إعادة إعمار غزة.. ما الدور الأردني المطلوب؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- مع ارتفاع منسوب الآمال بالانتقال إلى المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وبما يقود إلى نهاية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والذي استمر لأكثر من 14 شهرا، تتجه الأنظار إلى عملية إعادة إعمار القطاع المنكوب وتدعيم صمود الأشقاء هناك للحيلولة دون نجاح مخططات التهجير.اضافة اعلان
وفي هذا الصدد، يرى خبراء اقتصاديون أنه على الرغم من تعقيد عملية إعادة الإعمار وصعوبتها، فإن الأردن يملك قدرة على المساهمة بفعالية في هذه العملية، إذ تتوفر لدى مختلف القطاعات الاقتصادية القدرات الإنتاجية والتنفيذية اللازمة لذلك سواء الأولية أو النهائية.
وأشار الخبراء إلى أن الأردن يمكن له المساهمة في عملية الإعمار من خلال تقديم خبراته في مجال البنية التحتية والإنشائية، وإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، عدا عن تشغيل المنشآت الصحية، فضلا عن الإمكانات الكبيرة لقطاع الإنشاءات الأردني، مطالبين الحكومة بضرورة ترويج مزايا القطاع الخاص الأردني أمام الجهات المانحة والعازمة على المساهمة في عملية الإعمار. 
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة تصل إلى 40 مليار دولار، جراء العدوان الذي ألحق ضررا بالغا ودمارا شاملا بالبنية التحتية، كما تشير دراسات أخرى إلى حاجة القطاع إلى ضعف هذا المبلغ، وأكثر من عقد من الزمن لإعادة الإعمار. 
وكان الاجتماع الوزاري العربي الذي استضافته القاهرة أمس بمشاركة وزراء خارجية كل من الأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات وفلسطين، ركز على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في القطاع بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصةً في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بأرضه، وبما يُسهم في تحسين الحياة اليومية لسكان القطاع، ويعالج مشكلات النزوح الداخلي، والانتهاء من عملية إعادة الإعمار.
من جهته، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة، إن إعادة إعمار قطاع غزة مهمة ومعقدة للغاية، وتحتاج إلى تضافر جميع جهود المؤسسات الأممية والدولية، ووجود جدية دولية للإعمار، مشيرا إلى أن حجم الدمار الذي خلفه العدوان ضخم للغاية ويحتاج إلى إمكانات تمويلية وتنفيذية هائلة.
وأكد مدادحة أن إعادة الإعمار مصلحة عليا لكافة دول المنطقة، وهو واجب إنساني دولي لشعب تعرض لأبشع أنواع الجرائم والتنكيل، لذا فإن تمكينه معيشيا وحياتيا واجب أخلاقي على الجميع. 
وبين أن الأردن يمكن له المساهمة في عملية الإعمار من خلال تقديم خبراته في مجال البنية التحتية والإنشائية وإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، عدا عن تشغيل المنشآت الصحية.
وأوضح أن القطاع الخاص الأردني يمتلك كامل القدرات للمساهمة في عملية الإعمار، ولا سيما قطاع الإنشاءات والعقارات، مبينا أنه يمكن للحكومة التوصل إلى شراكات مع الجهات الممولة تتيح للقطاع الخاص الظفر بجزء من عقود وعطاءات عمليات الإعمار.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت وجود قدرة اقتصادية متاحة للأردن في إعادة إعمار غزة، إذ تتوفر لدى مختلف القطاعات الاقتصادية القدرات الإنتاجية والتنفيذية اللازمة لعملية الإعمار سواء الأولية أو النهائية. 
وبين الكتوت أن هناك قطاعات اقتصادية بدأت فعليا بالتحضير لبعض عمليات الإعمار الأولوية، كتجهيز البيوت المؤقتة "الكرفانات". 
من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن قطاعات النقل والشحن أمامها فرص كبيرة اقتصاديا للمساهمة في عملية إعمار غزة خلال المرحلة المقبلة.
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه د.دريد محاسنة إن أبرز ما يمكن المساهمة به في إعمار غزة حاليا هو الطاقة المتجددة. 
وأوضح محاسنة أن أهم استخدام لهذه الطاقة في هذه المرحلة هو تحلية مياه البحر، إذ إن المياه في قطاع غزة، ومن مختلف مصادرها، باتت ملوثة، سواء مياه البحر أو الجوفية، وبالتالي تعد الطاقة المتجددة أسرع وأسهل خيار لذلك في ظل الخبرة الواسعة التي يتمتع بها الأردن في هذا المجال، عدا استخدامها في مجال إنتاج الكهرباء.
وبين أن بناء محطة كهرباء تقليدية يحتاج إلى وقت واستثمارات ضخمة، أما المتجددة فهي أسرع وأقل تكلفة، سواء كانت من الشمس أو الرياح، وحتى لاحقا من الهيدروجين.
وعلى الصعيد ذاته، أوضح المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م.عبدالفتاح الدرادكة،‎ أن الأردن يستطيع بكفاءة لعب دور محوري في دعم قطاع الطاقة في فلسطين عامةً وغزة خاصةً، من خلال تبني وتنفيذ مشاريع توليد طاقة متجددة عبر شركات أردنية متخصصة.
وأضاف الدرادكة: "يمكن تحقيق ذلك عبر مشاريع مشتركة للطاقة المتجددة من خلال دراسة مشتركة بين الأردن وسلطة الطاقة الفلسطينية، ويمكن تطوير مشاريع طاقة متجددة في الضفة الغربية والأردن، ونقل هذه الطاقة إلى غزة. 
وأشار إلى أهمية الربط الكهربائي بين غزة والضفة الغربية كأحد أهم السيناريوهات الممكنة، والمتمثل باستكمال عملية ربط قطاع غزة كهربائيًا مع الضفة الغربية، بحيث يتم نقل الكهرباء من مشاريع الطاقة المتجددة إلى سلطة الطاقة الفلسطينية، والتي تقوم بدورها بإمداد غزة بالكهرباء، وبما يعزز التكامل الكهربائي بين مختلف المناطق الفلسطينية، ويقلل الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية.
وقال إن "تعزيز الربط الكهربائي الفلسطيني عبر الأردن يمكنه تقوية إمدادات الكهرباء الفلسطينية عبر شبكة كهرباء القدس، التي تم دعمها أردنيًا ببناء محطة تحويل الرامة في الغور الأوسط، وهو ما رفع جهد الربط الفلسطيني إلى 132 كيلوفولط"، مشيرا إلى إمكانية استكمال هذا المشروع ليصل إلى قطاع غزة، حيث تُعتبر كهرباء غزة جزءًا من سلطة الطاقة الفلسطينية. 
وقال درادكة: "يمكن الاستفادة من خط الربط الكهربائي المصري-الأردني، كوسيلة إضافية لنقل الكهرباء إلى غزة عن طريق مصر، ما يفتح المجال لحلول إمداد أكثر مرونة وكفاءة، وضرورة الاستثمار في شبكات الكهرباء، علما أن أيا من السيناريوهات المذكورة يتطلب استثمارات كبيرة في تطوير الشبكات الكهربائية والبنية التحتية لضمان استقرار التيار الكهربائي ووصوله بشكل موثوق إلى غزة، ولذا، فإن تسريع هذه الجهود ضرورة ملحة."
واختتم حديثه بالقول: "غزة تستحق دعمًا حقيقيًا يعوضها عن التضحيات والمعاناة التي شهدتها، وإن تبني مشاريع الطاقة المتجددة كجزء من إعادة إعمار غزة، بمساهمة أردنية وفلسطينية مشتركة، سيسهم في تحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الاستقلال الطاقي، ودعم التنمية المستدامة للقطاع، ما يجعل من هذه الخطوة استثمارًا حيويًا في مستقبل غزة."
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق