قرارات ترامب ومشروع تصفية القضية الفلسطينية

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ دخول الرئيس الأمريكي ترامب البيت الأبيض وهو يوقّع على الأوامر التنفيذية التي تتعلق بشطب تاريخ إدارة بايدن والديمقراطيين خلال السنوات الأربع الماضية حيث اشتبك الرئيس الأمريكي ترامب مع الداخل والخارج على حد سواء من خلال المواجهة المباشرة مع الدولة العميقة وخلخلة رسوخها من خلال الإدارات والأجهزة العسكرية والأمنية وإنذار الآلاف من الطرد من الوظائف العامة خاصة من السلطتَين التنفيذية والقضاء، حيث إن ترامب واجه محاكمات مشهودة طوال السنوات الأخيرة. كما أن البيت الأبيض خلال فترة بايدن دعم تلك الحملة وتشويه سمعة الرجل في محاولة جادة لإغلاق الباب أمام ترشحه للبيت الأبيض.

النظام السياسي الأمريكي أتاح للرئيس ترامب فرصة تاريخية للترشح من خلال تأجيل عدد من القضايا، ومن هنا فإن الرئيس الأمريكي ترامب بعد فوزه الكاسح خلال الانتخابات الأمريكية ودخوله مجددا للبيت الأبيض كان من المفترض أن يستفيد من تجربته الأولى في البيت الأبيض، وأن يقيس الأمور بمنظور موضوعي بعيدا عن الشطحات والتهديد والوعيد لدول مستقلة، ولعل من أغرب التصريحات لهذا الرئيس الأمريكي الجدلي هو حديثه عن كندا وضرورة ضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح الولاية الحادية والخمسين، كما أراد ضم جرينلاند وهي جزيرة تابعة للدنمارك، كما تحدث عن ضرورة ضم قناة بنما، وغيرها من القرارات والتصريحات المتهورة التي تدل على أن الرجل يتصرف كرجل أعمال وليس شخصية سياسية تقود أقوى دول العالم.

ولم يكتف الرئيس الأمريكي ترامب بذلك بل أراد تكرار صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال مشروعه غير القانوني بتهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى عدد من الدول العربية كمصر والأردن واستخدم لغة غير دبلوماسية. كما أن شنه حربا تجارية ضد عدد من الدول اللاتينية وأيضا ضد كندا وأيضا حديثه عن حلفائه في أوروبا يعطي صورة واضحة على أن السنوات الأربع لدونالد ترامب ستكون سنوات مزعجة وكارثية على صعيد القضية الفلسطينية وعلى صعيد الأمن والاستقرار في العالم وعلى صعيد الاقتصاد العالمي.

على صعيد الداخل بدأت إدارة ترامب في طرد آلاف المهاجرين من المكسيك ودول لاتينية أخرى بحجة عدم قانونية الإقامة، كما أن عددا من القرارات التنفيذية سوف تطال قضايا الطاقة والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والغريب أن الرئيس الأمريكي ترامب تحدث خلال حفل التنصيب بأنه يريد أن يترك أثرا تاريخيا بعد مغادرته البيت الأبيض ليكون أحد الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال قراراته وتصريحاته فإنه يكرر المشهد نفسه عندما دخل البيت الأبيض عام ٢٠١٦.

إن ظاهرة ترامب أدخلت العالم شرقه وغربه في مأزق حقيقي وكانت ردات الفعل تتراوح بين الوقوف أمامه ورفض مخططاته التي تضر بمصالح تلك الدول وبين دول آثرت مسايرة ترامب لعل المشهد السياسي في الداخل يتغير ويكون هناك سجال داخل الكونجرس الأمريكي رغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، وقد تحدث مقاومة جادة من مؤسسات الدولة العميقة خاصة المؤسسة العسكرية والأمنية وأيضا من قبل كبرى الشركات الأمريكية التي قد تتضرر مصالحها جراء الحرب التجارية التي أطلقها ترامب من خلال تهديده بفرض رسوم تجارية.

القضية الفلسطينية تعَد أمام مفترق طرق خاصة خلال اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وهو لقاء قد يحدد مسارات عديدة منها مسار الوضع في قطاع غزة وأيضا التحولات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسألة قطار التطبيع، والذي سوف يركز عليه ترامب مقابل إنهاء حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعلى ضوء ذلك فإن الرئيس الأمريكي ترامب يكرر نفس الأخطاء الاستراتيجية وفي تصوري فإن السنوات الأربع القادمة وإن كانت صعبة قد تشهد توترات ولكنه في مجمل التحليل السياسي لا يستطيع مواجهة العالم والشرعية الدولية وحتى الداخل الأمريكي.

وإذا كان ترامب قد يربح بعض الصفقات الوقتية ولكنه سوف يخسر الكثير خلال تلك المواجهات وخلق عداوات حتى مع أقرب الحلفاء في أوروبا والدول العربية.

ومن هنا فإن المشهد السياسي في العالم يتعرض لظاهرة ترامب مجددا ومن المهم أن تكون هناك مقاومة سياسية وشعبية للوقوف أمام المخطط الأساسي الذي يهمنا كعرب وهو دعم القضية الفلسطينية وإفشال مخطط التهجير الذي يذكرنا بالنكبة عام ١٩٤٨، كما أن الاقتصاد العالمي سوف يتأثر بشكل كبير إذا أصر ترامب على الحرب التجارية مع دول العالم خاصة الصين وأوروبا ودول أمريكا اللاتينية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق