ليس هناك مساس بتسعيرة الكهرباء -أي بالدعم المخصص للبحريني في تسعيرة الكهرباء في بيته الأول– الحمد لله.. هذا ما اتفق عليه جميع النواب، وهذا ما أكد عليه رئيس مجلس النواب الأخ أحمد المسلم ليطمئن المواطن بعد البلبلة التي أثارتها مداخلة وزير الكهرباء في الجلسة الأخيرة حول العجز الذي تعاني منه ميزانية وزارة الكهرباء بسبب توقف الدعم الحكومي والذي أوصل بالعجز إلى 350 مليون دينار بحريني.
وعدم القبول بأن يدفع المواطن الفرق ويسد العجز أمر جيد، فلن يتحمّل البحريني أي ضغط زائد حين يحين دور مناقشة الميزانية، إنما المشكلة التي أثارها سعادة الوزير حميدان أمر جلل، بمعنى أنه لابد أن تكون محل نقاش فعلاً، ومساعدة الحكومة في إيجاد سُبل وطرق ومبادرات بعيداً عن جيب المواطن من أجل سد العجز الناجم عن توقف الدعم إذا استمر مسألة في غاية الأهمية، والأهم مساعدة الحكومة أيضاً في الوصول للتوازن المالي بشكل عام.
فإلى جانب أنه علينا أن نفكر في مساعدة الكهرباء في البحث عن تأخرنا في بدائل الطاقة وعن الإجابة على سؤال أيهما أفضل تصدير الغاز كمورد للدولة أو استخدامه محلياً بسعر التكلفة على الأقل من أجل خفض تكلفة إنتاج الكهرباء؟ وإذا ما كان تخصيص عمليات الصيانة سيساهم في خفض التكلفة وسيبقي على الجودة أم لا؟
وإلى جانب أن البحرين ولله الحمد من الدول التي يندر فيها انقطاع الكهرباء ومن الدول التي تواكب تحسين البنية التحتية بما يتماشى مع نموها الاقتصادي -وذلك مستوى من الجودة لا نريده أن يتأثر- إنما لابد من التفكير سوياً وسؤال الحكومة دوماً عن مدى فاعلية المبادرات التي تقوم بها الهيئة أو الوزارة لسد العجز الذي لا نريد له أن يتسع وتصعب ملاحقته.
المسألة الثانية هي قضية التوازن المالي التي مازالت تؤرقنا وهي مستمرة منذ سنوات، وها نحن نرى الشقيقة عُمان قد وصلت إلى هذه النقطة ونحن لا، بالرغم أن اقتصادنا مشابه للاقتصاد العُماني فما السبب؟
نستغرب خاصة بعد تصريح معالي وزير المالية لصحيفة بلومبرغ في ديسمبر 2023 في المغرب بعد اجتماع صندوق النقد، بأن البحرين تستهدف الوصول لنقطة التوازن المالي نهاية العام 2024، وكلنا نعرف أن المدة الزمنية التي كانت البحرين تستهدفها هي عام 2022 للوصول لها، إنما نظراً لتداعيات الكورونا تمّ تمديد الفترة إلى نهاية 2024، والآن سنناقش الميزانية فأين وصلنا بهذا الخصوص؟
المواطن البحريني أدى ما عليه وزيادة من أجل زيادة الإيرادات، فبعد زيادة رسوم الخدمات التي تقدّمها الحكومة والتي زادت من إيرادات الدولة قاد هذا الإجراء إلى انتقال هذه الإيرادات من 565 مليون دينار في 2022 إلى 1187 مليون دينار في 2023 أي بنسبة عالية قدرها 110%. وكله من جيب المواطن.
ثم ضاعف المواطن البحريني مورداً آخر وهو ما ترتب على زيادة ضريبة القيمة المضافة التي تصاعد سعرها من 5% إلى 10%. سجلت هذه الحصيلة ارتفاعاً غير مسبوق من 360 مليون دينار في 2022 إلى 602 مليون دينار في 2023 أي بنسبة 67%. بتفاعل هذه الضريبة المفروضة على الاستهلاك مع الرسوم المذكورة في الإجراء السابق يتأثر أصحاب الدخول المنخفضة. (دراسة منشورة في موقع البيت الخليجي للدراسات والنشر).
فإذا أخذنا في اعتبارنا الدّيْن العام وزيادة فوائده من جهة، وإذا أخذنا في اعتبارنا أيضا أن العديد من الخدمات الحكومية بدأت تتأثر جودتها بسبب تقليص المصروفات من جهة أخرى، وخدمات أخرى مهددة... وإذا أخذنا أن المواطن دفع ما عليه ولم يستبقِ شيئاً، فإننا أمام معضلة كبيرة يجب أن تفكر فيها السلطة التشريعية حين مناقشة الميزانية، لسد العجز من جهة ولقضاء الدّيْن العام من جهة أخرى..... إنما بعيداً عن جيب المواطن.. وبعيداً عن مزيد من الاقتراض!!
0 تعليق