عيد 16 ديسمبر الكويتي.. وعيد 25 فبراير البحريني

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم: سفير دولة الكويت لدى مملكة البحرين الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح

منذ وصولي إلى المنامة في شرف خدمة بلادي كسفير لدولة الكويت، لم أشعر أنني في أرض غريبة، بل العكس، كان شعوري أنني بين أهلي وناسي وعزوتي، لما وجدته من القيادة والشعب البحريني من كرم ومحبة وطيبة وتواضع ووفاء، جعلت مهمتي صعبة وسهلة كسفير.

صعبة لأن تاريخ البلدين صفحاته عميقة متجذرة، وسهلة برحابة الصدر والتعاون المطلق من جميع المسؤولين والمواطنين، وهذا يعكس أصالة شعب البحرين ومعدنه الطيب، وأكاد أجزم أن كل بيت بحريني داخله قلب كويتي، لما يجمع الشعبين من امتداد اجتماعي واحد، أشعرني أني أحد أفراد أسرة البحرين وكأني في بيتي خرجت من غرفة ودخلت إلى غرفة أخرى، فإن حب البحرين مرسوم في القلب قبل العين عند الكويت وأهلها، أعتبر نفسي من المحظوظين في خدمة بلدي في مملكة البحرين لما تتمتع به المنامة من حراك ومناخ دبلوماسي وثقافي واجتماعي واقتصادي تثري زميلاتي وزملائي السفراء من الخبرات والمعرفة، والذين أكنّ لهم كل امتنان وعرفان لتعاونهم وتواصلهم والاستفادة من خبراتهم ونصائحهم.

عندما أتحدث عن العلاقات الكويتية البحرينية، كأني أتحدث عن نفسي وأمام مرآة فخر واعتزاز بعلاقات البلدين، الذي يرجع بها التاريخ إلى القرن السابع عشر، حين بدأت هجرة آل الصباح وآل الخليفة والجلاهمة، حيث انطلقوا معاً من موطنهم الأصلي في الهدار في نجد إلى أن استقروا في بناء أوطانهم، والتي تحكي قصة الأخوة والصداقة والتآلف والمحبة والوقوف في السراء والضراء معاً.

وخير شاهد على العلاقات التاريخية، لايزال مسجد آل خليفة الذي شُيّد عام 1737 بمدينة الكويت، الذي أقامه الشيخ خليفة بن محمد الجد الأكبر لعائلة آل خليفة الكرام الذي يستقبل المصلين إلى يومنا هذا، وضمن المساجد التراثية في دولة الكويت، كما أن الزيارات المصورة والموثقة المتبادلة بين القادة قبل استقلال البلدين، وما قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية والامتداد الأسري والاجتماعي بيننا، ولخص هذه العلاقات والدنا حضرة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان طيب الله ثراه في مآثره الخالدة التي تجلى بها أثناء احتلال دولة الكويت عام 1990.

"هم جدهم جدي وجدي لهم جد وعيالهم هم شعره من فؤادي".

ونعتز أن سعادة السفير سليمان ماجد الشاهين يعتبر من أوائل السفراء الذي تم اعتماده لدى مملكة البحرين في سبتمبر 1971 سفيراً لدولة الكويت في المنامة.

وهذا الإرث التاريخي انعكس في التنسيق والتعاون بين البلدين على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي في جميع المجالات لاسيما الاقتصادي، حيث بدأت الشراكة التنموية منذ 21/7/1970 بمشروع مصنع إنتاج الألمنيوم بين الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ومملكة البحرين، والمساهمة في تمويل المشاريع في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية، لتعزيز التنمية المستدامة في مملكة البحرين.

والتوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظهما الله ورعاهما بدفع علاقات البلدين لآفاق أرحب، أسفرت عن توقيع أكثر من 60 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً لتعزيز العلاقات بكافة المجالات.

وإذ تمثل الاستثمارات الكويتية نسبة 23% من الاستثمارات الأجنبية في مملكة البحرين، وهذه الشراكة التنموية تؤكد ما تتمتع به البحرين من بيئة اقتصادية مرنة جاذبة وآمنة للاستثمار، إضافةً إلى أن عدد الطلبة الكويتيين الملتحقين في الجامعات البحرينية يبلغ 1025 طالباً وطالبة، يتلقون تعليمهم الجامعي في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا بالتخصصات الطبية والتربوية والمالية والقانونية والهندسية.

والأعياد الوطنية بين البلدين واحدة كأشقاء بالدم والروح والتاريخ، وتعكس حصاد ما تعيشه العلاقات اليوم بين البلدين والشعبين الشقيقين من قلوب مجتمعة ووحدة الهدف والمصير، فماضينا مشرّف وحاضرنا مزدهر ومستقبلنا واعد، ويترجم العيدين 16 ديسمبر البحريني و25 فبراير الكويتي، أفراح وصوت وصدى واحد، وبعون الله ستظل قلوبنا واحدة إلى يوم الدين.

مستذكرين معاً الموقف الثابت والأصيل لمملكة البحرين قيادةً وشعباً، مناصرةً للحق الكويتي إبان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عام 1990 واستضافة أهل الكويت بكل حفاوة استقبال وكرم ضيافة، ومشاركة قوات دفاع البحرين في عملية تحرير دولة الكويت عام 1991.

ولا نغفل ما قدمته مملكة البحرين الشقيقة خلال جائحة كورونا 2020 من تسهيل إجراءات أكثر من 1150 مواطناً كويتياً قدموا من جميع دول العالم تمهيداً لإجلائهم إلى دولة الكويت، حيث أقاموا في فنادق مملكة البحرين 40 يوماً، حيث وفرت الجهات الصحية والمعنية كافة وسائل الوقاية والحماية والتي أتت بتوجيهات جلالة الملك المعظم وقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي قام بقيادة المشهد الصحي لجائحة كورونا في البحرين بكل كفاءة واقتدار ودفع بالغالي والنفيس للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين من خلال اتخاذ القرارات الاستباقية والتنسيق والتعاون من الجهات المحلية والدولية التي كان لها الأثر الإيجابي على جميع من واجه تلك الجائحة، وقد تشرّفت بالمشاركة بقصة نجاح مملكة البحرين لمكافحة جائحة كورونا من خلال منحي وسام الأمير سلمان بن حمد للاستحقاق الطبي.

وتعجز عباراتي كيف ترتب حروفها تعبيراً عن الشكر والتقدير والامتنان على مشاعر القيادة وأهل البحرين تجاه المواطنين الكويتيين الدارسين والزائرين لمملكة البحرين الشقيقة.

إن ما جسّدته مملكة البحرين من إنجازات تنموية وديمقراطية في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، عزز مفاهيم عالمية، كاحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والحفاظ على الحريات السياسية والمدنية، والنهضة في مجال الإعلام وتعزيز الحريات واستقلالية القضاء والذكاء الاصطناعي لأغراض التنمية المستدامة.

فالإنسان في البحرين هو القصة التي تستحق الرواية والاهتمام من خلال الاستثمار في المواطن البحريني وتحسين ظروفه المعيشية ومنحه الفرصة للإبداع والتميز والثبات في جميع الميادين، من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة وخلق جيل يحمل روح المسؤولية والالتزام لرفعة وتقدم مملكة البحرين.

نشعر بالفرحة بنجاحات البحرين، فتمكنت في مجال التحول الرقمي والأمن السيبراني من التصنيف بالفئة الأولى عالمياً كنموذج رائد في مؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024، إضافةً إلى الإنجازات الرياضية البحرينية في أولمبياد باريس لعام 2024 بتحقيق 4 ميداليات لتكون الأولى عربياً في حصاد الأولمبياد، والنجاح الباهر في تنظيم دورة الألعاب المدرسية الدولية في أكتوبر 2024 لعدد 71 دولة حول العالم، مع الاهتمام بالجانب الثقافي والتعليمي من خلال "جائزة الملك حمد - اليونيسكو" لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم.

إن ما قامت به مملكة البحرين من استضافة القمة العربية الـ33، مثار إعجاب العالم بحسن التنظيم، وما حققت برئاسة جلالته حفظه الله ورعاه من جهود بذلت في تحقيق المكتسبات السياسية والدبلوماسية للمملكة، يعكس اهتمام ودعم البحرين للقضايا العربية من خلال المبادرات الحكيمة الرامية إلى تمكين الأمة العربية وشعوبها من تحقيق الأهداف والغايات المنشودة.

وإذ نؤكد بأن المبادرة السامية للدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام تعتبر خطوة مهمة في ظل التحديات التي يشهدها الشرق الأوسط، والتي تعكس حنكة ودبلوماسية جلالة الملك المعظم اللافتة لإنهاء النزاعات والحروب التي تعاني منها المنطقة والعالم، لتحقيق نظام عالمي أكثر عدالة وإنصافاً وتضامناً.

وبهذه المناسبة، أرفع أسمى آيات التهاني لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وإلى العائلة المالكة والشعب البحريني العزيز بمناسبة العيد الوطني الثالث والخمسين وعيد الجلوس الخامس والعشرين، سائلاً المولى عز وجل أن يديم الأمن والأمان والخير والمحبة لمملكة البحرين الغالية، وأن يحفظها من كل مكروه في ظل القيادة الحكيمة، وكل عام والبحرين وأهلها بألف خير.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق