استضافت "القاعة الرئيسية"؛ بمعرض القاهرة الدولي للكتاب؛ ندوة بعنوان "مقاربة جديدة لبناء منظومة عربية للتصدي للإرهاب والتوسع الإسرائيلي"، شارك فيها كل من: الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة وعضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وأدار الندوة عزت إبراهيم، رئيس وحدة الدراسات الإعلامية وحقوق الإنسان بالمركز.
في بداية الندوة، أكد عزت إبراهيم؛ أن الإرهاب آفة تفتك بالأمن في المنطقة، نتيجة صراعات تاريخية معقدة وإخفاقات في بناء منظومة عربية قادرة على مواجهة التحديات الدولية؛ وأوضح أن ندوة اليوم تأتي في إطار محاولة لفتح النقاش حول سبل الخروج من هذا الواقع، وكيفية استعادة العرب زمام المبادرة واستباق المواجهة؛ وأشار إلى أن الإرهاب هو نتاج مباشر للفوضى الإقليمية والتدخلات الخارجية، التي حولت بعض الدول العربية إلى أنظمة هشة، كما أن التوسع الإسرائيلي في المنطقة يزيد من تعقيد المشهد؛ وأن الندوة تدعو إلى مقاربة تعتمد على فهم عميق للتاريخ، حيث تؤكد أن الفوضى تغذي الإرهاب، ولذلك فإن الحلول الفردية لن تكون مجدية في هذه الحالة.
ومن جانبه، شدد الدكتور عبد المنعم سعيد؛ على ضرورة تحمل الشعوب العربية مسؤولياتها تجاه أوضاعها الداخلية، وعدم الاستناد على دعم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة؛ وأكد أن الشعوب التي تتحمل مسؤولية نفسها تستطيع اللحاق بركب التقدم؛ كما طالب بإنشاء "ائتلاف عربي" قائم على المصالح المشتركة بين الدول التي تبني نفسها حاليًا، مشيدًا بمبادرة إعادة إعمار غزة، لكنه أشار إلى ضرورة وجود تصور واضح حول الجهة التي ستتولى حكم الدولة الفلسطينية، دون ترك المجال لانقسامات داخلية بين التنظيمات المختلفة.
من جانبه، دعا الدكتور خالد عكاشة؛ إلى إطلاق مبادرة جديدة للاعتماد على الذات، بهدف تحقيق واقع أكثر استقرارًا وهدوءًا، مؤكدًا أن أبرز ما يهدد مشروع التنمية والنهضة في الدول الرئيسية بالمنطقة، وفي مقدمتها مصر، هما الإرهاب والتوسع الإسرائيلي؛ وأوضح أن التنظيمات الإرهابية تستغل تعثر القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي تنظيم إرهابي يطلق طلقة واحدة تجاه إسرائيل، بل تعتمد هذه الجماعات على خطاب ديني متشدد يخفي أهدافًا سياسية، مدعية أنها تحمل السلاح لتنفيذ هذه الأهداف؛ كما أشار إلى أن إشكالية "حماس" معقدة، حيث تحاول اختطاف القرار من السلطة الشرعية والدولة الوطنية.
وفي مداخلته، أوضح السفير محمد بدر الدين زايد؛ أن النظام الدولي الحالي شديد التعقيد، حيث تهيمن عليه القوى العظمى، وتحاول بعض الأطراف الصاعدة تحدي هذا النظام، إلا أن القوى الكبرى تعمل على إعاقة هذا الصعود؛ وأن السياسة الأمريكية، خاصة في عهد -ترامب-، سعت إلى تكريس الهيمنة الأمريكية عالميًا، مما أدى إلى زيادة حدة الاستقطاب الدولي؛ وأشار إلى عودة الحديث عن التهجير القسري للفلسطينيين، رغم الرفض الدولي لهذا الطرح، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني رد على ذلك بالتحرك شمالًا، لكنه لن يترك أرضه مهما كانت الظروف؛ كما شدد على ضرورة تعزيز المصالح الاقتصادية بين الدول العربية، والاستثمار في مشاريع مشتركة تخلق بيئة تكاملية، مما يسهم في بناء سياسات موحدة؛ وأكد أن التحرك الدبلوماسي يجب أن يكون حاضرًا بقوة في الفترة المقبلة، إلى جانب تعزيز المناعة الداخلية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
من جانبه، أكد الدكتور جمال عبد الجواد؛ أن مخاطر التوسع الإسرائيلي والإرهاب؛ تتزامن مع تحولات عالمية كبيرة، أبرزها تراجع النفوذ الأمريكي؛ وصعود قوى جديدة؛ مثل: الصين، وهو ما يعيد تكرار نمط تاريخي معروف عبر العصور؛ وأن العالم يشهد حاليًا انتقالًا حضاريًا من الغرب إلى آسيا، مما يزيد من تعقيدات المشهد الدولي؛ وأوضح أن الولايات المتحدة، التي هيمنت على النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، انتقلت من مرحلة القيادة إلى مرحلة السيطرة التامة، مما أدى إلى اتباعها سياسات أكثر خشونة، سيكون لها تأثيرًا سلبيًا على استقرار النظام الدولي؛ وأشار إلى أن "الولايات المتحدة" تدعم "إسرائيل"؛ بشكل غير محدود، مما يعقد الأوضاع في الشرق الأوسط؛ كما لفت إلى أن الصعود الصيني لم يتحول بعد إلى قوة سياسية مؤثرة يمكن للمنطقة الاستفادة منها، مؤكدًا أن الشرق الأوسط لم يحصد أي فوائد تُذكر من هذا الصعود حتى الآن.
0 تعليق