رفض مخططات التهجير.. هل يغير آراء ترامب؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- إلى أين يمكن أن يذهب ترامب بتصريحاته غير المتوازنة حول تهجير أهالي قطاع غزة من أرضهم، ونقلهم إلى الأردن ومصر؟ وهل فعلا أراد بهذه التصريحات أن يحدث حالة من الارتباك في المنطقة، كشفتها تصريحات الأردن ومصر الرافضة لما طرحه، وإنها لن تقود المنطقة إلى الاستقرار؟اضافة اعلان
بيد أن التصور الذي رآه بعض المحللين من هذه التصريحات الترامبية، يحتمي باختبار المنطقة العربية، التي ردت مباشرة على ما تفوه به، ويميل بعضهم إلى أن اليمين الصهيوني بشقيه في أميركا والكيان المحتل، يعمل على تنصيب ترامب ناطقا رسميا باسمهم.
وقد اعتبر محللون بأن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير حول عدم استعجاله بتنفيذ خططه في قطاع غزة، مرده حالة الرفض العربي والدولي لتصريحاته، بخاصة مواقف الأردن ومصر والسعودية، ضد مخططات التهجير.
وأكدوا في تصريحات لـ"الغد"، أن الإدارة الأميركية وجدت نفسها أمام إعلان متسرع مخالف للقانون الدولي في حين أن تحقيق ذلك يمكن أن يفجر الصراع في المنطقة.
قرار متسرع 
وقال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، إن تصاعد الرفض العربي والدولي لتصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة، ينسجم مع القرارات الدولية، مضيفا أن هذه التصريحات مخالفة للسياق العام ومفاجئة، وتشكل صدمة للمتابعين والمهتمين بالقضية الفلسطينية، دوليا أو إقليميا أو عربيا، وبشكل خاص الدول المجاورة.
ولفت شنيكات، إلى أن ترامب حذر وذكي، لكن طبيعة شخصيته، تحمل مفاجآت، بخاصة عندما يدلي بتصريحات وقرارات غير متوقعة، وهو الى ذلك صاحب خلفية تجارية عقارية، وله حساباته في الربح والخسارة، مضيفا في حال رفضت مصر على نحو جازم مسألة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فسيتصرف ترامب وفق مبدأ السياسة فن الممكن.
وأوضح شنيكات، أنه في حال وجه ترامب بالشكل الصحيح، فإنه قد يتراجع عن تصريحاته برغم وجود ضغط من الاحتلال الصهيوني، متواصل وكبير يسعى لجعل هذه التصريحات حقيقة على ارض الواقع، وسياسة يتوجب تنفيذها فعليا.
ولفت إلى أن ترامب، يريد الحوار مع دول المنطقة بشأن طروحات التهجير، وقد يدرس احتمالات وخيارات جديدة، وقد يلطّف طبيعة ما أطلقه من تصريحات مفاجئة، كما قد تكون هذه التصريحات بمنزلة بالون اختبار لقياس ردة فعل الدول المعنية بالتهجير، لكن في كل الاحتمالات، فإن تنفيذ هذه التصريحات، سيورّط أميركا- على الأقل - عسكريا في المنطقة، وعلى نحو خاص في غزة.
وبين أن ترامب وعلى مر التاريخ، كانت لديه تصريحات عديدة، بعضها متناقض وأخرى تراجع فيها، منوها إلى أن تصريحاته الأخيرة، ربما تأتي في سياق إعلانات متعلقة بالتهجير.
وأشار إلى أن الكيان الصهيوني، سيعمل على جعل تصريحات الرئيس ترامب، بشأن التهجير واقعا ملموسا، سيذهب به الى أقصى قدر من الضغط، بخاصة وأنه مُحاط بدائرة صهيونية، تضم وزيري الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي، والسفير الأميركي لدى الاحتلال، وجميعهم يدعمون أي سياسة تساعد الاحتلال، وبالذات ما يقدم من حكومة رئيس وزراء الكيان المتطرف بنيامين نتنياهو، بوصفها سياسة ضرورية لتنفيذ التهجير.
وفي حال سيتراجع ترامب عن تصريحاته، قال شنيكات بأنه "قد يعيد التفكير بها، ويحرص على الصورة العامة للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنه لديه مبدأ حذر، يتجلى بعدم التورط في الحروب و"لن يحارب من أجل دول أخرى، وقد يدفع باتجاه معين، لكن إذا وجد مقاومة شرسة بشأن غزة، قد يتراجع عن هذه الفكرة".
وبين شنيكات، أنه من الصعب القول إن أميركا، ستتراجع عن التهجير، وأنه يتوقع بأن تمارس ضغوطا قبل الذهاب الى سياسة الاستسلام للأمر الواقع، مؤكدا أنه قد تمارس واشنطن ضغوطا، قد تدفع بأجندة معينة وقد تطرح بدائل، إلا أن كل ذلك يرتبط تحقيقه بموقف الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص الموجودين على أرض غزة.
ولفت إلى أن إسرائيل، ما تزال تراهن وهي تقترب من المرحلة الثانية من اتفاق صفقة تبادل الأسرى، على ممارسة مزيد من الضغوط على الفلسطينيين، ومحاولة الحصول على تأييد من الإدارة الأميركية لضمان نجاعة سياستها في إدارة الصفقة.
خطوة غير مكتملة 
من جهته، قال الباحث في شؤون الاحتلال الصهيوني عصمت منصور، إن الموقف العربي وفي مقدمته مواقف الأردن ومصر والسعودية، إلى جانب ما ظهر من المواقف الدولية ولدى بعض الساسة الأميركيين، إلى جانب نخب وقادة رأي وصحفيين ووسائل إعلام عالميين، وكذلك ما نما عن دوائر محدودة في الكيان المحتل، يشككون جميعهم بجدوى تطبيق تصريحات ترامب، وقد تمكنت ردود الفعل العالمية رفضا لها، من دفعه للتراجع خطوة إلى الوراء، وإبداء بعض التردد تجاهها.
وأكد منصور أن ما صرح به ترامب كخطوة أعلن عنها على نحو مباغت، غير مكتمل أساسا، ومرتجل وغير مدروس، كما انه لا ينطلق من سياق سياسي، وخال من أي رؤية واضحة، تستجيب لحاجات المنطقة الى الاستقرار، موضحا بأن تراجعه عن فحواها، يرتبط بالمواقف العربية والدولية الرافضة لها.
ولفت إلى أن الزيارة التي سيقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة الأميركية ولقاء ترامب، وبعدها زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى أميركا، سيكون لهما تأثير أكبر على هذه الرؤية.
وشدد منصور، على أن هذا الموقف العربي الصلب والثابت، سيدفع ترامب الى التراجع، بخاصة أنه لا يوجد لدى الاحتلال، أي رؤية يمكن أن تبشر بأي استقرار في المنطقة العربية، وأن كل ما يطرح من تصريحات أو مشاريع، إنما يقود الى تكريس حالة من التدهور في المنطقة ونقلها الى دولها كافة، وان ما يريده ترامب، نسف المرجعيات القائمة على حل الدولتين، مكافئا بذلك اليمين الصهيوني المتطرف في الكيان، وإعطاء نتنياهو هامشا وفرصة للتراجع عن أي حل.
واعتبر بأن المتطرف نتنياهو، بدأ يتصرف وفق هذا الأساس، واستغلها اليمين لملئها برؤية تقوم على التهجير، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية قرأت تصرف الاحتلال، وبدأت تتحسب من نتائجه، مبينا أن المطلوب الآن، هو استكمال هذا التوجه وتنسيق المواقف العربية والفلسطينية والدولية، وتقديم رؤية بديلة، وسحب الذرائع من نتنياهو، بخاصة بشأن مستقبل غزة في اليوم التالي.
واعتبر منصور أن الإرادة والموقف الصلب للدول العربية والفلسطينيين، والرفض العالمي، ستجبر الإدارة الأميركية على العدول عن هذه الفكرة، اذ لن يقبل أو يتعاون أحد مع مثل هذا الطرح.
مساس بصورة أميركا
بدوره، اعتبر المحلل السياسي د. بدر الماضي، أن التغيير في المواقف الأميركية ولو كان بطيئا وذا هامش محدود حتى هذه اللحظة، إلا أن ذلك مدعاة للتفحص حول ما هي الأسباب التي قد تدفع ترامب إلى مراجعة ما أطلقه من تصريحات حول تصوره لتهجير الفلسطينيين. 
وأضاف الماضي، إن من أهم الأسباب التي يمكن الحديث عنها بهذا الشأن، السمات الشخصية للرئيس الأميركي، والذي دائما ما يحاول رمي كل أوراقه على الطاولة، دون الأخذ بالاعتبار أي ردود أفعال، سواء محلية أو إقليمية أو دولية، والردود الخاصة حتى في الدائرة المحيطة به في الوهلة الأولى، ومن ثم يبدأ بتلقي ردود الأفعال. 
وأضاف "يبدو أن ردود الأفعال الداخلية الأميركية، لن تصب في صالح خطة ترامب، وحتى بين أعضاء الكونغرس الجمهوريين، لأنها لا تنسجم مع أخلاقيات أو دور القوة الأكبر في العالم. مؤكدا أن القضية الأخرى التي ستسهم بتغيير الموقف الأميركي، هي الموقف الدولي الرافض لمثل هذه السياسات، ولأي محاولة لإعادة إنتاج فترة تاريخية انتهت، وهي الفترة التي كانت تقوم على الاستعمار المباشر للدول الصغرى، وفرض الإرادة السياسية والاقتصادية والقانونية على دول أخرى في العالم، إذ إن الولايات المتحدة دائما ما كانت تعد نفسها بأنها وريثة لنظام دولي، كان مرفوضا سابقا جراء الهيمنة المباشرة، التي كانت تقوم بها وحدات سياسية غربية. 
وأشار إلى أنه إذا ما استمر ترامب بمثل هذا السلوك، فسيؤثر بشدة على مستقبل الولايات المتحدة كدولة لها هيمنتها.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق