تفاصيل مثيرة.. عائلة احتضنت “الضيف” تكشف رحلة مطاردته 35 عامًا حتى استشهاده

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

“أتمنى كل شباب اليوم يكونوا بأخلاق أبو خالد الضيف الذي أرعب الاحتلال وحوّل حياته إلى جحيم خلال سنوات طويلة من المطادرة والجهاد”، بهذه الكلمات فتحت الحاجة “أم أحمد” بابًا أوصدته لمدة 35 عامًا عايشتها وزوجها مع المطارد رقم واحد للاحتلال الإسرائيلي الشهيد القائد محمد الضيف.

تبوح “أم أحمد” بسرٍ حفظته في صدرها، وكان أمانة وفّت بها، حتى حان وقت الإعلان عنها وبثها في النفوس ليكون قدوةً ومثالًا يُحتذى به.

بداية المشوار

وعن بداية المشوار، تقول “أم أحمد” لوكالة “صفا”: “في أحد أيام عام 1991، وحين كان زوجي أبو أحمد في محله التجاري تفاجأ بمجموعة من الأشخاص يدخلون عليه بشكل مفاجئ ليتواروا عن الأنظار”.

وتضيف “في تلك اللحظة أسرع أبو أحمد وسألهم عن المساعدة التي يحتاجونها، فأجابه أبو خالد (محمد الضيف) بأن قوات الاحتلال تلاحقهم ويحتاجون مكانًا يؤويهم”.

وتتابع “انتظر أبو أحمد حتى أسدل الليل ستاره وخيّم الظلام على المنطقة واصطحبهم معه للبيت وخصّص لهم غرفة ملاصقة لها حمام، حيث كان أبو خالد وبرفقته يحيى عياش، حسن سلامة، باسم عيسى، مروان عيسى، سعد العرابيد، وليد شمالي، وعدد كبير من الأسماء التي لا يمكن الإفصاح عنها حاليًا”.

استشار “أبو أحمد” زوجته في موضوع المطاردين، ودون أن تعرف هويتهم وافقته على ما ينوي، قائلة: “إلى أنت فيه أنا فيه”.

وهنا باشر الزوجان ترتيبات إخفاء عيون الناس عن ضيوفهم، وفي مقدمتهم أهل المنزل، فكان اقتراح الزوجة: “بنحكي هدول أخوتي جايين عنا يومين، أو أصحابك، أو ضيوف، بندبرها كل يوم بحجة”.

ومع الوقت وتكرار ترددهم على البيت، اتخذ الزوجان قرارًا بتعمير غرفة وحمام على سطح المنزل تكون ملاصقة لغرفة كانا يُربيان فيها الأرانب وبعض الطيور، على اعتبار أن الغرفة لم تعد كافية للطيور.

“أصبحت غرفة السطح سكنًا لأبو خالد ورفاقه الذين كان عددهم يختلف كل مرة، حتى اتخذوها مقرًا لقيادة عملياتهم، خاصة في فترة قدوم السلطة والملاحقة المزدوجة لهم”، تقول أم أحمد.

التخطيط والمطادرة

وتردف “في إحدى المرات التي كانوا يخططون فيها على قدم وساق لتنفيذ سلسلة عمليات، كان أبو خالد الضيف وحسن سلامة ويحيى عياش من المتواجدين الدائمين في المنزل، فيما كان يتردد بعض الشبان عليهم”.

وتضيف “علمت أن استشهاد يحيى عياش مثّل صاعقة قلبت الموازيين، كونه كان مشاركًا في تنفيذ هذه العمليات، لكني علمت فيما بعد بتنفيذ حسن سلامة لعملية واعتقاله إثر ذلك”.

” كان تنفيذ العمليات يحتاج للكثير من المهارة والتخفي حتى أقرب الأشخاص إليك لا يعرفك حال رؤيتك، إذ في مرة كان يُخطط لإحدى العمليات وكنت أنا من يستقبلهم، لأن أبو أحمد يُمارس حياته بشكل طبيعي لمنع الشبهات”.

