(CNN)-- انخفض عدد المواليد في مصر إلى 1.968 مليون مولود خلال عام 2024، بمعدل 2.41 مولود لكل سيدة لتسجل أقل معدل إنجاب منذ عام 2007.
فسّرت الحكومة سبب الانخفاض إلى الاستراتيجيات والمبادرات الصحية للسيطرة على الانفجار السكاني، فيما يرى خبراء أن التراجع جاء نتيجة تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والتوعية بوسائل تنظيم الأسرة.
قبل نحو عام ونصف، حذّر الرئيس عبد الفتاح السيسي من الزيادة السكانية، مُعتبرًا أنها من أخطر القضايا التي تواجهها مصر، وشدد على ضرورة تنظيم "الحرية المطلقة" في معدلات الإنجاب حتى تتماشى مع موارد البلاد.
آنذاك، تزامنت تصريحات السيسي مع إطلاق الحكومة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، التي تهدف إلى تنفيذ برنامج يوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة بالدولة من خلال توعية المواطنين بخطورة معدلات الإنجاب المرتفعة؛ لضبط معدلات النمو السكاني.
وتعد مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والثالثة إفريقيًا، ويبلغ إجمالي عدد سكان مصر في الداخل أكثر من 107.3 مليون نسمة - وفق الساعة السكانية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وجاءت القاهرة في المركز الأول من حيث عدد السكان بإجمالي 10.4 مليون نسمة، تليها الجيزة بإجمالي 9.7 مليون نسمة، ثم الشرقية بإجمالي 8.1 مليون نسمة.
وقال المقرر السابق للمجلس القومي للسكان، عاطف الشيتاني، إن مصر سجلت انخفاضًا في أعداد المواليد خلال آخر 5 سنوات حتى وصلت إلى أقل من 2 مليون نسمة خلال عام 2024، للمرة الأولى منذ أعوام طويلة، مُرجعًا سبب هذا الانخفاض إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والتوعية بوسائل تنظيم الأسرة، مؤكدًا دور القطاع الخاص بالشراكة مع الحكومة في توفير هذه الوسائل، إضافة إلى ربط القضية السكانية بالتنمية من خلال حملات توعية.
وأشار الشيتاني، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى أبرز المشروعات التي ساهمت في تحسين خدمات الصحة الإنجابية، خاصة في القرى والمناطق البعيدة عن العاصمة، وعلى رأسها مبادرة "حياة كريمة"، قائلا إنها "ساهمت بدور فعال في تنمية القرى الفقيرة في كل أنحاء البلاد، وتوفير خدمات الرعاية الصحية ووسائل تنظيم الأسرة".
كما أشاد الشيتاني بمشروع الدعم النقدي للفئات محدودي الدخل المعروف باسم برنامج "تكافل وكرامة"، "الذي تضمن من شروطه ربط صرف الدعم النقدي للمواطنين بانتظام السيدات في المتابعة مع الوحدات الصحية للاهتمام بصحة المرأة وتنفيذ مشروعات للتمكين الاقتصادي".
وقال الشيتاني إن هناك علاقة بين تعليم الفتيات وانخفاض معدل المواليد الجدد في مصر، موضحًا أن ذلك "يؤثر إيجابًا على خفض الزواج المبكر، وتوعية السيدات بأهمية الحفاظ على الصحة الإنجابية، مما ينعكس بشكل مباشر على انخفاض معدل المواليد"، داعيًا إلى ضرورة إصدار تشريعات بإلزام تعليم الفتيات لخفض نسبة المتسربين من التعليم.
وقال المقرر السابق للمجلس القومي للسكان إنه "رغم انخفاض أعداد المواليد لأقل من 2 مليون نسمة، إلا أن مصر لم تصل لمرحلة الاستقرار السكاني (بتساوي معدل المواليد مع الوفيات)، فمازال معدل المواليد أعلى من الوفيات، وهناك تحديات كبيرة تواجه الدولة للوصول لهذا المستهدف أبرزها الأمية، والتسرب من التعليم، ومعدل نسبة الفقر في مصر"، لافتًا أن بعض الأسر تميل إلى زيادة الإنجاب، خاصة الذكور، لمساعدتها في العمل وزيادة الدخل.
وشدّد الشيتاني على ضرورة توجيه مزيد من الحملات لمحافظات الصعيد للتوعية بالصحة الإنجابية وخطورة القضية السكانية، مستدلًا على الفارق في معدلات المواليد بين محافظات الصعيد المرتفعة مقارنة بالوجه البحري، بينما سجّلت محافظة بورسعيد معدل مواليد أقل من 2 مولود لكل سيدة، ليعادل الموجود في الدول الأوروبية.
من جانبه، يرى أستاذ التمويل والاستثمار، مصطفى بدرة، أن انخفاض أعداد المواليد لن يكون له عائد على الاقتصاد المصري على المدى قصير الأجل، بسبب عدم تحقيق معدلات نمو مرتفعة، مضيفًا أنه يجب العمل بموزاة ذلك بين انخفاض معدلات المواليد وزيادة معدل النمو والناتج القومي للبلاد حتى ينعكس ذلك على تحسين دخول المواطنين وكذلك تحسين الخدمات العامة المقدمة لهم.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن شعور المواطنين بثمار نتائج الإصلاح الاقتصادي وتحسين الاقتصاد، يتطلب تحقيق معدلات نمو اقتصادي ضعف معدل النمو في المواليد، ولذا يجب أن تستمر الدولة في خططها نحو تحسين مناخ الاستثمار ودفع القطاع الخاص لزيادة مساهمته في الناتج القومي وتشجيع الادخار لتمويل المشروعات.
0 تعليق