في تصريحات استفزازية تعكس مدى استهتاره بالقضية الفلسطينية والدول العربية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "يمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، لديهم الكثير من الأراضي هناك". بهذه الكلمات غير المسؤولة، حاول نتنياهو تحويل الأنظار عن أصل القضية الفلسطينية، مدفوعاً بالدعم الأمريكي اللامحدود، ورامياً الكرة في ملعب المملكة العربية السعودية ليجعلها الخصم والسبب في عدم قيام الدولة الفلسطينية.
هذا التصريح لم يكن عفوياً أو وليد اللحظة، بل جاء في توقيت مدروس أثناء وجوده في الولايات المتحدة، تحت جناح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ومن المؤكد أنه اطلع مسبقاً على هذا الطرح، فلم نسمع أو نشاهد أي تعليق أمريكي على هذه التصريحات غير المسؤولة! وهنا تبرز دسيسة مزدوجة، تهدف أولاً إلى فرض واقع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وأنه قادم لا محالة، وثانياً محاولة تحميل السعودية مسؤولية هذا التهجير، سعياً لإجبارها على تقديم تنازلات أو الدخول في مساومات سياسية غير عادلة.
لكن هذه الألاعيب الرخيصة لم تنطلِ على أحد، إنها السعودية، التي لطالما وقفت سداً منيعاً أمام محاولاتكم اليائسة لطمس الحقوق الفلسطينية. الشارع العربي، بكل مكوناته، يدرك جيداً أن السعودية قيادةً وشعباً كانت ولا تزال سنداً للقضية الفلسطينية ومدافعاً صلباً عن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وحقه في إقامة دولته المستقلة. الموقف السعودي لم يكن في يوم من الأيام موقفاً خاضعاً للضغوط أو للمساومة، بل هو موقف ثابت، ينبع من التزام قومي وأخلاقي تجاه القضية الفلسطينية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يحاول فيها الاحتلال طرح أفكار عبثية لتهجير الفلسطينيين، فقد سبق وظهرت مقترحات لتوطينهم في سيناء أو تهجيرهم إلى الأردن، وهي أفكار استعمارية تدل على رغبة إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية لا حلها. لكن رغم كل هذه المحاولات، لم ولن يستطيع المحتل طمس هوية الفلسطينيين أو إجبار الدول العربية على التخلي عن موقفها الداعم لهم.
نتنياهو يحاول يائساً التغطية على فشله الذريع في إنهاء الحرب التي أطلقها على قطاع غزة، والتي تحولت إلى مستنقع من الهزائم لجيشه، الذي كان يروج له على أنه "لا يُقهر"، ولكنه اليوم يواجه انهياراً معنوياً وعسكرياً، مع تراجع التأييد له داخل الشارع الإسرائيلي وانفضاض الحلفاء عنه، باستثناء الدول التي ترعى الإجرام الدولي. لكن على الرغم من محاولاته صرف الأنظار عن فشله الداخلي، إلا أن تصريحاته الأخيرة لم تلقَ إجماعاً داخل إسرائيل نفسها، حيث يواجه انتقادات من المعارضة الإسرائيلية، فضلاً عن ردود فعل دولية تستنكر هذا الطرح العنصري والمرفوض.
هذه التصريحات الإسرائيلية قوبلت برفض قاطع في الأوساط العربية، حيث أكد المسؤولون والمحللون أن مثل هذه المحاولات لن تنجح في زعزعة موقف السعودية الواضح والثابت تجاه القضية الفلسطينية. كما أن الدعم الأمريكي المستمر يظل العامل الأساسي الذي يمنح إسرائيل غطاءً دبلوماسياً وعسكرياً، مما يسمح لها بتمرير مثل هذه السياسات الاستعمارية دون أي مساءلة دولية.
السعودية، التي قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، لن ترضخ للضغوط ولن تنجر خلف محاولات تحويل الأنظار عن حقيقة الاحتلال وجرائمه. عبر التاريخ، حاول المحتلون إخضاع رقاب العرب، لكنهم فشلوا، وسيخيب ظنهم مرة أخرى إذا كانوا يظنون أن المملكة ستغير موقفها الثابت. السعودية تقدم الغالي والنفس دفاعاً عن حقوق أشقائها، لا جبراً ولا إرغاماً، بل حُبّاً وكرامةً.
0 تعليق