دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- فقط لأنّك تقول "ما من طفل مفضّل لديك"، لا يعني أن كل من حولك لا يعرفون من هو طفلك المفضل.
قد يؤثّر ترتيب ولادة الأطفال، والمزاج، والجنس، على الطريقة التي تربّي بها طفلك، وكذلك إذا كنت تفضل أحدهما على الآخر، وفق دراسة نشرتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس.
والدراسة عبارة عن تحليل تلوي وضعه الباحثون بعد تحليلهم بيانات مستقاة من 30 دراسة و14 قاعدة بيانات، تحتوي على معلومات حول أكثر من 19000 شخص.
بالإضافة إلى ملاحظة العمر، وسمات الشخصية، والجنس، نظر الباحثون أيضًا في كيفية إبلاغ الأهل عن معاملتهم الشاملة، وسيطرتهم على الوضع، وتخصيص الموارد والتفاعلات الإيجابية والسلبية مع كل طفل.
الطفل المفضّل!
البنات والأطفال الأكثر وعيًا ولطفًا كانوا أكثر عرضة للحصول على معاملة أفضل من والديهم.
وأفاد الدكتور ألكسندر جينسن، المؤلف الرئيسي للدراسة، والأستاذ المساعد في جامعة بريغهام يونغ ببروفو في ولاية يوتا، ببيان صحفي: "في المرة التالية التي تتساءل فيها عما إذا كان شقيقك الطفل الذهبي، تذكّر أنّ هناك على الأرجح المزيد ممّا يدور في الكواليس، أكثر من مجرد تفضيل الأكبر أو الأصغر، فالأمر قد يتعلق بالمسؤولية، أو المزاج، أو مدى سهولة وصعوبة التعامل معك".
أثر التمييز
قالت الدكتورة إلين ويبر ليبي، عالمة النفس السريرية المتقاعدة ومؤلفة كتاب "الطفل المفضل: كيف يؤثر (الطفل) المفضل على كلّ من أفراد الأسرة مدى الحياة"، إنّ التفضيل يكون مؤقتًا ويتغيّر بحسب الظروف.
أضافت ويبر ليبي أنّ الطفل الذي تفضّله ربما يتمتّع بميزة تذكّرك بجدّتك الحبيبة التي فقدتها. أو ربما يتناغم مع مشاعرك، ويقدم يد المساعدة بعد يوم شاق.
يمكنك أن تحب جميع أطفالك، لكن هذا لا يعني أنك محصّن ضد تفضيل قضاء الوقت مع أحدهم عوض الآخر، أو معاملتهم بشكل مختلف.
وبحسب الدراسة، الأطفال الذين يحصلون على معاملة تفضيلية يميلون إلى الحصول على بعض المزايا مقارنة بمن لا يحصلون عليها.
وجدت الدراسة أنّ الأطفال المفضّلين يتمتّعون بصحة نفسيّة أفضل، ودرجات دراسية أفضل، وقدرة أكبر على تنظيم عواطفهم، وإقامة علاقات أكثر صحية.
لكن كونك الطفل المفضّل ليس دومًا صفقة جيدة، كما أشارت ويبر ليبي.
قد يتم تدليل الأطفال المفضّلين بشكل مفرط، وهذا الأمر لا يعلّمهم مهارات الحياة الجيدة للاستعانة بها في وقت لاحق من الحياة. ولفتت إلى أنهم قد يتلقون أيضًا رسالة مفادها أنه يتعيّن عليهم الأداء بطرق معينة للحصول على الاهتمام والرعاية، وهو ما قد يمنعهم من العيش بحرية.
من جهة أخرى أشارت ويبر ليبي إلى أنّ الأطفال غير المفضلين قد يجدون أنفسهم أحيانًا، وليس دومًا بالتأكيد، يواجهون صعوبات أكثر في مرحلة البلوغ.
وعلّق جينسن على هذا الأمر: "الأطفال الذين يتم التعامل معهم بشكل تفضيلي أدنى، عرضة تحديدًا لخطر تعاطي المزيد من المواد، وضعف الصحة العقلية، والعلاقات الأسرية. كما أنهم يميلون إلى الوقوع في مشاكل أكثر في المدرسة والمنزل".
كيف تحافظ على الأمور منصفة وصريحة؟
قال جينسن إن المفتاح هو أن تكون منفتحًا وصادقًا مع نفسك بشأن أي معاملة تفضيلية قد تنشأ، وأن تتصرف وفقًا لذلك.
ولفت إلى أن "التحدي يكمن في أنّ هؤلاء الأشقاء يختلفون عن بعضهم ويجب أن يتم تربيتهم بشكل مختلف إلى حد ما، لكن نأمل بطرق صحية ومناسبة. هذه النتائج مهمة لأنها تمنح الأهل نقطة انطلاق للتفكير في أي من أطفالهم قد يميلون إلى التعامل معهم بشكل أكثر أو أقل تفضيلاً".
وأشار جينسن إلى أنّ الأطفال إذا فهموا سبب معاملتهم بشكل مختلف عن أشقائهم، فإنهم أقل تأثرًا بمثل هذا الإجراء.
على سبيل المثال، جاءت ابنة جينسن الكبرى إليه عندما كانت تبلغ من العمر حوالي 6 سنوات واشتكت من أن لديها فساتين أقل من أختها الصغرى. أخبرها أنّ أختها تحصل على ملابس مستعملة، الأمر الذي يفسّر سبب امتلاكها المزيد من الفساتين.
تابع: "نظرت إلي وقالت، ’أوه، هذا منطقي، حسنًا‘. ثم قفزت وركضت للعب".
ويتأمل جينسن "أن يستخدم الأهل دراستنا كمحفّز للنظر في كيفية معاملتهم لأطفالهم بشكل مختلف، ثم العمل على التأكد من أن هذه الاختلافات عادلة ومفهومة من قبل أطفالهم".
وبحسب ويبر ليبي، رأت أنه من المهم أيضًا أن يكون الأهل على استعداد لسماع متى قد تمنح امتيازات إضافية، أو ردود أفعال أكثر قسوة بناءً على تفضيلاتك. حافظ على ذهن منفتح عندما يشير شريكك، أو أفراد عائلتك، أو أصدقاؤك، إلى الاختلافات في تربيتك، وكن مستعدًا لتصحيحها.
وشجع جينسن الأهل على سؤال أطفالهم عن حالهم:"حتى لو لم يقولوا ذلك صراحةً، فإنّ أطفالك سيخبرونك إذا كانوا يعتقدون أن الأمور غير عادلة بينهم وبين أشقائهم. إذا كانت هذه هي الحال، فحاول ألا تكون دفاعيًا، بل اعمل على مناقشة الأمر معهم".
0 تعليق