لفتني مضمون القوائم المالية المنشورة لإحدى المؤسسات العامة الأردنية والتي تظهر أن ما يقارب من مليار و 400 مليون دينار استثمارات في سندات وصكوك حكومية أردنية، حيث تمثل 5.6 % من الدين العام الداخلي والذي يشكل قرابة 55 % من إجمالي الدين العام الكلي وفقا لأخر الإحصائيات الحكومية.اضافة اعلان
وإذا أمعنا النظر في هذه الأرقام وطرح فكرة استثنائها أو معاملتها معاملة أموال صندوق استثمار الضمان الاجتماعي من أرقام الدين العام فإن الأثر سيكون انخفاظا في الدين العام باستثناء ديون الضمان والمؤسسات العامة الأخرى من 89.2 الى 86.1 %، ومنه نستطيع أن نمول داخلياً وخارجياً المشروع الملكي الكبير مشروع الناقل الوطني والمساهمة في تعزيز رؤية التحديث الاقتصادي المنشودة دون المساس بالتصنيف الائتماني للمملكة.
قبل عدة سنوات، شهد الأردن قرارا استثنائيا تمثل في استثناء أموال صندوق استثمار الضمان الاجتماعي من نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما كان له أثر مباشر على تعزيز التصنيف الائتماني للدولة، وفتح المجال أمام المزيد من الاقتراض.
وفي ضوء ذلك، يأتي التساؤل التالي، لماذا لا يتم معاملة احتياطيات المؤسسات العامة الأخرى بنفس السياسة (المعيار)، رغم أن أموالها تستثمر وحسب قوانينها وتشريعاتها بالكامل في أدوات الدين الحكومية ؟
أوضح هنا، أنه ووفقاً للتقارير المالية الدولية، وأهمها دليل الإحصاءات المالية الحكومية (GFSM 2014) الصادر عن صندوق النقد الدولي ونظام الحسابات الأوروبية (ESA 2010)، فإن التزامات الضمان الاجتماعي لا تدرج في الدين العام الحكومي لأنها تعتبر التزامات مستقبلية مشروطة، وليست ديونا مباشرة.
وايضاً، نصت اللجنة المسؤولة عن الميزانية الفدرالية في الولايات المتحدة (CRFB) على أن الديون بين مختلف الجهات التي تقع ضمن مظلة الحكومة الأميركية (Intragovernmental Debt) يشمل التزامات الحكومة تجاه صناديقها، مثل صندوق الضمان الاجتماعي الأميركي، وبالتالي لا يتم احتسابه ضمن الدين المحتفظ به من قبل الجمهور (Public Held Debt) ونسبة هذا الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والاعتبارات المترتبة على ذلك.
وتُعرف الديون بين الوكالات أو المؤسسات الحكومية (Intragovernmental Debt) على أنها الديون التي تكون فيها الحكومة مدينة لنفسها، وغالبا ما تكون على شكل أوراق حكومية مملوكة لصناديق واحتياطيات عامة مثل صندوق أموال الضمان وصناديق أخرى تعتبر جزا لا يتجزأ من الحكومة.
وعليه لا تتأثر حجم الدين القابل للتداول، لأن هذه الأموال تدار داخل النظام الحكومي، وأن الدين الناتج عن التزامات الحكومة تجاه تلك المؤسسات العامة لا يؤثر فعليا على التدفقات النقدية الخارجية للدولة. وبذلك فإن أصول هذه المؤسسات لا تدرج ضمن الميزانية الفيدرالية، لأن الأموال المحتفظ بها هي التزام حكومي تجاه جهة حكومية أخرى، وليست ديناً فعلياً يشكل عبئاً على الدولة.
والسؤال هنا، إذا كان صندوق استثمار أموال الضمان قد استثنى من احتساب الدين العام وأن استثماراته في السندات الحكومية لا يعتبر ديناً فعلياً على الدولة، فلماذا لا يطبق الأمر ذاته على المؤسسات العامة الاخرى؟
إن استبعاد احتياطيات بعض المؤسسات العامة يؤدي إلى تضخيم غير مبرر لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وعدم اتاحة سياسة مالية أكثر مرونة في التعامل مع الاحتياجات الاقتصادية الراهنة.
0 تعليق