تقول “أم أحمد”: “في ذلك اليوم صعدت تجاه الغرفة لتقديم القهوة لهم، لكني تفاجأت بشخص غريب يأخذها مني، حينها بدأت الشكوك تُساورني كيف صعد إلى الغرفة دون أن أُدخله، وحين انتهى اجتماعهم سألت أبو أحمد عن هويته فأجابني بأنه شخص جاء للمنزل متنكرًا كونه من سينفذ عملية”.

وتضيف أن “فترة التسعينات لم تكن سهلة في حياة المطاردين، الذي كانوا يجابهون الاحتلال وعناصر السلطة، الذين عكفوا على إيجاد أي خيط يُدلهم على مكان أبو خالد ورفاقه، لذلك كانت ملاحقة الشباب تهدف للوصول إلى الضيف”.

وتتابع “في إحدى جولات الملاحقة لمجموعة من الشباب، كان أحدهم يتردد إلى بيتنا مع أبو خالد، لكنه تحت التعذيب القاسي، اعترف على أبو أحمد، وتفاجأنا بقدوم دورية كبيرة من أجهزة أمن السلطة واعتقال زوجي، لكنه لم يعترف على شيء وأصر على الإنكار، رغم عدم مراعاتهم أنه مريض قلب”.

أخلاق القائد

وعن أخلاق” أبو خالد”، تقول “أم أحمد”: “أتمنى أن يكون جميع شباب اليوم بأخلاقه، حيث كان مخلصًا بعمله طيب القلب، رجل من زمن الصحابة، لم يكن قائدا متعاليا على جنده، تجده خفيفًا مرحًا مع الصغير، جادًا وقت العمل، حليمًا، كان قرآنا يمشي على الأرض، لا يرد طلبًا لأي شخص حتى لو من ماله الخاص”.

وتضيف “شعورك وأنت تعيش مع أشخاص شهداء مع وقف التنفيذ، كأنك تعيش مع الصحابة، همهم الوحيد الإثخان بالعدو وإيلامه، وتفكيرهم منحصر فقط بحصد مرتبة أعلى في الجنة مع صحبة رسولنا الكريم”.

وتشير إلى أن “أبو خالد” ظل يتردد على منزلهم لفترات ولم ينقطع عنه حتى بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023.

وخلال فترة المطاردة، أصيب القائد الضيف ثلاث مرات منفصلة، الأولى كانت في قدمه، والأخرى بوجهه من الجانب الأيمن، أما الثالثة ففقد خلالها عينه، وكان يقول مواسيًا نفسه، “كله في سبيل الله”، وفق “أم أحمد”.

“كان الضيف يحرص على زيارتنا في مناسباتنا العائلية ومشاركتنا فرحته بتوأمه الأول من أم خالد، وحليمة من زوجته الثانية، دون الإفصاح عن هوية زوجتيه”، وفق أم أحمد.

وتردف “كان أبو خالد يحرص على السرية التامة في حياته وفي إحدى المرات أثناء زيارتنا طلب منه أحد أبنائي أن يأخذ صورة معه، إلا أنه رفض، وحين شعر بحزنه أعطاه قبعته هدية كي يتذكره عند استشهاده”.

وتصف “أم أحمد” مشاعرها عند الإعلان عن استشهاده، قائلة: “حزنت كثيرًا، لأن خسارتنا فيه كبيرة، لن تجد له مثيل ولن يكون هناك ضيفٌ آخر، لكن حزني أرممه بأنه سيلتقي مع أبو أحمد ويكون رفيقه بالآخرة كما كان في الدنيا”.

وفي 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس رسميًا، استشهاد قائد هيئة الأركان محمد الضيف وثلة من قادة الجناح العسكري للحركة خلال معركة “طوفان الأقصى”.

(صفا)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق