24 ساعة"، وإذ إن المقصود ربما هو المبالغة في القدرة على حل الصراع في وقت يسير، فإن كثيرا من الدارسين والمحللين يتوقعون بالفعل قدرة ترامب على الوفاء بوعده، لجملة اعتبارات منها:
أن ترامب استطاع وقبل تنصيبه إيقاف الحرب في غزة من خلال دفع حكومة بنيامين نتنياهو إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية.
ومنها أن طرفي الصراع في أوكرانيا قد سئما الحرب ويبحثان عن مخرج وهو قادر على ممارسة ضغوطات كبيرة عليهما، سواء من خلال فرض مزيد من العقوبات على روسيا المنهكة أصلا بالعقوبات الغربية أو التهديد بوقف تزويد أوكرانيا بالسلاح.
أن ترامب رجل تحدّ مولع بكسب الرهانات الصعبة، وهو رجل أعمال مهووس بإبرام الصفقات، وقد تكون صفقة إنهاء الحرب مربحة للجميع، حسب ما تقوله بعض الدراسات التي سنعرض لها في هذا التقرير.
في دراسة للدبلوماسية الأميركية روز غوتميلر وهي وكيلة وزارة الخارجية السابقة ونائبة الأمين العام السابقة لحلف شمال الأطلسي، ترى الباحثة أنه لا ينبغي لترامب أن يرغم الأوكرانيين على الاستسلام الكامل، ففي ذلك خسارة لترامب نفسه.
وتضيف الباحثة في الدراسة التي نشرتها المجلة الأوروبية "غراند كونتينانت"، تحت عنوان "3 مقترحات لإنهاء حرب أوكرانيا"، أن كييف دافعت عن نفسها في البداية بشجاعة ومنعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تحقيق هدفه الإستراتيجي وهو تدميرها كدولة مستقلة وتحويلها إلى تابعة لروسيا.
وزيادة على ذلك، تمكنت من الاستيلاء على جزء من الأراضي الروسية في منطقة كورسك سيعينها في أوراقها التفاوضية مع موسكو.
ورغم أن رئيسها فولوديمير زيلينسكي يصرّ على عدم بقاء جندي روسي واحد على الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ومقاطعات دونباس، فإن أوكرانيا تجد نفسها حاليا في موقف ضعيف عسكريا.
بدوره، يعتبر مراسل بي بي سي البريطانية للشؤون الدبلوماسية بول آدامز، في تقرير بعنوان "هل تنتهي الحرب في أوكرانيا بحلول عام 2025؟"، أنه في ظل التقدم الكبير لآلة الحرب الروسية شرق أوكرانيا، ومع اقتراب الحرب من نهاية عامها الثالث، وبتكلفة بلغت مليون قتيل وجريح، يبدو أن أوكرانيا في وضع خاسر.
في دراسة لموقع "سلات" الفرنسي بعنوان "مستقبل الحرب في أوكرانيا بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض"، يقول الباحث السياسي إميل فايزاند إن روسيا تحتل حاليا حوالي 20 % من أراضي أوكرانيا: أجزاء من مناطق لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا.
ويتابع أن موسكو تسعى في المستقبل للاحتفاظ بإقليم دونباس كاملا وبشبه جزيرة القرم، وفضلا عن ذلك يرغب الرئيس الروسي في الحصول على ضمانة بأن أوكرانيا لن تنضم أبدًا إلى حلف شمال الأطلسي لإبعاد أي وجود عسكري للحلف قرب حدوده.
وحسب الباحثة غوتميلر، فرغم تقدم روسيا الميداني حاليا فإنها تفقد كثيرا من الشباب، فقد بلغت خسائرها القتالية بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي 696 ألفا و410 رجال، مع أنها تعاني أصلا من ضعف حاد في نموها الديمغرافي.
وبدوره، يؤكد آدمز المراسل الدبلوماسي لبي بي سي أن الاقتصاد الروسي أصبح ممزقا بفعل الحرب والعقوبات الغربية.
ولا ريب في أن تراجع الولايات المتحدة مع ترامب عن دعم المجهود الحربي في أوكرانيا سيضاعف الأعباء على أوروبا المثقلة أيضا بأعباء اقتصادية.
وتعتبر الباحثة غوتميلور أن ترامب يملك كل الفرص لتغيير ديناميكية الأحداث وممارسة ضغوط مجدية على بوتين، خصوصا أن الرئيس الروسي لديه حوافز قوية للحفاظ على علاقة مع ترامب، فهو يريد العودة إلى الساحة الدولية والتحرر من العقوبات القاسية التي أنهكت الاقتصاد الروسي.
وترى غوتميلر أنه لن يكون من المستحيل على بوتين قبول التنازلات التي من المتوقع أن يطلبها ترامب خصوصا إذا تم تقديمها بذكاء.
وتطرح الدراسة التي أعدّتها الباحثة غوتميلر 3 مقترحات لإنهاء الحرب، وهي: التقسيم المؤقت، وتعني صيغة لاتفاق وقف إطلاق النار مماثلة لتلك التي استخدمت لوصف وضع ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وهكذا تحتفظ روسيا بما تحتله حاليا من الأراضي الأوكرانية.
والثاني تحويل العضوية بالناتو إلى مجرد احتمال ، فبدلا من إلغاء موضوع عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي كما يطالب بوتين أو تسريعها كما يود زيلينسكي، تقترح الولايات المتحدة أن لا تكون العضوية أمرا ملزما لا رجعة فيه، على أن يقدم حلف الناتو دعوة لأوكرانيا للبدء في مفاوضات الانضمام وإجرائها بالتوازي مع مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
في مقابل المقترحين السابقين واللذين يمكن أن تعدّهما روسيا مكسبا لها، يمكن للولايات المتحدة أن تشترط استعداد روسيا لاستئناف المفاوضات بشأن ضبط الأسلحة النووية والاستقرار الإستراتيجي التي كان بوتين قد علقها احتجاجا على دعم الولايات المتحدة والناتو لأوكرانيا.
وحسب الباحثة، فإن هذه المقترحات من شأنها تحقيق نتيجة متوازنة والتوصل إلى حل مربح للجميع، أو على الأقل يصون ماء الوجه لكل طرف.
وفي تقاطع في بعض النقاط مع مقترحات الدراسة السابقة، أورد الباحث السياسي الفرنسي إميل فايزاند في دراسته 3 خطط قال إنها متداولة في واشنطن للسلام في أوكرانيا، وهي الخطة "الرسمية" وتتمثل بتجميد خط ترسيم الحدود الحالي، ومن ثم الاعتراف بحكم الأمر الواقع بأن شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم تابعة لروسيا، وفي المقابل ستحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، لكنها ستشهد تأجيل أي إمكانية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لمدة 20 عامًا، وسيرفع جزء من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
ويقال إن نائب الرئيس الأميركي القادم جيه دي فانس لديه خطة تتقاطع في جوانب منها مع "الخطة الرسمية" حيث يؤيد تجميد الحدود، لكنه يقترح منطقة منزوعة السلاح وفق النموذج الكوري، تكون محصنة بشكل يمنع غزو الروس لها مرة أخرى"، ويرفض فانس أيضًا فكرة دمج أوكرانيا في حلف الناتو.
ويرى باحثون أن دونالد ترامب قد لا يجد صعوبة في جلب كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات، فإن الأصعب هو الظفر بسيناريو ينهي الحرب من دون أن يمنح بوتين صورة انتصار.-(وكالات)

0 تعليق