- نتنياهو وقادة عسكريون إسرائيليون بدأوا الحديث علنًا عن «مواجهة مباشرة»
- الاحتلال يعتبر ضرب طهران المرحلة الثالثة من معركته الحالية فى المنطقة
- تدمير الدفاع الجوى السورى جعل المجال مفتوحًا أمام طيران إسرائيل لتنفيذ العملية
- اتجاه لتنفيذ الهجوم قبل وصول ترامب البيت الأبيض فى يناير المقبل
«هل تعلمون ما الذى يخافه النظام الإيرانى حقًا؟ إنه يخاف منكم أيها الشعب الإيرانى. وفى يوم ما ستتغير إيران، أعرف ذلك».. رسالة واضحة وبعلم الوصول، وجهها بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، إلى الإيرانيين، فى محاولة لإثارتهم وتحفيزهم ضد نظامهم الحاكم فى طهران.
وقال «نتنياهو»، فى خطاب موجه إلى الإيرانيين: «لقد استثمر طغاتكم أكثر من ٣٠ مليار دولار لدعم الأسد فى سوريا. واليوم، بعد ١١ يومًا فقط من المواجهات، انهار نظامه وتحول إلى غبار».
وأضاف: «لقد استثمر طغاتكم المليارات لدعم حماس فى غزة، وأكثر من ٢٠ مليار دولار لدعم حزب الله فى لبنان. وفى غضون أسابيع، تبخر معظم القادة والصواريخ وآلاف العناصر»، مشُددًا على أن «الأموال التى سرقها طغاتكم منكم ذهبت مهب الرياح».
خطاب «نتنياهو» مثّل رسالة واضحة بأن إسرائيل لن تتوقف عن العمل ضد النظام الإيرانى، حتى داخل بلده، وأنها ستحاول إشعال الاضطرابات التى تزيح هذا النظام، داخل شوارع طهران والمدن المجاورة.
الأمر ذاته أكده اللواء تامير يداى، قائد القوات البرية الإسرائيلية السابق، الذى رأى أن «السياسة الحازمة لمنع تكرار التهديدات تلزم قدرة عسكرية عملية وحقيقية على المناورة داخل أراضى الأطراف المضادة، وتحديد التهديدات وتدميرها بسرعة وكفاءة، وبأقل عدد من الضحايا، وعبر استراتيجية استباقية أيضًا».
وأضاف «يداى»، فى حوار مع عدد من جنود القوات البرية الإسرائيلية: «الإنجازات التى تحققت فى الأشهر القليلة الماضية، وتطورات الأيام القليلة الماضية، يجب ألا تضللنا فى المقام الأول، فإسرائيل ستظل تواجه تهديدات خطيرة وبعيدة وقريبة فى المستقبل المنظور، ومع مرور الوقت، سيحين الوقت لمواجهة إسرائيلية أكثر مباشرة وشمولًا مع إيران ووكلائها، حتى البعيدين فى المنطقة».
ذلك الموقف الذى بدأ الخروج إلى العلن من قِبل إسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين، يعنى أن تل أبيب ربما أصبحت تفكر بشكل أكبر جدية فى شن حرب مباشرة ضد إيران.
وترى إسرائيل الآن أنها بحاجة للحفاظ على ما حققته من مكاسب، والانتقال من إبعاد إيران عن حدودها المباشرة إلى الخطوة التالية، وهى «كسر رأس الأخطبوط»، وفقًا لتعبير تقارير إسرائيلية.
وبعد مواجهتها المباشرة مع من تطلق عليهم «أذرع إيران»، بداية من حربها المستمرة لأكثر من ١٤ شهرًا ضد حركة «حماس» وفصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة، وقضائها على غالبية قدرات «حزب الله» فى لبنان، وتدميرها الجيش الوطنى السورى، من المتوقع أن تكون وجهة حرب إسرائيل التالية هى إيران ذاتها، وهو ما تعتبره «المرحلة الثالثة» من حربها فى الشرق الأوسط.
والحرب الإسرائيلية فى الشرق الأوسط لم تبدأ منذ العام الماضى فقط، فتحركات إسرائيل بدأت منذ حربها فى غزة عام ٢٠٢١، التى شهدت وما بعدها ارتفاعًا واضحًا فى وتيرة الأعمال الإسرائيلية ضد «أذرع إيران»، فيما يمكن اعتباره المرحلة الأولى من هذه الحرب، التى اشتملت على توجيه ضربات ليست ضد «حماس» و«الجهاد الإسلامى» وحدهما، ولكن أيضًا ضد مواقع بعينها داخل سوريا والعراق.
وبدأت دولة الاحتلال المرحلة الثانية من حربها فى الشرق الأوسط بعد هجوم السابع من أكتوبر، وذلك عن طريق توسيع عمليتها العسكرية لتشمل مواجهة «حزب الله» فى لبنان، ما يعنى الحرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية.
والآن تتجه إسرائيل إلى المرحلة الثالثة من تلك الحرب. ووفقًا لموقع «ميكور ريشون» العبرى، فقدت إيران محاورها فى المنطقة، وأصبحت تقع على خط استراتيجى فاصل، وهذا قد يدفع إسرائيل إلى التحرك ضدها وضد مواقعها النووية، مضيفًا: «ربما تفضل أن تفعل ذلك قبل دخول الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض، رسميًا، فى يناير المقبل».
واعتمدت استراتيجية الهجوم الإسرائيلى منذ هجوم السابع من أكتوبر على مبدأ «الخيول الراكضة»، الذى بموجبه لم تلتزم بـ«قواعد الاشتباك»، بل تعدت ذلك بفتح جبهة حرب مباشرة تعتمد على تدمير القوة المواجهة لها. ومبدأ «الخيول الراكضة» يعبر عن عقيدة حربية للإدارات الجمهورية الأمريكية، ويتضمن تصدير الصدمة والرعب والقصف، وإفقاد الطرف الأخر توازنه ودفعه إلى الانهيار.
وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلية، أن الإطاحة بـ«نظام آية الله» فى إيران أصبحت «على مسافة قريبة»، معتبرة أن «سرعة الرد الإسرائيلى، الذى توغل دون تردد فى عمق سوريا، يشكل علامة فارقة على ذلك».
ووفقًا لتقديرات عبرية متنوعة، يتضمن الهجوم الإسرائيلى المرتقب ضرب المراكز الاقتصادية الإيرانية، وتدمير مراكز الجيش والحكومة، وإضرام النار فى المصافى النفطية، وإغلاق شبكات المياه والكهرباء.
وتستهدف إسرائيل من وراء ذلك إحداث «فوضى حكومية»، ما من شأنه إشعال اضطرابات شعبية فى شوارع طهران، ما يؤدى فى النهاية إلى إسقاط النظام الإيرانى.
ويمكن القول إنه بعد التوغل العسكرى الإسرائيلى فى سوريا، وتدميرها أحد أكبر أنظمة الدفاع عالميًا، فتحت تل أبيب طريقًا إلى أهداف بعيدة، بما فيها إيران، التى تعرضت إلى ضربة قوية بما جرى فى سوريا.
ويفتح تدمير إيران لمنظومة الدفاع السورية فرصة لشن هجوم مباشر ضد إيران دون أى عوائق، فالمجال الجوى مفتوح أمام سلاح الجو الإسرائيلى.
وترى التقديرات الإسرائيلية أن إيران اليوم فى وضع اقتصادى صعب للغاية، فى ظل ارتفاع أسعار الخبز بنسبة ٦٠٪، مع الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى فى طهران ومدن أخرى، مشيرة إلى أن المواطنين الإيرانيين أصبحوا لا يخشون التعبير عن استيائهم، فى تطور خطير لنظام الملالى.
وتسلط هذه التقديرات الضوء على الضعف العسكرى الحالى فى إيران، لكونها فقدت ما يمكن اعتباره «دفاعها الجوى» فى سوريا، بالتزامن مع الوضع الاقتصادى المتدهور، ولعل هذا ما قد يدفع طهران إلى محاولة الوصول إلى «هدنة»، تُمكنها من استعادة محاورها فى المنطقة، وربما حتى بناء أسلحة نووية سرًا، وهو ما ستعمل إسرائيل على تجنبه بأى طريقة.
بنك الأهداف
«نطنز»
مجمع رئيسى فى برنامج تخصيب اليورانيوم الإيرانى، يقع تحديدًا جنوب طهران، ويضم منشآت تشمل محطتين للتخصيب: محطة تخصيب الوقود الضخمة تحت الأرض، ومحطة تخصيب الوقود التجريبية فوق الأرض.
وكشفت تقديرات إسرائيلية عن أن إيران كانت تبنى مفاعل نطنز سرًا، ما أشعل فتيل مواجهة دبلوماسية بين الغرب وإيران بشأن نواياها النووية، التى لا تزال مستمرة حتى اليوم. وجرى بناء محطة إثراء الوقود لتخصيب اليورانيوم على نطاق تجارى، وهى قادرة على استيعاب ٥٠ ألف جهاز طرد مركزى. ويوجد هناك حاليًا نحو ١٤ ألف جهاز طرد مركزى، يعمل منها نحو ١١ ألف جهاز تقريبًا، وتعمل على تنقية اليورانيوم إلى درجة تصل ٥٪.
ويقول دبلوماسيون مطلعون على المنشأة إنها تقع على عمق ثلاثة طوابق تحت الأرض، ولطالما دار جدل حول مدى الضرر الذى قد تلحقه الغارات الجوية الإسرائيلية بها. وتعرضت أجهزة الطرد المركزى فى محطة إثراء الوقود لأضرار من خلال وسائل أخرى، بما فى ذلك انفجار وانقطاع للتيار الكهربائى فى أبريل ٢٠٢١، الذى قالت إيران حينها إنه هجوم شنته إسرائيل.
ولا يضم الموقع محطة إثراء الوقود النووى فوق الأرض سوى بضع مئات من أجهزة الطرد المركزى، لكن إيران تخصب هناك اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل ٦٠٪.
«فوردو»
موقع لتخصيب اليورانيوم محفور فى جبل، وربما يكون محميًا بشكل أفضل من القصف المحتمل مقارنة بالمواقع الأخرى.
ولم يسمح الاتفاق الذى أبرمته إيران مع القوى الكبرى فى عام ٢٠١٥ بتخصيب اليورانيوم فى فوردو على الإطلاق.
والآن هناك أكثر من ألف جهاز طرد مركزى، وجزء بسيط منها عبارة عن أجهزة متطورة من طراز IR-٦ قادرة على التخصيب حتى ٦٠٪.
«أصفهان»
تمتلك إيران مركزًا كبيرًا للتكنولوجيا النووية على مشارف أصفهان، ثانى أكبر مدنها، ويشمل مصنع تصنيع صفائح الوقود النووى «FPFP» ومنشأة تحويل اليورانيوم «UCF» التى يمكنها معالجة اليورانيوم وتحويله إلى سداسى فلوريد اليورانيوم، الذى يجرى ضخه فى أجهزة الطرد المركزى. وتتوافر فى أصفهان معدات لصنع معدن اليورانيوم، وهى عملية حساسة بشكل خاص فيما يتصل بالانتشار النووى، حيث يمكن استخدامها فى تصميم قلب القنبلة النووية.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن هناك آلات لصنع أجزاء أجهزة الطرد المركزى فى أصفهان، ووصفتها فى عام ٢٠٢٢ بأنها «موقع جديد».
«خونداب»
شيدت إيران مفاعلًا بحثيًا يعمل بالماء الثقيل، الذى قد يسمح بزيادة التهديد النووى، إذ إنه قادر على إنتاج البلوتونيوم بسهولة، الذى يمكن استخدامه، مثل اليورانيوم المخصب، فى صنع قلب القنبلة الذرية. وبموجب الاتفاق المبرم عام ٢٠١٥، جرى إيقاف البناء، وإزالة قلب المفاعل ووضع الخرسانة لجعله غير صالح للاستخدام. وكان من المقرر إعادة تصميم المفاعل «للحد من إنتاج البلوتونيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام فى الأسلحة فى التشغيل العادى». وأبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها تخطط لتشغيل المفاعل فى عام ٢٠٢٦.
مركز طهران للأبحاث
هو إحدى المنشآت التى تشملها خطة إيران لامتلاك قنبلة نووية، وهو مفاعل بحثى.
«بوشهر»
تعد محطة الطاقة النووية الوحيدة العاملة فى إيران، على ساحل الخليج، وتستخدم الوقود الروسى الذى تستعيده روسيا بعد استخدامه، ما يقلل من خطر الانتشار. بعد مواجهتها المباشرة مع من تطلق عليهم «أذرع إيران»، بداية من حربها المستمرة لأكثر من ١٤ شهرًا ضد حركة «حماس» وفصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة، وقضائها على غالبية قدرات «حزب الله» فى لبنان، وتدميرها الجيش الوطنى السورى، من المتوقع أن تكون وجهة حرب إسرائيل التالية هى إيران ذاتها، وهى ما تعتبره «المرحلة الثالثة» من حربها فى الشرق الأوسط.
0 تعليق