"التصوف والفلسفة".. لقاء بين الروح والفكر في "الصالون الثقافي" بمعرض الكتاب

مصر تايم 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت الجلسة الثالثة للصالون الثقافي؛ بمعرض القاهرة الدولى للكتاب في دورته الــ 56؛ ناقشة ثرية تحت عنوان "الفلسفة والتصوف في مصر"، حيث اجتمع نخبة من المفكرين والباحثين لمناقشة العلاقة العميقة بين الفلسفة والتصوف، وأثرهما في تشكيل الوعي الديني والفكري عبر العصور.

 

وافتتح الجلسة الدكتور عبد الحميد مدكور، موجّهًا الشكر لإدارة المعرض، ممثلة في الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، على جهوده في تنظيم هذا اللقاء الفكري الذي جمع رموز الفلسفة والتصوف في مصر؛ وتحدث مدكور؛ عن الفلسفة كأعلى تجليات العقل الإنساني، مؤكدًا أن دراستها لا تكتمل إلا بفهم امتداداتها في الفلسفات الإسلامية والمسيحية والتصوف، باعتبارها جميعًا محاولات للإجابة عن الأسئلة الوجودية الكبرى؛ كما شدد على أهمية الفكر النقدي في تغذية العقل البشري؛ وإبقائه متفاعلًا مع القضايا المعاصرة، مطالبًا بإعادة الاعتبار لدراسة الفلسفة بين الشباب، وعدم حجبها عنهم.

 

عبد الحليم محمود.. شيخ الأزهر المتصوف

تناول الدكتور جمال رجب سيدبي؛ سيرة الإمام عبد الحليم محمود، أحد أبرز شيوخ الأزهر المتصوفين في القرن العشرين، موضحًا أن نشأته الدينية أثّرت في تكوينه العلمي، حيث جمع بين الفقه والتصوف، متبنيًا منهج الوسطية والاعتدال؛ وركّز على موقف عبد الحليم محمود؛ النقدي؛ من بعض مدارس التصوف، حيث كان يرى أن التصوف الصحيح يجب أن يكون مقيدًا بالكتاب والسنة، وألّا يُستخدم كذريعة لإسقاط التكاليف الشرعية؛ كما أشار إلى موقف الإمام؛ من مفهوم الكرامة؛ عند؛ أبي الحسن الشاذلي، إذ كان يرى أن الاستقامة على منهج الله هي الكرامة الحقيقية، وأن من لديه كرامة لا يبوح بها.

 

التصوف في مصر.. رؤية إصلاحية

من جانبه، ناقش الدكتور عبد الراضي عبد المحسن؛ تطور التصوف في مصر، موضحًا أن التصوف لا يُدرك إلا بالذوق، فهو ليس مجرد نظريات، بل تجربة روحية يعيشها المريد؛ وأشار إلى أن بعض رواد الإصلاح، مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، حاولوا تحديث الفكر الإسلامي، لكن الإصلاح توقف عند حد معين، مما يدفعنا اليوم إلى إعادة النظر في المسلك الروحي كمنهج إصلاحي بديل.

 

واستعرض الدكتور عبد المحسن؛ شخصية "ذي النون المصري"، أحد أوائل المتصوفة المسلمين، الذي عرف بالزهد والتأمل العميق في أسرار الوجود؛ كما تطرق إلى دور التصوف في مواجهة التيارات الفكرية المختلفة، وضرورة استعادة مكانته في المجتمع.

 

234.jpeg
لقاء بين الروح والفكر

 

دور الفلسفة الإسلامية في العصر الرقمي

أما الدكتور محمد صالحين، فقدم ورقة بحثية بعنوان "آفاق الفلسفة الإسلامية في عصر الرقمنة"، حيث ناقش تأثير التكنولوجيا على الفكر الفلسفي، وطرح عدة مقترحات لتحديث دراسة الفلسفة الإسلامية، مثل رقمنة التراث الفلسفي، وإدخال التصوف في مناهج البحث الأكاديمي، وتوظيف الرقمنة في نشر الفكر الصوفي عالميًا.

 

وفي ختام الجلسة، شدد الدكتور عبد الحميد مدكور؛ على ضرورة إعادة النظر في دور التصوف في المجتمع، ليس فقط كممارسة روحية.

 

وبهذه الجلسة، فتح "الصالون الثقافي" بابًا مهمًا للحوار حول العلاقة الجدلية بين الفلسفة والتصوف، كحقلين معرفيين يكمل كل منهما الآخر، ليشكلا معًا رؤية متكاملة للإنسان والكون والوجود.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق