الجمعة 07/فبراير/2025 - 04:55 م 2/7/2025 4:55:01 PM
كل الأنظار تتجه صوب غزة بين طامع ومغتصب ومتآمر، الجميع ينظر إليها على أنها غنيمة أو استحقاقًا شخصيًا متوارثًا، متناسيين أن غزة لأهلها وأن الأرض العربية قد يتغيير حكامها لكنها ثابتة شامخة لاتتبدل ولا تتغيير، دماء شهدائها هي الوقود المحرك لها، وأن فلسطين بوضعها الاستثنائي لايمكن أن يتركها أبنائها ولا يمكن أن تسمح مصر القوى الكبرى في الشرق الأوسط بتصفية قضيتها التي تعتبرها القاهرة أمنًا قوميًا خالصًا.
الرهان خالصًا على أبناء غزة سكانها الأصليين، هذا الفصيل الذي يعشق تراب وطنه لايمكن له أن يتركها مهما كانت الظروف، وإن كانوا تركوها في ظرف استثنائي في السابع من أكتوبر لعام 2023، عندما اشتدت ويلات الحرب ونزحوا إلى الساحل حتى أن 90% من أبناء غزة تركوها قهرًا واتجهوا صوب الساحل وبمجرد توقيع الهدنة عادوا جميعًا إلى ديارهم التي لم يعرفوها ولم يجدوا لها أثرًا حتى أن البيوت صاحبة المباني العالية تساوت مع الأرض، ورغم كل ذلك عاد الآلاف إلى غزة ليبكوا على الأطلال وسط منازلهم التي لم يعرفوها من حجم الدمار، فهل تعتقدون أن شعبًا عاد من الموت ليفترش التراب، سيترك وطنه؟
تمسك الشعب بموطنه وبيوته المهدومة هو أساس القضية التي لايمكن أن يكتب لها نهاية لأنها نابعة من وجدان الشعوب، المواطن قد يهاجر أو يترك موطنه على أمل العودة لكنه لايقبل أن يٌهجر أو يُطرد ويكتب له خروج بلا عودة، الحل الفعلي لأزمة غزة وإحباط سيناريوهات التهجير هو إعادة إعمار غزة.
إعادة الإعمار هو أمر حتمي ومسؤولية تقع أعتاقها على كل دول العالم وفي القلب منهم الدول العربية الشقيقة، الأمم المتحدة أعلنت أن إعمار غزة يتطلب 350 عامًا حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر 2023، لكني أقولها وبقوة أن الدول العربية وفي القلب منهم مصر يستطيعوا إعادة إعمار غزة وفق خطة زمنية لاتستغرق أكثر من 3 سنوات.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رجل يستحق جائزة السلام، فهو يجاهد على مدار أكثر من ستة عشر شهرًا منذ طوفان الأقصى لإخماد الفتنة الأخيرة التي تحدث على أرض غزة، سلك كل الطرق حتى أن أول من حمَل العالم مسؤولية مايحدث في غزة، كان محذرًا من تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط، قائلا: ما يحدث في الشرق الأوسط سيؤثر على العالم أجمع ليس الدول العربية فحسب.
أعلم تمام العلم أن هناك تحركات على أعلى مستوى من القيادة المصرية واتصالات مكثفة مع دول عدة عربية وأوروبية من أجل وقف نزيف ما يحدث في فلسطين وإعادة الإعمار الفعلي، مصر تمتلك مقومات ذلك، تستطيع القاهرة بالتنسيق مع حلفائها أن تعيد بناء غزة بإشراف السلطة الفلسطينية وأبناء غزة نفسها، لأن إعادة الإعمار هو الرد الفعلي على تكهنات الغرب الساعي نحو التوسع على حساب الأرض العربية.
السيناريو المعلن والمخطط له، هو تجهير أبناء غزة ومغادرتهم موطنهم ضمن خطة طويلة الأمد تستهدف القضاء على القضية الفلسطينية بدعوى إعادة إعمارها وهو يحمل في جوفه الحلقة الأخيرة من مسلسل غزة، والذي يُستهدف منه التوسع في حجم دولة إسرائيل وطمس فلسطين بشكل نهائي لارجعة فيه.
أي مخطط هذا، وأي فكر هذا؟، القانون الدولي لايسمح أبدًا لأي دولة عظمى أو غيرها أن تسطوا على دولة وتهجر أهلها، ما يحدث لغزة وما تستهدفه القوى العظمى منها هو إنتهاك لكل معايير النظام والقانون الدولي.
إن كنا نريد أن تعود القدس إلى موطنها وأن تحتفظ فلسطين بقدسيتها فعلينا الاصطفاف جميعًا لمواجهة كل مخططات التهجير، علينا جميعًا كدول عربية أن نفتح ملف إعادة إعمار غزة، بجهود عربية حتى نبطل تكهنات الغرب وتصل لهم رسالة بعلم الوصول أن نسيج الوطن العربي واحد وأن المصير واحد، وعلى الجميع أن يحترم ذلك.
القيادة المصرية لديها تصور فعلي بإعادة الإعمار في غزة، من خلال شعب غزة وأهل غزة في فترة زمنية محددة، وأعلم علم اليقين أن الرئيس السيسي يتوسع في اتصالاته وفي أحاديثه نحو التوافق على رؤيته الإصلاحية داخل غزة، لأنه يرى أن الحل الوحيد هو إعادة إعمار غزة، واستكمال الهدنة حتى تلتقط غزة أنفاسها، وتدب إليها الحياة من جديد.
لغزة شعب يحبها، وللعرب زعماء، آن الأوان أن يعملوا في مسارِ واحدِ نحو هدفِ واحدِ، هو إفشال مخططات الغرب، وإعادة الهدوء إلى غزة كما كانت من قبل، فأموال الخليج والعرب قادرة على إعادة غزة وإعمارها في وقت قياسي، حتى لايسيطر أحد عليها إلا أبنائها وسلطتها الفلسطينية.
الأيام القليلة المقبلة صعبة، وتزداد صعوبتها لأن العدو خطط ويتابع مسار خطته، وعلينا كعرب أن ننتبه وأن نقترب أكثر وأكثر لتكوين وجهة نظر عربية واحدة تعبر عنا جميعًا، حتى نبطل كل سيناريوهات التهجير وتستعيد غزة عافيتها.
0 تعليق